التسوّل في صيدا مهنة منظمة وليست حاجة
الأزمة الاقتصادية والمعيشية مع طول أمدها تطبق بتداعياتها السلبية على حياة اللبنانيين، لا تقتصر على وداع نمط العيش برفاهية، ولا على الوقوف على حافة الفقر المدقع على قاعدة شطب الاولويات نهائياً وترتيب الكماليات وفق الحاجة، وانما الى انتشار ظواهر جديدة لم تكن من قبل تلفت الانتباه، وقد اصبح عدد منها مشهداً يومياً يثير التساؤلات.
وظاهرة التسول ليست جديدة على المدن الكبرى، ففي الفترات السابقة أطلقت بلدية صيدا بالتعاون مع القوى الامنية وتجمع المؤسسات الاهلية حملة كبيرة ومنظمة لمنعها في المدينة، وواكبت شرطة البلدية والقوى الامنية التنفيذ، ونجحت لوقت محدود ما ترك ارتياحاً، قبل ان تعود مجدداً وبازدياد وتتخذ اشكالاً مختلفة تنتهي الى عنوان واحد طلب يد العون والمساعدة. لم يعد غريباً ان ترى فتاة ترفع لافتة وسط شارع رياض الصلح تطلب مساعدة لوجه الله او لسداد ايجار المنزل او لشراء ادوية مزمنة، او إمراة واولادها تجلس على مستديرة «النجمة» لبيع المحارم والمياه، او عند مستديرات «مرجان» او «البهاء» او «العربي» او الوقوف امام ابواب المساجد عند اوقات الصلاة وخاصة يوم الجمعة لطلب المساعدة بأنواعها، يقابل ذلك ارتفاع عدد المناشدات لطلب مساعدة لتسديد فاتورة مستشفى او استكمال رحلة علاج، تزامناً مع نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد شكا العابرون عند تقاطع «ايليا» وسط المدينة، من كثرة المتسولين وقد باتوا غالبيتهم من الفتيات، فيما يعمد البعض الى الضرب فجأة على زجاج السيارة من اجل الحصول على المال بعدما اصبح كثيرون يقفلونها لتفادي ذلك او مسح الزجاج بغتة من دون موافقة صاحب السيارة، واذا لم يدفع تنهال عليه الكلمات السيئة بشكل محرج.
وقال الصيداوي يونس قبلاوي لـ»نداء الوطن» ان هذه الظاهرة «باتت مزعجة الى حد الاستياء ويجب التخلص منها لانها غريبة عن المدينة وعادات ابنائها والمقيمين فيها، فغالبية هؤلاء يفدون اليها من خارجها وقد استفحلت مع تفاقم الازمة المعيشية وباتت على مدار الوقت من ساعات الصباح الاولى حتى الليل»، داعياً بلدية صيدا والأجهزة الامنية الى منعهم «حتى لا يكونوا مصدر ازعاج للناس وهم يتنقلون الى اعمالهم او لقضاء حوائجهم».
وتختلف الآراء الصيداوية حول حالات التسول وكيفية التعاطي معها وما اذا كانت مهنة او حاجة نتيجة تردي الاوضاع المعيشية وازدياد الفقر المدقع والبطالة، ولكنها تتفق ان المتسولين عند اشارتي صيدا الوحيدتين (ايليا وسبينس) ليست حاجة وانما مهنة ومنظمة، ويؤكد أمين سر «تجمع المؤسسات الاهلية» في صيدا ماجد حمتو لـ»نداء الوطن» ان «العائلات الصيداوية الفقيرة والمحتاجة لا تخرج الى الشوارع للتسول لانها متعففة ولدى البلدية والتجمع داتا بكل العائلات المحتاجة، وهي تقدم لها المساعدات وفق الامكانيات ومن دون تضارب في التوزيع»، مضيفاً: «الحملة التي نفذتها البلدية وتجمع المؤسسات بالتعاون مع القوى الامنية تتضمن حلولاً وبرنامجاً لاعادة تدريب الاطفال وتعليم ذويهم الحرف من اجل كسب قوت يومهم».
المصدر: محمد دهشة “نداء الوطن”