أول شوط “للشيطان” وفي حال “الاستعصاء” الاتجاه دُر نحو “العماد”
صدى وادي التيم-أمن وقضاء/
هناك قول مأثور: “اعمل لدنياك كأنك تعيش ابداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً” .
اذا استخدمنا هذه الهندسة الحياتية الزمنية لهذا القول في ايامنا هذه في لبنان، يمكننا في هذه الظروف الصعبة التي لم يشهد لبنان مثيلاً لها منذ مئة عام، أن نقول :اعمل للترسيم البحري وكأن الثروة حاصلة من الآن والى ما شاء الله، واعمل للانتخاب الرئاسي، وكأنك ستنتخب رئيساً غداً إن شاء الله…
ما حصل في أول جلسة برلمانية لانتخاب رئيس جمهورية، يوم الخميس الماضي في منتصف المهلة الدستورية، أظهر مشهدية أولية عن عدم قدرة أي من الأفرقاء الثلاثة: الممانعة، السياديون، التغيريون والمستقلون على انتخاب رئيس في المدى المنظور، بغض النظر عن تراص الممانعة بورقة بيضاء ( ٦١+ ٢=٦٣)، وانقسام في القوى الأخرى “من ٣٦ الى ٤٠ صوتاً لميشال معوض، و١١ صوتا تغييريا لسليم ادة ، و ٨ اصوات (كتلة الاعتدال+٢) لإسم لبنان، وصوت لـ “لنهج رشيد كرامة” وصوت لـ “مهى أميني”.
لكن ما حصل يشير أيضا الى أن ما يسمى لعبة “الحرق والبديل والأصيل”، لا ولم تظهر في هذه الجلسة الأولى التي حرصت اوساط سياسية مطلعة على وصفها فقط بجلسة بالون الاختبار ليس إلا، وكما كنا نسميها عندما كنا أطفالا بلعبة الورق، بأن اول شوط من اللعبة هو “للشيطان” ثم كنا بعدها نبدأ بالجد، ومن هنا، تقول أوساط لـ “ليبانون فايلز”: يمكن للمرشحين الجديين أو المكتملين، أن يعملوا من الآن فصاعدا، وكأنهم سينتخبون غدا. وبالتوازي يجري عمل آخر في مكان آخر، وملخصه العمل للترسيم الحدودي البحري وكأن الثروة حاصلة وعمرها طويل. ولقد ذكرت الأوساط الترسيم والرئاسة، لتؤكد أن عوامل عدة لها، وأكثر من أي وقت مضى، ارتباط أو تأثيرات في الشخصية التي ستنتخب رئيسا للجمهورية، ومنها :
-على المستوى الاقليمي، الترسيم البحري بين لبنان والاسرائيليين، وتشعبات هذا الملف، الأوروبية والاسرائيلية والأميركية، وحتى الايرانية والروسية، والاقتصادية الاستراتيجية في شكل عام.
ومن العوامل أيضا:
-الخلاصات الرقمية والسياسية التي استنتجتها دوائر الدبلوماسية، خصوصا الفرنسية والسعودية والاميركية، من مجريات ونتائج اول جلسة للانتخاب الرئاسي، إن بالنسبة الى اسماء تعرف بالسياديين كمثل اسم ميشال معوض، أو في المقابل، بالنسبة الى ما يشدد عليه احد اركان ٨ آذار رئيس البرلمان نبيه بري الذي يعطي الوصفة لتحقيق انتخاب الرئيس، وهي ان يكون الاسم مرشح التوافق او يؤمن التوافق او يتم التوافق عليه من اجل انتخابه رئيسا للجمهورية.
ومن العوامل المهمة تلفت الاوساط السياسية:
ما حصل حتى الآن، يحتم التواصل بين الخارج والداخل، من اجل الحؤول دون إطالة فترة الشغور الرئاسي في حال لم يتم انتخاب الرئيس ضمن المهلة الدستورية التي تنتهي بـ ٣١ تشرين الأول، وبالتالي تؤكد الأوساط، تصاعد وتيرة الاتصالات الفرنسية، ببيروت وعواصم اقليمية، وكذلك تحركت الدبلوماسية الأميركية من الاستطلاع الى الاتصالات، في وقت يستمر السفير السعودي الموجود في لبنان، في توسيع مروحة لقاءاته المعلنة وغير المعلنة.
كذلك، ومن جديد دخل على خط الاتصالات بالأفرقاء في لبنان، السفير المصري الذي عاود حركته، وهو التقى وليد بك والحزب الاشتراكي..
الاوساط السياسية تؤكد ايضا، ان استخدام مصطلح “حرق أسماء” ليس في مكانه في هذه الأيام بالذات، فلا اسم ميشال معوض احترق بمجرد حصول اول جلسة ونيله من ٣٦ الى ٤٠ صوتا (لأن ٣ غائبين يصوتون له، واحد النواب كتب اسم معوض بالفرنسية) ، ولا اسم نعمة فرام احترق، لأنه متداول، وكذلك لم يحترق اسم صلاح حنين بمجرد أن أنزل ١١ نائبا تغييريا اسم سليم ادة بدل صلاح حنين، علما أن سليم إدة كرر ويكرر أنه ليس أبدا مرشحا للرئاسة. في حين، وبحسب معلومات “ليبانون فايلز”، أن اسم صلاح حنين مطروح في شكل متقدم وجدي، وعلى سبيل المثال، فإن الحزب التقدمي الاشتراكي- اللقاء الديمقراطي، الذي صوت لميشال معوض الى جانب القوات اللبناني والكتائب والسياديين الآخرين وبلال حشيمي وغسان سكاف، فنواب وليد بك جنبلاط يمكن أن يصوتوا لاحقا لصلاح حنين، وبرأيهم لأن خيار معوض لا يستطيع تأمين الأصوات اللازمة.
لكن الاوساط المطلعة، ترى بقوة، أن تصاعد الاستعصاء في انتخاب رئيس للجمهورية، وفي حال تفاقمت الأوضاع العامة وتعطلت ( بديهياً) امكانات حسم الانتخاب الرئاسي بالأرقام المطلوبة واللازمة، وتعطلت لغة “التوافق”، فإن الاتجاه در، نحو الشخصية التي يمكن ان تحظى بقبول داخلي “على مضض، أو مش ع مضض”، وبإحاطة خارجية، ألا وهي العماد قائد الجيش جوزاف عون، وبما يمنع إطالة أمد الشغور الرئاسي.
وفي الانتظار، عادت وتيرة الاتصالات واللقاءات الى زخمها، من اجل الوصول الى تأليف حكومة وقبل الاسبوعين الأخيرين من انقضاء المهلة الدستورية للانتخاب الرئاسي، علما أنه بدءا من ١٩ تشرين الأول، يكون البرلمان تحول حصرا وانعقادا لازما لهيئة انتخابية رئاسية، مع الاشارة الى ان الرئيس بري وبعض مفسري الدستور، ونقول بعضهم، يرون انه في الامكان تأليف حكومة خلال الفترة حتى ١٩-٢٠ تشرين الأول..
اللواء عباس ابراهيم استأنف حركته المكوكية والاتصالات تنشط على المسار التأليفي… و”العمل قائم وكأن الهدف محقق غداً”.