كيف يتجنّب اللبنانيّون مخاطر أنظمة الطاقة الشمسيّة في الشتاء؟
صدى وادي التيم – متفرقات:
الشتاء، فصل المياه والرياح والثلج وحبّات “البرد”، فصل تحضر فيه الشمس بشكل خجول نسبيا، وفي هذه المزايا ما يشغل بال مستخدمي أنظمة الطاقة الشمسيّة في لبنان، حول ما يمكن أن يترتّب من انعكاسات ومخاطر في هذا الفصل، إن كان على مستوى الإنتاجيّة وسلامة الألواح والسلامة العامة.
فما أسباب ضعف الطاقة الشمسية شتاء، وهل من إجراءات لدعمها؟ ما المخاطر اللوجستية والتقنية المترتبة على هذه الأنطمة خلال هذا الفصل؟ وما دور البلديات وتوصياتها للمواطنين؟
الطفيلي: التصميم الصحيح وترشيد الإستهلاك
يوضح المدرب في الطاقة المتجدّدة، ومدير فرع بيروت في شركة تعنى بالطاقة الشمسية المهندس علي الطفيلي، لـ “الديار” أنّ القاعدة الأساسيّة، وأوّل ما يجب الإنتباه له في موضوع الطاقة الشمسيّة، هو عمل تصميم صحيح للألواح و البطاريات والقاعدة الحديديّة (الشيسّيه)، ما يجنّبنا أيّ مشاكل لوجستية لاحقا، خصوصا خلال الهواء القوي أو الثلج أو العواصف، فلا “تطير” الألواح، ولا تتراكم عليها الثلوج، ولا تنقطع الكهرباء، باعتبار أنّنا نضع عددا كافيا من البطاريات والألواح، بالتزامن مع تنظيم إستهلاكنا للكهرباء، ويحصر المخاطر إجمالا، بالعواصف القويّة التي “تطيّر” الألواح، في حال كانت القاعدة الحديدية غير مثبّتة جيّدا، وكذلك بإنقطاع الكهرباء لأيّام عدّة، خصوصا في الأوقات التي تخفّ فيها أشعة الشمس أو الضوء، ما يعني عدم شحن البطاريّات، لا سيّما إذا كان التصميم خاطئا، واستهلاكنا مرتفع، لكن في المقابل قد لا يحصل ذلك، في حال توفرت كهرباء “الدولة” لعدّة ساعات، وكانت البطاريّات بحالة جيدة ورشّدنا إستهلاكنا، محذّرا من مخاطر أخرى تتعلّق بالبرق والرعد، ما يستوجب تركيب نظام حماية لهذا الأمر، لكن نظرا لتكلفته الباهظة، نصح الطفيلي بفصل الألواح الشمسيّة عن الـ” إنفيرتر Inverter “لتجنّب نحو 90% من الأضرار التي يمكن أن تحصل.
أيّوب: تثبيت الهياكل الحديدية للأنظمة الشمسيّة
في هذا الموضوع، يتوقّف الباحث في مجال الطاقة في معهد عصام فارس -الجامعة الأميركية مارك أيوب، في حديثه لـ “الديار” أولا عند المخاطر التي تهدّد السلامة العامة في هذا الموضوع، موضحا أنّ الألواح الشمسية تثبّت عادة على ركائز حديدية، وإذ لم تكن ثابتة ونتيجة سرعة الرياح العالية في الشتاء، يمكن أن “تطير”، وتتسبّب بأضرار للسيارات والناس، مبيّنا أنّ طقس الشتاء عموما من مياه الأمطار والهواء والثلوج وحبّات “البرد” والصقيع، لا يؤثر على سلامة الألواح بذاتها، لأنّها مصنوعة أساسا للعمل بظروف قاسية، موصيا القاطنين في المناطق الثلجية أو المرتفعة عن سطح البحر، بتنظيف الألواح من الثلج العالق أو الصقيع كل عدة أسابيع أو كلّ شهر إذا دعت الحاجة، – تماما كما تحتاج لتنظيفها من الغبار في فصل الصيف-، وذلك كي تستقبل الأشعة بشكل أقوى، ولكن بشكل أخفّ من الصيف، فمياه الشتاء تنظّفها تلقائيا، ولا لزوم لأيّ إجراء آخر خاص بها، ما عدا تثبيت هيكلها الحديدي.
لم تضعف الطاقة شتاء؟
وفق أيّوب يدّل اسم ” Solar System”، على أنّها تعتمد على أشعة الشمس، وكلّما كانت الإشعاعات أقوى، يكون المردود والإنتاجية أعلى، وفي فصل الشتاء نتيجة وجود الغيوم، لا تكون الأشعة بنفس القوّة، فتخفّ الإنتاجية، خصوصا في المناطق والأيام والأشهر التي تظهر فيها أشعة الشمس لساعات قليلة، ولكن هذا لا يعني أنّها لا تنتج أبدا، لأنّها ليست معتمدة مباشرة على أشعة الشمس، بمعنى أنّه إذا كان هناك ضوء، ستعطي بعض الإنتاجية، ولهذا فإنّ أكثرية الأنظمة المركّبة اليوم تعتمد على البطاريات التي يتّم تشريجها، وما يحصل أنّ عملية التشريج تأخذ وقتا أطول في فصل الشتاء، لأنّ الشمس غير متوفرة دائما، موضحا أنّ لا إجراءات يمكن إتباعها لتحافظ أنظمة الطاقة الشمسيّة على نفس الإنتاجية، ولكن يمكن ترشيد إستهلاك الطاقة لاستعمالها لمدى زمني أطول، خاصة في المناطق المرتفعة والتي تتعرّض لعواصف ويمكن أن لا تسطع فيها أشعة الشمس لأيّام أو أسابيع كثيرة.
خليل: لم تعط البلديات أي دور بموضوع ترخيص ومراقبة الطاقة الشمسية
غياب الدور الرقابي للدولة في هذا الموضوع، هو ما يؤكده لـ “الديار” رئيس بلدية الغبيري معن خليل، الذي أوضح أنّ البلديات لم تعط أي دور بموضوع تراخيص الطاقة الشمسية، فالقانون أعطى الصلاحية لوزارة الطاقة فقط، بحيث يتقدّم المواطن بطلب لديها، يحوّل إلى وزارة الداخلية ومن ثمّ إلى المخفر، فيما لا تُبلّغ البلدية إطلاقا به، وهي تتدخل فقط عند حصول نزاع بين سكان المبنى الواحد نظرا لضيق المساحات على الأسطح، أو اعتراض بعض السكان على وضع الألواح، وتعمد لإيقاف عملية التركيب حتى وإن كانت مرخصة من وزارة الطاقة، وذلك حتى يتّفق الجيران مع بعضهم البعض.
المواطن هو المسؤول الأول والأخير
إلى ذلك يعتبر خليل أنّ المواطن هو المسؤول الأول والأخير عن أي مخاطر بموضوع تركيب الطاقة الشمسية، أكثر من الدولة خاصة أنّ نسبة التراخيص لا تتعدى 5%، ويترتّب عليه استشارة مهندسين وأكثر من مورّد وشركة، وكذلك التأكد من أن القاعدة الحديدية لألواح الطاقة الشمسية متينة لا سيّما خلال سرعة رياح قد تتجاوز 100 كم/ بالساعة خلال فصل الشتاء، ما قد يتسبب بسقوط الألواح والهياكل الحديدية وتكسرها وتهديدها لسلامة المارّة والسيارات والبيوت، وكشف أنّ دور المخافر يقتصر على التحقّق من ورقة الترخيص وليس لديها الصلاحيات والامكانيات للتأكد من متانة التركيب، ولا البلدية أوكلت بمراقبة هذا الموضوع، عطفا عن أنّ ذلك يستلزم جهازا فنيّا، وكلفة وأعباء إضافية على البلديات، لتعيين مراقبين من أهل الإختصاص في موضوع السلامة العامة والتمديدات الكهربائية، فيما وزارة الطاقة تكتفي فقط بإعطاء الترخيص، وليس لديها فنّيين للقيام بجولات والتحقّق من الرخص ومطابقة تركيب الطاقة للشروط .
فيما لم يستبعد خليل عند حصول أي حادث أن يتّم تحميل البلديات المسؤولية، مشدّدا ومجددا التأكيد أنّ البلديات لم تعط أي دور سواء بالترخيص أو الرقابة، عدا عن ضعف إمكانيات الكثير منها ليس فقط في المدن، بل في القرى التي تنتشر فيها أنظمة الطاقة الشمسيّة بأعداد هائلة.
مخاطر بالجملة!
يكمل خليل بعرض جملة من المخاطر، والتي تتجاوز الألواح والقواعد الحديدية، لتشمل التمديدات الكهربائية المتدلّية من الأسطح والتي يمكن أن تسبب إحتكاكا كهربائيا و”خربطة” بنظام الكهرباء في المبنى المعنيّ، خصوصا إذا كانت الكابلات موصولة بأماكن خاطئة، أو نوعيتها رديئة أو رفيعة بحيث يمكن أن تسبب حريقا يمتّد إلى أقسام أخرى من المبنى، لافتا إلى أمر آخر وهو ضرورة وجود نظام تهوئة مناسب في أماكن تخزين البطاريات، كي لا تنفجر في حال تعرّضها لحرارة عالية، وإذ يرى أنّ نظام الطاقة الشمسية هو نظام مساعد ومساند وليس بديلا عن الكهرباء، يؤكّد أنّه تحوّل اليوم في لبنان إلى المصدر الأساس للكهرباء، فيما البديل الثاني أصبح الإشتراك، والثالث “كهرباء الدولة” المفقودة اليوم، فأصبح الضغط كلّه على الطاقة الشمسية.
ومن عوامل الخطر وفق خليل ما يتعلّق بالفنيّين العاملين بهذا المجال، والذين يتزايد عددهم نتيجة الطلب الكبير على تركيب الطاقة الشمسيّة، وأغلبهم للأسف يكتسبون خبرتهم من خلال التعلّم التجربة وليس من خلال التعلم المنهجي، لذلك تقيم بلدية الغبيري بشكل مستمر دورات تدريبيّة لتعليم التقنيات والمبادىء الأساسية الخاصة بهذا الموضوع، معتبرا أنّ افتقاد الكثير من العاملين في هذا الحقل اليوم، لأيّ نوع من الخبرة قد يكون سببا في وقت لاحق بكوارث لأنظمة الطاقة الشمسيّة وللأماكن التي تركّب فيها، وبخسارة أموال طائلة لأصحابها.
خلاصة القول.. كما سواه من الأدوار الطارئة في حياة اللبنانيّ، لا يبتعد دوره الخاص بحماية النظام الشمسي الخاص به، وذلك حفاظا على سلامة الأرواح من جهة، وتجنّبا لخسارات ماديّة من جهة ثانية، لا سيّما في ظلّ فوضى عارمة تعمّ هذا القطاع، وغياب فاقع للأجهزة الرقابية سواء الأمنية أو الوزاراتية المعنيّة.. وما على الرسول إلّا البلاغ!
يمنى المقداد – الديار