الصورة حين تلاحق الواقع…
صدى وادي التيم-لبنانيات/
تجدون في عدد شهري تموز/آب ٢٠٢٢ من مجلة_الجيش:
هي أيضًا تناور من الدبابة وترمي من المدفع
وظفت مديرية التوجيه في الجيش اللبناني كل طاقتها لنقل صورة مناورة Fire Fist 2022 التي نفّذتها الكلية الحربية في جرود العاقورة، فلاحقت كاميراتها أدقّ التفاصيل مؤمنة بذلك سجلًا حيًا يُستفاد منه وليس مجرد تغطية إعلامية.
«الاستخدام الكثيف لسلاح الجو المتمثّل بالطوافات Super Tucano وGazelle وMD530 والـCESSNA، بالإضافة إلى طوافات النقل مثل الـHUEY وغيرها والأسلحة الثقيلة المستخدمة على الأرض، تقضي بأن يكون وجودنا كمديرية توجيه ضخمًا لتغطيتها بأكمل وجه ومن دون إهمال أي تفصيل» يقول رئيس قسم البرامج والتصوير العقيد الركن نزيه جريج. وهو يوضح أنّ هذه التغطية استلزمت تحضيرات مسبقة لوجستيًا وتقنيًا.
توثيق شامل
تم استخدام سيارتَين للنقل المباشر SNG مع نحو 9 مصورين بين تصوير فوتوغرافي وفيديو، بالإضافة إلى عدد من الـGoPro وُزّعت على مختلف الأسلحة المشارِكة الأرضية منها والجوية لنقل العملية عن قرب بوضوحٍ أكبر، كما تم استخدام الـFlying Cam. وبما أنّ المناورة كانت مقسّمة على عدة مراحل ومحاور، وُضعت في كل محور كاميرا تتولى رصد ما يحدث فيه منذ بدء العمليات وحتى احتلال الهدف أو تدميره. وبهذا، كان بحوزة المديرية في نهاية المناورة كمية كبيرة من الصور الفنية التي وثّقت المناورة بأفضل طريقة ممكنة.
جعل المُشاهد يعيش المناورة بكل تفاصيلها كما لو أنّه في الميدان، اقتضى أن نعتمد التصوير على مختلف أنواع الأسلحة المستخدمة. وهذا ما فعلناه، فقد وزّعنا على مختلف الأسلحة. وحيث يصعب وجود المصورين كما على الطوافات مثلًا تم ربط كاميرات على صدور العسكريين أو على سلاحهم أو آلياتهم، وهؤلاء تلقّوا التعليمات اللازمة حول استخدام الكاميرات، وجهزت لهم طواقم المديرية الإطار الذي يجب أن يتم التصوير من خلاله وفق ما يخبرنا رئيس فرع البرامج في مديرية التوجيه الرائد رئبال تمراز.
عملية ناجحة بامتياز
كانت عملية النقل المباشر ناجحة بامتياز، وذلك بفضل مشاركة مديرية التوجيه في تجربة المناورة التي جرت قبل يومين من تنفيذها وفق رئيس فرع النقل المباشر في مديرية التوجيه الرائد جورج جبور. هذه التجربة سمحت بمعرفة تفاصيل السيناريو وبالتالي كيفية تركيز الكاميرات. وفي يوم المناورة، كانت فرق التصوير جاهزة في الموقع منذ الساعة الخامسة والنصف صباحًا بسيارتَين SNG الأولى للنقل المباشر من المدفعية التي كانت متمركزة في مكانٍ غير مرئي من المنصة، والثانية بالقرب من المنصة تُعنى بنقل المشاهد الأخرى.
في ما يتعلّق بالتقاط صور مناورات القوات الجوية التي كانت رماياتها تنطلق من فوق المنصة حيث لا يستطيع الجالس مشاهدتها بالعين المجرّدة، يؤكّد الرائد جبور أنّ الكاميرات الموصولة بالـSNG التقطتها وبثّتها على الشاشة ليتمكّن الحضور من رؤيتها. ومن هنا تظهر أهمية النقل المباشر. ويشير إلى أنّ أبرز الصعوبات التي يمكن أن تواجه هذا العمل هو حصول عطل تقني أو فني، ولكنّ كل شيء سار على ما يرام بفضل التحضيرات المسبقة.
الكاميرا المنصفة
بحماسةٍ واندفاع تسلّح المصورون بكاميراتهم وانطلقوا لتنفيذ المهمة التي يدركون مدى أهميتها، وفي هذا السياق يقول المعاون أشرف هلال: «مناورة العاقورة كانت مهمة وحساسة في الوقت نفسه لأنّها المرة الأولى التي يشارك فيها العنصر النسائي، لذلك كانت مسؤوليتنا كبيرة تجاه إنصاف الإناث وإظهار مدى براعتهن في تنفيذ مختلف المهمات الموكلة إليهن. ولإظهار الصورة بأفضل طريقة ممكنة عملنا بتنسيقٍ تام حتى لا يفوتنا أي مشهد. من جهته، يؤكّد الرقيب أول جوليان طربيه أنّه استطاع تخطي الصعوبات التي واجهته أكان لناحية الشمس القوية والمحرقة أم لجهة تعذّر رؤية شاشة الكاميرا بسبب قوة لمعانها، فقد تمكّن من تنفيذ واجبه بأفضل صورة. ويضيف: «لقد قمنا بتصوير عملية الـExtraction التي تتم للمرة الأولى من خلال تقسيمها إلى ثلاث جهات: اليسار، الوسط ثم اليمين. أنا صوّرت من ناحية اليسار وزملائي صوّروا النواحي الأخرى، وهكذا نقلنا بالصور العملية بالكامل من دون إضاعة أي تفصيل فيها».
يشير الرقيب روي الحلو إلى أنّ صعوبة التصوير الفوتوغرافي تكمن في ما يتطلبه من سرعة، لكنّه يقول: «نملك الخبرة والسرعة الكافيتَين لالتقاط أجمل الصور وأنجحها». التصوير في هذه المناورة كان التجربة الأولى من نوعها للرقيب أنطوني تقلا الذي شعر بمسؤوليةٍ كبيرة، مع ذلك فهو يؤكّد أنّها كانت تجربة أولى ناجحة له وأنّه اكتسب منها خبرات متنوعة يحملها معه في أي مهمة يُكلّف بها مستقبلًا.
الفريق شخص واحد
منذ أربع سنوات، اعتمدت مديرية التوجيه فكرة التصوير ضمن حضائر في المناورات. ويوضح الرائد تمراز: «صحيح أنّنا لم نتابع دورات متعلقة بالتصوير القتالي الذي يختص بتصوير المعارك على الأرض، لكنّنا بتنا نملك الخبرة بفضل التمرس. وهو يشير إلى أنّ تصوير المناورة يختلف بالطبع عن تصوير المعركة الحقيقية».
أما عن وجوده على الأرض بالقرب من المصورين في أثناء التغطية الإعلامية فيقول: «إن طلبتُ من المصور القيام بعمله من دون أن أختبر على الأرض كيف تتم العملية فلن أحصل على الصور التي أردت منه التقاطها. العمل الجماعي برأيي هو أساس نجاح أي عمل يمكن أن يقوم به الإنسان. الشخص بمفرده لا يمكن أن يكوّن فريقًا ولكنّ الفريق يمكن أن يكون شخصًا واحدًا، وهذا ما حصل في هذه المناورة».
«استطاعت مديرية التوجيه اختصار المناورة بفيلمٍ قصير يليق بضخامة المهمة التي أوكِلت إليها ويليق بحجم هذه المناورة أيضًا» يقول العقيد الركن جريج منوهًا بأداء الضباط والعسكريين في أثناء تغطيتها.
Logo المناورة
في الـlogo الخاص بمناورة الكلية الحربية، اعتُمد الدرع وهو رمز الدفاع، بينما يرمز السيفان المتشابكان إلى الهجوم. ويدل تشابك السيفين على التعاون والتنسيق بين الضباط والرتباء والأفراد، فأحدهما هو سيف الضباط والآخر سيف الرتباء (عليه 3 إشارات). بدأت الفكرة منذ العام الماضي بسبب مشاركة التلامذة الرتباء في المناورة، وتابعت هذا العام إذ ثمة مشاركة للرتباء وإن لم يكونوا تلامذة. تبقى القبضة، وهي رمز الكلية الحربية لكنّها إلى الأمام نحو المشاهد بدل أن تكون للأعلى. وعن يسارها ويمينها أجنحة من نار للدلالة على مشاركة القوات الجوية. ولأنّ المناورة اسمها fire fist 2022 اعتُمدت النار على الأجنحة.
ألوان اللوغو في العام الماضي كانت جديدة، أما هذه السنة فقد بهتت قليلًا باعتبار أنّه خاض الاختبار في العام الماضي وأصبح قديمًا، ولذلك يُلاحظ وجود تجعدات في الدرع.
عنصر أنثوي
شاركت الرقيب أول غرايس صروف في تغطية المناورة، وهذه أول تجربة لها على هذا المستوى من الأهمية. وفي هذا الصدد يؤكّد رئيس قسم البرامج والتصوير العقيد الركن نزيه جريج: «حين أرسلناها للمهمة كنا متأكدين وواثقين من قدراتها وطاقاتها. ولكنّنا تفاجأنا باندفاعها وشغفها اللذين لمسناهما على الأرض”. لم يكن هناك تفرقة في التعاطي بين مصور ذكر أو أنثى، فالرقيب أول صروف التي شاركت في التصوير مع مجموعة المدفعية، كانت على قدر الثقة واستطاعت القيام بالعمل كأي مصور متمرّس. في أي حال هذه ليست المرة الأولى التي تعتمد فيها مديرية التوجيه على مصور أنثى إذ يتضمن طاقمها إناثًا كفوءات.