شاب لبناني يُمكّن الكمبيوتر من فهم الأحاسيس.. والتلحين
فكرة البحث انطلقت من نقاش بين خريج كلية الهندسة وصاحب البحث رالف عبود وأستاذه. فقد عرض تكلي على عبود فكرة معالجة البيانات عبر النصوص لفهم الأحاسيس. بينما طرح عبود استغلال خبرته الموسيقية المضافة إلى خبرته الهندسية. ثم قررا البدء ببحث يجمع بين الطرحين.
يشرح تكلي لـ”المدن” كيفية تحقيق الإنجاز، فيقول: “عادة ما ينقل الكمبيوتر المشاعر من دون فهمها. ونحن لم نتصور يوماً أن تتمكن الآلة من الشعور، لكننا أردنا أن تفهم ما نشعر به. فزودنا الكمبيوتر بالداتا اللازمة من دقات موسيقية، وربطناها بالأحاسيس التي تعبر عنها (فرح، حزن، غضب…). وبرمج الكمبيوتر ليفهم مشاعر الإنسان إن من خلال نص أو حركات الوجه وغيرهما. وليتمكن من بعدها من تأليف وعزف الألحان التي تعبر عن هذه المشاعر. ويعمل الكمبيوتر، كما يعمل الملحن الموسيقي، أثناء التأليف، فيجمع النوتات حسب القوانين الموسيقية”.
هذا البحث مكن الكمبيوتر من تأليف لحن مدته دقيقة خلال نحو دقيقة واحدة. أي بسرعة تفوق سرعة الإنسان بأشواط. فمثلاً يمكننا تركه يعمل بمفرده ليلاً والحصول على نحو 300 لحن مختلف. ومن شبه المستحيل أن يخلق اللحن نفسه، وفق تكلي، لكن التحدي يكمن في تجنب ابتكار ألحان متشابهة عبر تطوير البرنامج. وقد عرضت الألحان أمام الجمهور، الذي تفاجأ ولم يستطع التمييز بين الألحان التي عزفها انسان وتلك التي عزفها الكمبيوتر.
لكن هذا الإنجاز يشكل خطراً يهدد الموسيقيين بالبطالة، خصوصاً أنه ينافسهم بقدرته على الإبتكار وسرعته وقدرته على معالجة الأحاسيس. فمثلاً يمكن للكمبيوتر، ولدى الحصول على كلمات أغنية، أن يفهم المشاعر التي تعبر عنها وأن يلحنها بمفرده. وهو نقاش طرح مع الموسيقيين الذين شاركوا في البحث. فجوزيف خليفة، الذي ساهم أثناء البحث في توضيح كيفية تأليف الموسيقى ليمكن البرنامج من القيام بذلك، شدد على خطره في القضاء على فرص العمل في المجال الموسيقي، كما ينقل عنه تكلي. أما الملحن جان ماري رياشي فكان أكثر تفاؤلاً من خليفة. واعتبر البرنامج مفيداً، إذ قد يتمكن من مساعدته في إكمال الألحان التي يكتشف رياشي مطلعها. ما يمكنه من إنهاء عمله بشكل أسرع، ويوفر عليه الوقت والجهد. ما يسمح له بالابداع أكثر، خصوصاً أن الابداع يكمن في إيجاد مطلع اللحن، وفق رأيه.
يأسف تكلي لأن من يديرون البلد لا يعلمون بالكفاءات الموجودة فيه. لكن، ورداً عن سؤال حول قدرة لبنان على مواكبة التطور العلمي وتحديداً في موضوع الذكاء الإصطناعي، يجيب أن تجربتهم أكدت أن باستطاعة لبنان لا أن يواكب فحسب، بل أن يكون سباقاً. فمشاركة بحثهم في مؤتمر عالمي تعني أن الإختراع سبق الآخرين في هذا المجال، وهو الأكثر تطوراً في نوعه.
أما عن مستقبل البحث واستمرار تطوره، فالأمر متوقف على رغبة عبود وقدرته على الاستمرار فيه. وهو ما يبدو صعباً حالياً نتيجة انشغاله في دراسة الماجستير ومن ثم الدكتوراه في جامعة أوكسفورد. أو يمكن تطويره في حال رغب أحد الطلاب الآخرين في استكمال ما بدأه عبود. لكن الصعوبة تكمن في ضرورة معرفة الطالب بمجالي الهندسة والموسيقى في آن معاً. ما يعني صعوبة إكماله أقله قريباً في لبنان. وهو ما قد يريح الموسيقيين الذين ربما بات عليهم البحث عن مهنة أخرى، إن أمكن، قبل حلول الذكاء الاصطناعي مكانهم.