معامل “مشبوهة” تهدّد قطاع الألبان والأجبان…

صدى وادي التيم-لبنانيات/

لبنان يسرع الخطى نحو الانهيار الكبير الذي لطالما حذَّرت منه معظم المؤسسات المالية الدولية في تقارير متلاحقة، فضلاً عن معظم الخبراء الاقتصاديين والماليين. وما تفلُّت سعر الدولار وقفزاته المتسارعة في الأيام الأخيرة ومشارفته على الـ37.000 ليرة، أمس الأربعاء، وارتفاع سعر صفيحة البنزين نحو 50.000 ل.ل. خلال الثلاثة أيام الماضية، لتبلغ أمس 666000 ل. ل. للبنزين 95 أوكتان، و682.000 ل. ل. للبنزين 98 أوكتان، سوى نذراً قليلاً مما ينتظرنا في المقبل من الأيام.

ولا شك أن مختلف القطاعات الإنتاجية تكابد، في ظل هذا الواقع، للاستمرار والصمود، لكن إلى متى؟ إذ مهما كانت قدرة أي مؤسسة، صناعية أو تجارية أو زراعية أو سياحية أو غيرها، على المواجهة، لم تترك الأزمة المتدحرجة منذ انفجارها في تشرين الأول العام 2019 إمكانيات كافية للاستمرار. ومن بين هذه القطاعات، قطاع إنتاج الألبان والأجبان وتصنيع مشتقات الحليب على أنواعها، المقبل على كارثة محتَّمة ما لم تُتَّخذ إجراءات معينة تساعدها على الصمود.

ويؤكد الكثير من أصحاب معامل الأجبان والألبان ومربّي الأبقار والماعز والأغنام، لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أنهم “على مشارف الإفلاس وإقفال مؤسساتهم، مع ما يستتبع ذلك من مصير مؤسف لآلاف العائلات التي تعتاش من هذا القطاع، جرّاء دفع مئات العمال والموظفين إلى أتون البطالة”.

ويشيرون، إلى أن “عشرات المزارع والمصانع الصغيرة والمتوسطة أقفلت خلال الشهرين الماضيين، والسلسلة متواصلة، إذ نشهد يومياً إقفال أكثر من مزرعة أبقار أو مصنع لإنتاج الألبان والأجبان، خصوصاً في ظل المنافسة غير الشرعية وغير الشريفة التي يتعرض لها المزارعون والصناعيون، وسط غياب أي حضور للدولة والوزارات المعنية الغائبة عن السمع”.

ويلفتون، إلى أن “المسؤولين يصمّون آذانهم عن سماع صرخات المزارعين والصناعيين، أو يتحجَّجون بضعف الإمكانات وإضراب موظفي القطاع العام، وغلاء المحروقات وتكاليف النقل، وما شابه، لمتابعة التفلُّت الحاصل في السوق، ومن بينهم مراقبو وزارة الاقتصاد، الذين لا تسمح أعدادهم المتواضعة أساساً بمراقبة فعّالة في ظل الأوضاع الطبيعية، كم بالحري في ظل الأوضاع الاستثنائية وحالة الهريان التي نعيشها؟”.

ويكشف هؤلاء، لموقع “القوات”، عن أن “أحد المعامل (المشبوهة) في منطقة البقاع، يبيع نصف كيلو اللبنة بـ20.000 ل.ل، فيما كلفة الحليب لتصنيع نصف كيلو لبنة تبلغ نحو 40.000 ل.ل على دولار بـ36.000 ل.ل. علماً أن هذا للحليب فقط، من دون احتساب تكاليف التصنيع والتبريد والنقل، من فواتير للكهرباء واشتراكات للمولدات والمازوت والبنزين، فضلاً عن اليد العاملة. وهذا كله قبل وضع أي نسبة أرباح للمصنع”.

ويشددون، على أنه “في أي قواعد اقتصادية أو مالية وأي طريقة احتساب تُعتمد، وبأي أسلوب للمنافسة، لا يمكن أن يكون ما يحصل مشروعاً وشرعياً، بأي طريقة كانت. وبالتأكيد، هناك أمور مشبوهة تحصل على هذا الصعيد لأهداف لا ندري ما هي؟ فهل الهدف تدمير هذا القطاع؟ ولمصلحة من؟ أو ربما هناك عمليات تبييض تجري تحت هذا الستار؟ لا ندري، ومسؤولية الدولة وأجهزة الرقابة أن تجيب عن هذه الأسئلة المشروعة، لا مسؤولية المزارع والمنتِج الذي يعمل تحت سقف القانون ويحاول الصمود من دون أي دعم”.

ويؤكد أصحاب مصانع الألبان والأجبان، أن “الكارثة لم تعد في وضع المحتملة، بل باتت محتَّمة، تبعاً لما بدأنا نلاحظه في الأيام الأخيرة من حركة السوق. وعلى سبيل المثال، عشرات المحلات الصغيرة والمتوسطة والميني ماركت، لم تعد تطلب بضاعة أو خفَّضت الكميات إلى حدود دنيا. ففي جولة لمندوبي التوزيع على نحو 100 محل وميني ماركت مثلاً لعرض وتنزيل البضاعة، نحو 10% أو 15% فقط منها، في أحسن الأحوال، تستقبل كمية محدودة جداً، بالقطعة، من اللبن واللبنة والجبنة وغيرها”.

ويلفتون، إلى أن “عدداً كبيراً من أصحاب المحلات والميني ماركت باتوا يعتذرون عن طلب الأجبان والألبان أو قبولها، نتيجة تلف البضاعة بسبب أزمة الكهرباء المعروفة وكلفة الاشتراك بالمولدات التي باتت بالدولار النقدي، بما لا طاقة لهم على تحمُّله. علماً أنه حتى أصحاب المولدات باتوا ينفِّذون تقنيناً قاسياً يصل إلى نحو 8 ساعات في الـ24 ساعة في بعض المناطق، ما يعرّض البضاعة للتلف حُكماً. بالتالي، من المنطقي أن يفضِّل أصحاب المحلات والميني ماركت إطفاء برادات الألبان والأجبان والاستغناء عنها في محلاتهم، على استمرارهم في تكبُّد الخسائر”.

ويشدد أصحاب مصانع الألبان والأجبان، على أنه “في حال استمر الوضع على ما هو عليه، الأمر المرجَّح للأسف، فإن مئات المزارع والمصانع ستقفل أبوابها حتماً، ولن يبقى في السوق سوى بعض الشركات والمصانع الكبرى التي يمكنها تحمُّل الخسارة أكثر”.

ويلفتون، إلى أنه “لن يكون مستغرباً في المستقبل القريب، انتفاء وجود مشتقات الحليب على أنواعها في معظم المحلات والميني ماركت، واقتصارها على بعض السوبر ماركت الكبرى التي تملك إمكانيات تسمح لها بتشغيل براداتها طوال اليوم، سواء من خلال مولداتها الخاصة، أو من خلال ألواح الطاقة الشمسية التي تقوم بتركيبها”.

ويضيفون، “بينما أصحاب المحلات والميني ماركت، قد لا يملكون كلفة تركيب وسائل إنتاج الطاقة البديلة، أو لا يخاطرون بصرف أموال يفضّلون الاحتفاظ بها للاستمرار والصمود في الظروف الحالية، خصوصاً في ظل انسداد الأفق في الوضع عامةً”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى