الجيش اللبناني يعاني… أمن ودعم ووجبات وطنية

صدى وادي التيم – لبنانيات /

منذ ان اطلق الجيش اللبناني عملية الاقتصاص من تجار المخدرات وخصوصا من علي منذر زعيتر الملقب بـ”أبو سلة” ويتم رشقه بشتى الإتهامات. ولكن ما يقوم به الجيش عمل جبار، بموجبه اقفل الباب أمام اكبر مروج وموزع مخدرات في لبنان.

“أبو سلة” يوزع المخدرات من الجنوب الى الشمال، ومن الساحل الى الجبل. هو بنى امبراطورية ضخمة وشبكات لا يمكن تفكيكها الا بعملية عسكرية حاسمة كالتي ينفذها الجيش اللبناني لحماية المجتمع اللبناني بكل اطيافه.

وقبل هدم مركز توزيع المخدرات التابع لأبو سلة تم العثور على 8 كيلوغرامات من الكوكايين والهيرويين وحوالي 30 كيلو من السيلفيا والكبتاغون وغيرها كافية لتدمير جيل بكامله، وقيمتها المالية تثمن بملايين الدولارات… فخرجت اصوات تقول ان الجيش يهدم المنازل! ولكن أي منزل هو هذا الذي يصدر الموت للآلاف؟ في الواقع وقد لا يكون الامر “شعبويا” واجب هو تدمير منازل كل الذين حموا ابو سلة وسكتوا عنه على مر سنوات كانت كفيلة بتصدير الموت في الداخل والخارج.

وفيما الانتقادات مستمرة، يستمر الجيش باللحم الحي فعلا بكل مهامه ولا يتوانى عن فتح جحر المخدرات كما لم يتردد يوما مع الارهاب وفي المكانين دفع الدم ثمنا غاليا.. هذا كله في عمق ازمة وجودية تمر بالبلاد وبالمؤسسة العسكرية ايضا.

ففي تعمق سريع بمجريات الاحداث ومنحى التطورات، من شأن اي متابع ان يرى حجم الضغط على المؤسسة العسكرية.

قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون يعيش اليوم همين كبيرين: الاول هو المحافظة على المؤسسة العسكرية ومنع انهيارها بسبب الازمة المالية والاقتصادية التي تعصف بلبنان، والهم الثاني هو ضبط الامن بإمكانيات مالية ضئيلة جدا في ظل شح المساعدات الدولية والداخلية.

70 ألف عنصر اليوم بين ضباط وعسكريين يعيشون تحت خط الفقر، فمثلا راتب ضابط بات لا يكفي لدفع الإسكان وفاتورة المولد… بالكاد. فما بالكم بالعسكر؟ يعيش الجندي اللبناني اليوم، ذاك الذي يضع حياته على كف يده حينما يتوجه للخدمة، وهم تأمين لقمة العيش يرافقه عبر مساعدة من هنا وهبة خجولة من هناك.

فهل يعلم النواب والمسؤولون الذين يقتطعون من موازنات الجيش ويرفصون رفعها انهم ما كانوا ليجلسوا على كراسيهم اليوم لولا تمكن الجيش من ضبط الامن في يوم الانتخابات النيابية والتي حصلت من دون “ضربة كف”؟ هل يعلم هؤلاء انهم من دون الجيش سيعيشون في دولة لا قانون ولا نظام فيها؟ هل يعلم هؤلاء ان انهيار الجيش سيكون انهيارا لآخر حجر يسند لبنان من الانهيار الشامل؟

ولكن كيف من الممكن ان تستمر هذه المؤسسة في مثل هذه الظروف؟

فاذا اصبح سعر ربطة الخبر 30 الف ليرة، سيصبح العسكري بحاجة الى 900 الف ليرة لإطعام الخبز شهريا لعائلته فيما راتب العسكري لا يتخطى المليون ونصف ليرة لبنانية!

و اذا ارتفع سعر صرف الدولار الاميركي اكثر مما هو اليوم سيصبح معاش العسكري في الجيش اقل من 47 دولارا اميركيا، فهل يعي الحكام وهل تعي الدول المانحة هذا الامر والى اين سيؤدي بنا؟

في اليرزة اذا كل الهموم حاضرة امام القيادة والقائد ، والى جانب هم العسكر المعيشي، يحمل هم الطبابة للعسكريين وعائلاتهم.. يقوم بكل الجهود يوميا لتأمين الطبابة لهم في ظل ارتفاع اسعار الدواء والمستلزمات الطبية.. فالطبابة هي آخر تقدمة يحصل عليها العسكريون.

كل ذلك لا يمنع الجيش من اتمام مهامه.. وتلقي الملامة.

فيلوم البعض الجيش اذا منع اللبنانيين من الهجرة في البحر في قوارب الموت، واذا قام الجيش بضبطهم يقفون ضده، واذا تركهم يهربون وغرقوا في البحر يموتون واللوم سيلقى عندها على الجيش، فماذا يريدون من الجيش تحديدا؟

منذ ايام ضبط الجيش قاربا غير شرعي يهرب نحو اوروبا وعلى متنه سيدة حامل في شهرها التاسع وهي كانت تهم بالولادة وتعاني من نزيف، وقام بإنقاذها ونقلها بالاسعاف وتقديم الطبابة اللازمة لها… ولو هربت هذه السيدة فما كان مصيرها في البحر ومصير طفلها؟

وفيما يلقي البعض باللائمة على الجيش في حادثة غرق المركب غير الشرعي في طرابلس، اظهرت المعطيات ان المركب غير الشرعي هو من اصطدم بقارب الجيش وكان محملا بـ80 شخصا وبثلاثة اطنان من المازوت، من دون دولاب انقاذ واخد وبحمولة زائدة… فهل كان المطلوب ان يسمح الجيش بغرق كل الذين على متن القارب؟

في كل الاحوال الملامة تقع على الجيش اذا قام بواجباته واذا لم يقم بها، فبدل التلهي بالقشور قد يكون الاجدى التكاتف ودعم الجيش بكل الوسائل المتاحة وفتح الموازنات له والاعتمادات الاضافية لإنقاذ آخر ركن يمسك لبنان من الغرق.

فأين هي الاصوات الداعمة للجيش لماذا سكتت؟ “ابو سلة” على سبيل المثال، خرب مجتمعا بكامله وحتى اليوم هناك من يقف بوجه عملية الجيش في وجه تجار المخدرات! شبكات يفككها الجيش اللبناني يوميا ولم نسمع بصوت داعم، ولم نر الدولة تتحرك لدعم مؤسستها العسكرية ولم يفعل اي مسؤول واجبه تجاهها ولم يتم اطلاق صرخة دوليا لدعم الجيش بعد، فماذا يريدون؟ هل تفكك الجيش والعيش في شريعة الغاب؟

لا بأس، الجيش مستمر، باللحم الحيّ ومعنويات عناصره، مستمرّا بمهامه مهما كان حجمها، انجح استحقاقات جوهرية كالانتخابات النيابية، وابقى الامن متماسكا في زمن أزمات كبرى، لم يتقاعس يوما، وبقي مدماك الدولة الوحيد واقفا على اقدامه باعتراف الخارج.. وخارجياته.

المصدر: vdl news

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى