حرائق وكوارث تهدد الحياة البرية في هذا الموعد!
صدى وادي التيم-متفرقات/
«لم يكن صيف لبنان هذا العام متطرفاً كما هو حال اقتصاده، فالحرارة لم تتجاوز معدلاتها الموسمية لا سيّما في شهر «آب اللهاب»، ورغم أنّنا على موعد مع الحرارة المرتفعة في النصف الثاني منه ابتداء من تاريخ الثامن عشر، إلا أنّها لا تصنّف وفق معايير الرصد الجويّ موجة حرّ، كتلك «الهنديّة» التي طالعتنا مع بداية الشهر.
في المقابل، تزداد مخاوف اللبنانيين من تداعيات الطقس الحار و احتمال حدوث حرائق ضخمة كتلك التي طالت أحراج لبنان تتاليا في الأعوام 2019 حتى 2021
في وقت تندر فيه إمكانيات التعامل معها بشريا ولوجستيا نتيجة الأزمة الإقتصادية.
صيف لبنان معتدل وآبه غير لهّاب:
صيف لبنان هذا العام معتدل وليس متطرفا وفق ما أكّد لـ»الديار» رئيس قسم التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت الدولي محمد كنج فهو لا يعد حارا حيث كانت درجات الحرارة فيه تحت معدلاتها،
إذ لم تتجاوز في بيروت 32 درجة فيما يبلغ معدلها الأقصى 33 درجة في شهر آب، مذكرا ببداية الصيف
وتحديدا يوم السبت 25 حزيران حينما شهدت مدينة طرابلس خلايا رعدية وفيضانات غزيرة وأمطارا تجاوزت 60 ملم خلال ساعتين،
كما أنّ تموز لم يكن حارا، وما حدث من موجة حرّ بداية هذا الشهر سببه وصول المنخفض الهندي
وكتل هوائية حارة من الخليج ما أثر على المناطق الداخلية في لبنان، وأدّى لارتفاع درجات الحرارة لحدود 43 درجة (42.7) بمدينة زحلة تحديدا.
لا موجة حرّ بل ارتفاع في درجات الحرارة:
يصعب علميا تحديد حالة الطقس لأكثر من عشرة أيّام على أنّ التقديرات الدقيقة تخف بعد الأسبوع الأول منها،
ومن المتوقع وفق كنج خلال النصف الثاني من شهر آب وتحديدا من 18 – 21 وما بعد، أن نشهد ارتفاعا في درجات الحرارة
ويمكن أن تتخطى معدلاتها ولكن ليس بهامش كبير، ولا يرقى أن يوصف كموجة حر،
فللأخيرة خاصية وهي أن تتخطّى درجة الحرارة حدود 5 درجات لمدّة 3 أيام وما فوق، مع فارق حراري قليل بين الليل والنهار،
لكن المزعج هذه السنة وفق كنج هو الوضع الاقتصادي وعدم توفر الكهرباء التي يستطيع من خلالها المواطنون تشغيل المراوح والتكييف ما يخفف عنهم تأثير الحرارة.
تحذيرات
نحن إذا أمام موجة حر جديدة تبدأ منتصف هذا الشهر، وفي هذا الصدد،
تطلق مصلحة الأرصاد الجويّة تحذيرات ذكر كنج منها عدم التعرض لأشعة الشمس بين الساعة العاشرة صباحا والثالثة بعد الظهر،
خصوصا الأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض الرئوية، والإكثار من شرب المياه،
لافتا إلى أن الفترة المسائية مزعجة خاصة لسكان الساحل فالحرارة تبلغ بين 27 و 32 درجة
بفارق 5 درجات فقط ما يمنع الاجسام من الراحة ليلا في حال عدم توفّر التبريد.
المساحات المحروقة أكثر من 19 ألف هكتار حتى العام 2021:
خلال السنوات الأخيرة وبسبب الحرائق خسر لبنان كثيرا من ثروته الحرجية، وحول الأرقام التي تحصي هذه الخسارة،
أصدرت وزارة البيئة بالتعاون مع جامعة البلمند عام 2021 تقريرا شاملا للحرائق التي حصلت
بين عامي 2008 و 2021 متضمنا بالأرقام المساحات المحروقة والمناطق الأكثر عرضة للحرائق وعدد الحرائق وأسبابها،
وفق مدير برنامج الأراضي والموارد الطبيعية في معهد الدراسات البيئية في جامعة البلمند الدكتور جورج متري
مشيرا لـ»الديار» إلى أنّ:
المساحات المحروقة في لبنان تخطّت 19 ألف هكتار في الفترة بين عامي 2008 و2021، فيما بلغ المعدل السنوي منها نحو 1500 هكتار.
ويكشف متري أنّ:
نحو 99% من حرائق الغابات في لبنان سببها الإنسان فيما تعتبر عوامل الطقس والمناخ مسهّلة لانتشارها وتمدّدها،
مؤكّدا أنّ:
هناك دائما مصدر للحريق سببه الإنسان يكون أحيانا مفتعلا بهدف الأذية وحرق الغابات، وأحيانا من دون قصد من خلال حرق المخلّفات الزراعية بعد تنظيف الأرض
لافتا إلى دور القوى الأمنية بكشف مفتعلي الحرائق، ودور القضاء في محاسبتهم،
بخاصة أن قانون الغابات يحظر استعمال أي مصدر للنار على مسافة لا تقل عن 500 متر من أي غابة خلال الفترة الممتدة من أول تموز حتى آخر تشرين الأول
مشدّدا على أنّ إنفاذ للقانون ومعاقبة مفتعلي الحرائق يجنّب لبنان الكثير من الحرائق في المستقبل.
وشدّد على أنّنا لسنا بأمان اليوم من خطر اندلاع الحرائق الضخمة:
فقد طالت حرائق كارثية هذا العام عدّة بلدان حول البحر الأبيض المتوسط منها البرتغال، إسبانيا، فرنسا واليونان بسبب موجات حر غير طبيعية،
يمكن أن يتعرّض لبنان لمثلها، ما سيؤدي مع وجود أي مصدر للنار إلى حرائق كارثية كالتي شهدناها في تموز 2021 في منطقة عكار حيث تخطى الحريق 1500 هكتار،
محذرا أنّ شهري أيلول وتشرين الأول من أكثر الأشهر المخيفة، كونهما نهاية موسم الجفاف،
وقد حددت وزارة البيئة ضمن الخطة الطارئة التي أعدّتها للتعامل مع خطر الحرائق تقريبا بين 11 و14 منطقة ساخنة في لبنان.
لبنان غير جاهز لمكافحة الحرائق:
لم يكن لبنان جاهزا يوما للتعامل مع الحرائق الكبيرة، واليوم في خضمّ الأزمة أصبح الأمر أكثر إستحالة
فما العمل اليوم إذا حدثت كارثة من هذا النوع؟
يجيب متري أنّ:
قدرات لبنان ضعيفة جدا بموضوع مكافحة الحرائق كونها عمليات مكلفة ، خصوصا في ظلّ الميزانيات القليلة للدفاع المدني،
مؤكدا على صعوبة التعامل مع الحرائق الكبيرة خصوصا عندما يتزايد عددها، ومعوّلا على الوقاية منها قبل أن تحدث،
داعيا الجميع إلى تحمّل المسؤولية، فكل مواطن يفترض أن يبلّغ عند خطر اندلاع الحريق،
وألّا يستعمل أي مصدر للنار في الأيام الحرجة والأماكن الخطرة التي يمكن أن يبدأ فيها الحريق،
والبلديات إلى تكثيف المراقبة على الأحراج المعرضة للحرائق والتدخل السريع.
لا نملك استراتيجيات مواجهة للغابات المدمّرة:
من جهته، يسرد رئيس حزب «البيئة العالمي» الدكتور ضومط كامل لـ»الديار» أن الحرائق في لبنان تحصل منذ ما قبل العام 1980،
إلّا أنّ ذروتها بدأت في التسعينات واجتاحت معظم الأراضي اللبنانية والغابات، والأسباب بين المفتعل والاحتراق الطبيعي نتيجة التغيّر المناخي،
وكمثال فإنّ النفايات ضمن أكياس النايلون المقفلة تصدر الغازات تحت تأثير التخمير والتي تشتعل بدورها تحت تأثير الحرارة،
ومن المسببات رمي «السجائر» وتجمّعات «الشواء» و»الأراكيل» ضمن الغابات، مضيفا حول أسباب أخرى للحرائق،
أنّنا تفاجأنا السنة الماضية في إحدى أهم غابات لبنان بحجم العيدان والأشواك والحشائش اليابسة، والنفايات المرمية عشوائيا من دون أي معالجة.
التعويض الأيكولوجي وخطة طوارىء:
تعويض خسائر الغابات والمساحات الخضراء يكون عبر زرعها مجددا بحسب ضومط ، فكل شجرة عمرها 50 أو 100 سنة تحتاج إلى كلّ هذه السنوات لتعود كما كانت،
والأمر الخطير هو أنّ الطائرات تطفىء الحرائق بمياه البحر المالحة ما يقتل جذور وبذور النباتات،
مشددا كذلك على عدم رمي النفايات الصناعية والمنزلية ضمن الغابات، كما تفعل الكثيرمن الشاحنات،
داعيا الإعلام إلى التوعية الأسبوعية، مشترطا الرصد المسبق والإبلاغ عن الحرائق وجهوزية الدفاع المدني،
لافتا الى انه الآن حتى بداية تشرين الثاني والتي قد تمتّد حتى 15 منه أو إلى آخره إذا لم يشهد تساقطا للامطار،
فغابات لبنان مهدّدة بالحرائق خاصة في شهري أيلول وتشرين وسنشهد حرائق بعدّة مناطق.
يمنى المقداد – الديار