صراع القرى على المياه حتميّ… والأهالي يصرخون

صدى وادي التيم-لبنانيات/

المياه تدخل على خط صراع القرى
البلدات عطشى، والحلول مجتزأة، والتعدّيات على الشبكات «على مدّ العين»، أما الناس فالمياه لا تصل الى منازلهم ويتكبّدون ثمن شرائها، فيما النافذون ينعمون بالمياه، والسؤال لماذا؟

ليس مستبعداً ان ينفجر صراع القرى على المياه، لا سيّما بعد فشل كلّ محاولات إصلاح الخلل، وزاد الطين بلّة حجم تعديات النافذين على الشبكة ولا يجرؤ أحد على إزالتها في وقت قرى النبطية عطشى. مصلحة مياه نبع الطاسة نشرت تفاصيل حول أسماء المتعدّين، وعلّلت سوء الخدمة بحجم التعديات، ولكنّها لم تقمع المخالفات، لأن المتعدّين بمعظمهم محسوبون على الأحزاب، فمن يجرؤ على المسّ بهم يقول الناشط وسيم بدر الدين الذي يرى أن أزمة المياه في مدينة النبطية باتت قاسية جداً على أبناء المدينة، فهم يعانون الويلات، فالمياه مفقودة، والآبار لا تلبّي حاجة الناس. إذاً دخلت القرى والبلدات الجنوبية في نوبة قلق من فقدان المياه، فالأزمة يشتدّ خناقها رغم كل محاولات الالتفاف عليها بطاقة شمسية من هنا، وخط خدمة الـ24 من هناك، وتوفير هبة المازوت الإيراني من ناحية أخرى، كل ذلك لم يضع حلّاً لأزمة مياه القرى، وقد دخلت في صراع خطير، ولا أحد يستبعد انفجاره في أي لحظة، لا سيّما مع فقدان الأهالي القدرة على شراء المياه التي تخطّت المنطق والعقل وسط فورة الغلاء والفواتير وغضّ المعنيين النظر عن معاناتهم.

بات واضحاً حجم المأساة في القرى، فالمياه عصب الحياة مقطوعة، في حسابات الأهالي فإنهم يتحمّلون فقدان الكهرباء وتقنينها، ولكن فقدان المياه فهذا أمر مستحيل. علّقوا آمالهم على تشغيل الآبار عبر نظام الطاقة الشمسية، استبشروا خيراً بقرب الفرج، لكنّ آمالهم خابت وصرخات أهالي حبوش المطالبة بالمياه خير شاهد، فالتغذية مقطوعة في البلدة منذ أسبوع تقريباً، والبئر التي تتغذى من الطاقة «معطلة» وباقي الآبار خارج الخدمة لفقدان المازوت، وفق التعليل والتبرير. أعذار لم توفر للأهالي المياه، وهم يحمّلون البلدية وشركة المياه مسؤولية تدهور التغذية مؤكدين عجزهم عن تأمين المياه عبر الجرّارات أسبوعياً، فهي باتت باهظة الثمن وتتطلب راتباً خاصاً يتخطى الـ3 ملايين، «وهي خارج قدرتنا» يقول عباس الذي لا يترك باباً إلا ويطرقه لمعرفة الخلل من دون جدوى.

باتت أزمة مياه القرى تشبه أزمة طاقة أوروبا على حد وصف محمد، ساخراً من تدهور حال المياه الى ما دون المستوى، ولا يخفي قلقه من أن يتناحر الأهالي في ما بينهم على المياه، «فالناس يعيشون القلة ولا تنقصهم أزمات»، مؤكداً أنه بات يستدين لشراء المياه «ولكن لن أستمرّ طويلاً».

ليست حبوش وحدها تعيش واقعا مأسوياً، فأيضاً الشرقية وقد خرج شبابها للمطالبة بالمياه بعد انقطاعها لأيام عن المنازل، فالمياه باتت بالقطارة إن حضرت، وتخضع لحسابات «المحسوبيات»، في لغة التقنين فإن المياه يفترض أن تضخ مرتين في الأسبوع، غير أن تلك الآلية غير متوفرة حالياً، فتحويل المياه الى القرى يخضع أيضاً لنظام المناطقية، وهو ما بدأ يخرج للعلن كباشاً وجدالاً، وقد يتطوّر الى صراع حتمي، وبحسب الأهالي «لماذا هناك قرى تصلها المياه بانتظام وقرى تعاني تقنيناً حاداً؟» وبحسب المعلومات، فإنّ في حاروف سكراً مقفلاً يمكنه حل أزمة مياه البلدة لكن يُمنع فتحه لأسباب سياسية بحسب أهالي البلدة. معظم القرى يعتمد على الآبار للتغذية الى جانب مياه نبع الطاسة، إلا أنها لا تلبّي الناس، فالمياه من الجهتين مقطوعة، من الأولى بسبب فقدان المازوت والكيديات التي وصلت الى حدّ «تصفية الحسابات» بين الأفرقاء المتنازعين، ومن الثانية بسبب التعديات والمحسوبيات التي تحرم الناس المياه فمعظم المتعدّين هم محطات تكرير المياه والثلج ومغاسل السيارات وغيرها وهي عادة ما تتم بحسب ما تشير مصادر مطلعة بموافقة موزّع المياه التابع لمصلحة المياه، الذي يتحكّم بعملية التوزيع بالطريقة التي تتناسب مع الرشاوى التي يتقاضاها لهذا الحي، لهذه المؤسسة ولهذا المغسل والنافذ، فيما حارات برمّتها تبقى عطشى.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى