لا لوازم مكتبية في مؤسسات الدولة: الـ«هويّات» على خطى الـ«باسبورات»؟
بما تيسّر، تُنجز المعاملات في إدارات الدولة ومؤسساتها. ففي ظلّ أزمة مالية غير مسبوقة ومستمرة، بات من الصعب إتمام معاملة في موعدها الطبيعي. حتى تلك التي كان إتمامها «تحصيلَ حاصل»، أصبح الحصول عليها مشقّة، وبات إصدار إخراج قيدٍ فردي من دوائر النفوس أو الحصول على رقم مالي من وزارة المالية أو إفادة عقارية أشبه بالفوز بـ«ورقة لوتو» في زمن الانهيار
اليوم، ثمّة أزمة على بساطتها، إلا أنها تشُلّ العديد من مؤسسات الدولة، وهي أزمة النقص الفادح في الأدوات المكتبية اللازمة لإنجاز المعاملات، من الأوراق البيضاء إلى أوراق الإيصالات إلى القرطاسية، من دون أن ننسى الكهرباء. غياب هذه الأمور يجعل من مَهمة إصدار ورقة مهمة رسمية، مهمة مستحيلة. أما السبب الأساس الذي أوصل إلى انتكاسة بهذا الحجم، فيكمن في مكانٍ واحد: الفارق بين «ليرة» الدولة وبين دولار السوق الذي تُسعّر على أساسه غالبية الخدمات، إذ إن كلّ المستلزمات واللوازم المكتبية لا تزال تُرصد كلفتها ضمن موازنة الدولة بالليرة اللبنانية، وفق سعر صرفٍ رسميٍّ متوقف عند 1507 ليرات، فيما هذه المستلزمات مستوردة. وقد أدّى هذا الأمر إلى توقف المناقصات، بما أنّ فارق الأسعار بين ما تعطيه الدولة وبين ما يطلبه المستوردون يحول دون إجراء استدراج عروضٍ سيكلّف أضعاف الاعتمادات المرصودة. ويحيل هذا الأمر إلى الصورة التي باتت عليها تلك المؤسسات، حيث يعمد المكلّفون إلى متابعة سيرها لتدبير أمورهم «بالتي هي أحسن»، على ما يقول المدير العام للأحوال الشخصية، العميد الياس خوري.
ما يجري «بالتي هي أحسن» لم يعد محصوراً في مكانٍ واحد، بل يمكن تعميمه على جلّ المؤسسات العامة البالغ عددها 93 مؤسسة والوزارات أيضاً، ومنها ما بات خارج نطاق خدمة المواطنين.
مصلحة تسجيل السيارات
منذ الرابع من نيسان الماضي، توقف العمل كلياً في مصلحة تسجيل السيارات. مجموعة أسباب تراكمت وأدّت إلى هذه النهاية، منها جائحة كورونا التي فرضت حضوراً مخفّفاً في تلك الإدارة، مروراً بأزمة المحروقات، وصولاً إلى «الإفلاس» الذي تعانيه اليوم في ما يخصّ المستلزمات المكتبية.
تكمن أزمة المصلحة في ما هو مرصود لها من الموازنة على أساس سعر الـ1507 ليرات، إذ إنها لا تزال تصرف اليوم على أساس الموازنة السابقة، بما أن الموازنة الحالية بتعديلاتها وإضافاتها لم تدخل حيّز التنفيذ. تقول المصادر إن «الاعتمادات المرصودة انتهت في شهر تموز من العام الماضي، وبدأت الأزمة تظهر». كان ثمة حسن حظٍ هنا أدى إلى تأخير الأزمة حتى ذلك الوقت، وهو قرار تخفيف دوامات العمل بسبب جائحة كورونا، ما أبقى العمل في المصلحة قائماً. غير أن هذا الأمر لم يستمرّ طويلاً، في ظلّ حاجة المصلحة إلى تلك اللوازم التي يقوم عليها العمل في معظمه، فهي تحتاج يومياً على سبيل المثال إلى «ما بين 10 آلاف إلى 15 ألف إيصال ما بين معاملات ميكانيك وفك رهن وفك حجز…». وبحسابات أخرى، كانت المصلحة تحتاج في يومي العمل اللذين حدّدتهما الدولة إلى ما يقرب من «50 صندوقاً من أوراق الإيصالات».
وبما أن المصلحة لم تكن قادرة على زيادة اعتماداتها في ظلّ غياب الموازنة الجديدة أولاً، ولكون الطلب الآن «يحتاج إلى مرسوم في مجلس الوزراء لطلب مساهمة إضافية»، لجأت إلى وزارة المالية «للعمل على تأمين الإيصالات»، فسارت الأمور في البداية على قاعدة «تسيير الأمور من الفائض في وزارة المالية». إلا أن ذلك لم يكن كافياً، وهو ما دفع بالإدارة إلى العمل على تأمين «هبات»، وقد أسهم هذا الأمر في بعض الحلحلة، وترافق مع عمليات التقنين في المصلحة نفسها.
لقراءة المقال كاملًا: اضغط هنا