ريما عوام: الفن شغف وحرية مطلقة

 

بالريشة واللون جسدت الفنانة التشكيلية اللبنانية ريما عوام معاناة المرأة، وأكدت أن الفن فعل تحدٍ دائم يروم للحرية والتحليق في فضائه، مبتعدة عن مقولة “الفن للفن” لتوظف الجمال في صالح قيم العدالة والمساواة، أي تلك القيم التي أكثر ما تمس المرأة في مجتمعات رجعية تسلبها حقوقها وتحجب عنها الشمس والهواء.

البدايات

عن بداياتها في الرسم، قالت الفنانة ريما عوام لوكالتنا “منذ صغري أعشق الرسم، ففي المرحلة الابتدائية كنت ارسم لصديقاتي لوحات صغيرة، لأرسم بعدها في المرحلة المتوسطة ما هو مطلوب منا في المواد كالأحياء ليتم تعليقها في المختبر، وكذلك الخرائط لمادة الجغرافيا، وفي المرحلة الثانوية رسمت بالفحم والأكريليك بعض اللوحات التجريدية والواقعية، فقد كان الاهتمام بالفن ضعيفاً للغاية، وكنت الطالبة الوحيدة في مدرستي ومن بين 500 طالب وطالبة في قريتي ضهر الأحمر في البقاع الغربي التي تعلق رسوماتي فيها على جدران المدرسة، فالتشجيع على الفن والرسم لم يكن موجوداً”.

وأضافت “درست في الجامعة علم النفس، وفن التجميل، وحصلت على الميدالية الذهبية في المجال، لأدرس بعدها فن التجميل للمسرح والتلفزيون، وجميعها في مجال العمل بالألوان، لأتابع الرسم بمفردي، ولكن وجدت نفسي بحاجة لتنمية هذه الموهبة بالقواعد والدراسات، لأستطيع التعبير عما بداخلي بطريقة حرفية، متقنة وبألوان تعبر عني”.

الفن شغف

ويعد الفن بالنسبة لريما عوام شغف وسعادة مطلقة وتحرر، وعن الأجواء التي تكون فيها في أقصى تركيزها وتستلهم منها الأفكار توضح “ارسم لوحاتي عادةً في الليل، حيث السكينة والهدوء وبمرافقة الموسيقى وخصوصاً الكلاسيكية، أحاول التعبير بلوحاتي عن مشاعري وخصوصاً حالات المرأة النفسية، والسلام”.

ولم تكتفي ريما عوام بأسلوب وتقنية محدد في الرسم بل اعتمدت تقنيات عدة ومدارس فن مختلفة لا سيما الواقعية والرمزية والبورتريه والمناظر الطبيعية، بقلم الرصاص، والفحم، والأكريليك وبالألوان الزيتية التي تفضلها كما أوضحت، “لم أرسم بالألوان المائية قط، وحتى بالرسم الحي اعتمد الألوان الزيتية التي تعتبر تحدياً في مجال الرسم، وقد مثلت لبنان بالعديد من البلدان على مر السنين، وشاركت بمعارض لبنانية وعالمية، وقد تم تكريمي في العديد من الفعاليات كما فزت بالعديد من الجوائز وهو ما حفزني على التطور والمواظبة على العمل على تطوير نفسي أكثر”.

 

مؤتمر تونس

وأضافت “منذ حوالي ست سنوات، قررت افتتاح مركزاً لتعليم الرسم والموسيقى، والذي استقطب الكثيرين، لكن أزمة كورونا والوضع الاقتصادي أثرا على كل المرافق بلبنان، ولدي حالياً حوالي 40 طالباً مواظبين، ومؤخراً لاحظت إقبال عائلات على تعلم الرسم، أي الأم وأطفالها مثلاً، وهو أمر اعتبره يغني التواصل بين أفراد العائلة، ويمكن كل فرد من توفير فرصة للتعبير عن نفسه”.

وعن مشاركتها في المؤتمر الأخير في تونس “الثالوث المحرم في إبداع المرأة العربية” قالت “كنت الفنانة التشكيلية الوحيدة من العالم العربي ومن لبنان التي شاركت في المؤتمر، لقد شاركت بسبع لوحات تمثل المرأة، وضم المؤتمر محاضرات وجلسات علمية وحلقات نقاش، وتناول مشاركة مبدعات من العالم العربي لعرض نتاجهن في مجال تحرر إبداع المرأة من الرقابة الأخلاقية والاجتماعية واختراق المسكوت عنه في مختلف الميادين الثقافية، من أدب ومسرح وسينما وفن تشكيلي لتلامس المحظور ومقاربة قضايا الثالوث المحرم أي الدين والسياسة والجنس بجرأة، وكانت فرصة لي لتبادل الخبرات والتجارب في كافة مجالات الإبداع مع المشاركات”.

ومن أمام إحدى لوحاتها التي تسمى “الصرخة” أوضحت ريما عوام أنها “حاولت من خلال هذه اللوحة، التعبير عبر معاني الوجه ونظرة العيون والدموع عن الألم والمعاناة وعن الحالة النفسية لدى المرأة، وقد تم اعتماد هذه اللوحة كغلاف لإحدى المؤلفات”، وأشارت إلى أنها تحب أيضاً “رسم البورتريه، مثل لوحة المطربة أسمهان، واللوحة التي تمثل راقصة باليه رسمتها قبل حوالي خمس سنوات، شاركت بها في معرض أقيم في مدينة عاليه في جبل لبنان، واللوحة التالية التي اسميتها “العطاء بعد الموت” بمناسبة عيد الأم، وهي لأم متوفية ولا زال طفلها يرضع منها”.

وأشارت إلى مشاركة سابقة لها في تونس حيث “أنجزت جدارية هنيبعل وأليسار، وعدد من اللوحات التي تم اقتناؤها من قبل سفارة لبنان في تونس”.

 

الحب والفراق والمعاناة

كما أشارت إلى لوحة للمطربة أم كلثوم شاركت فيها بنشاطات ومعرض في مدينة المنصورة في مصر مسقط رأس الراحلة، وفي لوحة أخرى أسمتها “لبنان”، أوضحت أن “هذه اللوحة تمثل لبنان على صورة امرأة عارية، وكأن لا شيء يحميها، وبقربها شجرة يابسة وبلا أوراق تصور الحالة التي وصل إليها بلدنا، كما وأن الألوان السوداء والقاتمة تدل على الحزن والمعاناة التي نعيشها يومياً في بلدنا”، أما اللوحة التي تمثل امرأة ورجل فأشارت إلى أنها شاركت بها بمعرض بيت بيروت، وهي تعبر عن حالة إنسانية تمثل الحب والفراق والمعاناة، وهناك ثلاثة أعمال أخرى اقتنت أحدها المستشارة الثقافية للدراسات الجامعية بجامعة تونس تعبر عن معاناة امرأة بالألوان الزيتية باللونين الأسود والأبيض والقليل من اللون الأصفر وهي تجلس تحت المطر، وقد نالت هذه اللوحة إعجاب الكثيرين”.

عذراء سنجار

وشاركت الفنانة ريما عوام بالعديد من الفعاليات في الرسم الحي أمام الجمهور، حيث نالت لوحتها للفنان الراحل حسن علاء الدين في تلفزيون لبنان إعجاب الكثيرين، بالإضافة إلى مشاركتها الحية في الأكاديمية المصرية الكندية برسم مطربة لبنان فيروز والتي نالت عنها الجائزة الأولى.

وعبرّت ريما عوام عن فرحتها لاستخدام بعض لوحاتها التي تمثل الطبيعة وخصوصاً البحر لعلاج الأمراض النفسية، وكذلك كأغلفة لدواوين شعر وروايات ومنها رواية “عذراء سنجار” للكاتب ورد بدر السالم، وهي تمثل صورة فتاة إيزيدية من إقليم كردستان تبلغ من العمر 14 عاماً، وبجانبها طاووس وهو شعار الإيزيديين، حيث تم سبي هذه الطفلة وهي من الأسيرات الأصغر سناً اللواتي تم سبيهن من قبل مرتزقة داعش الذين أقدموا على اغتصابها، ومن المقرر تدريس هذه الرواية في المناهج التربوية للمرحلة الثانوية في العراق، آمله أن يتجه لبنان لترسيخ الثقافة والفن عبر المناهج التربوية.

سوزان أبو سعيد – وكالة انباء المرأة

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!