ملايين الدولارات تبخّرت.. صفقات مشبوهة واهمال لملاعب كرة القدم
ملعب طرابلس الأولمبي تحول الى ثكنة لفوج مغاوير البحر
مسؤولية الدولة والبلديات مشتركة للحرص على المرافق العامة
صفقات بملايين الدولارات بحجة الصيانة والتأهيل
ضرورة وضع خطط لاعادة احياء كرة القدم والملاعب
قد تكون رياضة كرة القدم من بين الرياضات الانشط والأكثر شهرة في لبنان، اذ يتفاعل اللبناني مع هذه الرياضة ويتابع مبارياتها العالمية ويعتمدها كواحدة من أكثر الهوايات للممارسة منذ الصغر. وانتقلت من مرحلة الهواة الى الاحترافية اذ تشكلت اندية وفرق أبرزها نادي الصفاء والنجمة والعهد والأنصار وغيرها. وانشأت أضخم الصروح الرياضية التي تحمل مواصفات عالمية لاستقبال اهم المباريات والجماهير على ارضها وكلّفت ملايين الدولارات، ورغم ذلك زادت الرياضة تأزما وسط ما رافق الصروح من تشكيك في آلية صرف الأموال المخصصة لها والاتهامات من كل حدب وصوب في وجود “صفقات مشبوهة” تحول دون الاهتمام بتنمية هذه الرياضة. فلماذا هذا الاهمال بحقها؟
انتهاء صلاحية خدمة “ملعب طرابلس الأولمبي” الذي يتّسع لحوالي 24 ألف مشجعا وتقدّر مساحته بحوالي 26 ألف مترا مربعا وتخطت كلفة انشائه عشرات ملايين الدولارات، باتت معروفة الأسباب. بعد ان تحوّل الملعب الى صرح عسكري ومركزا للجيش اللبناني وعتاده في المنطقة وأصابت منشآته الاهتراء بشكل كامل، لم تعد مرافقه على حالها ولا المدرجات ولا حتى المنصة التي انهار جزء منها وتعرضت مظلته للتلف.
لم يعد لهذا الصرح الأولمبي استعداد لاستضافة اي نشاط او مباراة على أرضه بعد ما أصابه من اهمال، اذ لفت مصدر سياسي فاعل في المنطقة في حديث لـ”ليبانون ديبايت” الى ان الموضوع خرج من عهدة وزير الشباب والرياضة ليصب في عهدة وزير الدفاع وقيادة الجيش.
الاجراءات التي ترمي الى اعادة تأهيل الملعب لا يقف امامها رادع ارتفاع الميزانية فقط، بل كون موقع الملعب الجغرافي ونقطته الكاشفة على المنطقة بالكامل هو ما يحول من دون استرجاعه من يد الجيش، بحسب المصدر. واشار الى ان كتيبة من الجيش اللبناني “فوج مغاوير البحر” تتخذ الملعب ثكنة لها، ولآلياتها وعتادها منذ اندلاع التوترات الأمنية في المدينة، وجرى الحديث كثيرا منذ حوالي سنة عن ضرورة اخلاء الملعب من الجيش من أجل البدء بأعمال الصيانة والتأهيل حتى يستعيد نشاطه الرياضي وتأجيلات غير واضحة الأبعاد والخلفيات. وبقيت الحجة الأبرز حساسية المنطقة وسط تخوفات من الحروب والأوضاع الأمنية في سوريا واسرائيل.
من المفترض اليوم ان تكون مسؤولية الدولة والبلديات مشتركة للحرص على المرافق العامة، ومحاسبة المخالفات والتقصير والاهمال الذي لف معظم الملاعب الضخمة لكرة القدم في لبنان. في المقابل أراضي ملاعب شبه عشبية، يباس، اهتراء، صدأ، نفايات، تكسير، سيطرت على هذه المرافق وبقت مهملة.
ناهيك عن الاهمال المتعمد لبعض الجهات المعنية بمتابعة صيانة الملاعب والكشف على مدى أهليتها بهدف افشال الصرح ودوره الرياضي عن قصد لهدم الملعب واقامة مكانه مشروع ضخم بديلا عنه وذو ارباح مضاعفة تعود لهذه الجهة.
اضف الى بعض الصفقات التي تجرى تحت الطاولة, مثل التلاعب بالمبالغ المالية التي يحتاجها الملعب تحت خانة الصيانة والتأهيل, بالتالي وفق المعلومات التي حصل عليها “ليبانون ديبايت” يتم ارفاق ارقام مستندة لدراسة غير دقيقة بعد اجراء مسح على الأضرار في الملعب من اجل تحقيق ارباح مادية بمبالغ خيالية, بالمقابل عدم تنفيذ المشاريع الاصلاحية بالمبالغ نفسها بل بمعدل لا يتعدى 30% منها.
حمّل مصدر مطلع على بعض الصفقات المشبوهة التي تقام على حساب بعض الملاعب المسؤولية الى إدارات الملاعب والبلديات وطالب بوضع ميزانية خاصة للصيانة تتحمل وضع تفاصيلها وبنودها ودراسة مشاريعها لجنة متخصصة خاضعة لرقابة تحمي الرياضة التي باتت مشرّدة في لبنان من دون ملاعب مؤهلة لها.
وانتقد المصدر أحد ملاعب مدينة بيروت الذي يعاني من ازمة تعطل في مضخات المياه الخاصة فيه داعيا الى ضرورة ايجاد حلول سريعة لأنه من اهم المنشآت الرياضية ووضع خطط اصلاحية لإعادة احياء رياضة كرة القدم من جديد.
سلّط المصدر نفسه الضوء على أحد المشاريع قيد الانشاء في منطقة جنوبية تقع ما بين مدينتيّ صور وصيدا، الذي افرزت ملايين الدولارات لاستكماله وتلزيمه لإحدى الشركات للمباشرة في وضع لمسات اخيرة عليه تؤهله لدخول عالم ملاعب كرة القدم الأضخم في لبنان وتوقف العمل بالمشروع لأسباب غير معروفة. وسأل هل سيشهد هذا الصرح على معاناة الملاعب في لبنان حتى قبل افتتاحه؟ ام ستختفي من جديد ملايين الدولارات رُميت في مشروع لا يستفيد منه اللبنانيين ومحبو رياضة كرة القدم على المدى البعيد؟