أمن الانتخابات: 110 آلاف عسكري على الأرض
صدى وادي التيم-أمن وقضاء/
يُشارك في تأمين الاستحقاق الانتخابي غداً نحو 110 آلاف عسكري ورجل أمن، وفق ما أقرّته الخطة الأمنية المشتركة التي تم الاتفاق على بنودها في آخر اجتماع عُقد في الصنائع برئاسة وزير الداخلية بسام المولوي، السبت الماضي. الخطة التي لحظت مختلف تحدّيات اليوم الانتخابي، مثل المشكلات أو قطع الطرقات، لحظت أيضاً احتمال تخلّف بعض العناصر عن الالتحاق بمراكزهم.
تنطلق الخطة الأمنية من ضرورة خلق أجواء ملائمة للمشاركة في الاقتراع ومن ضمنها قمع أيّ تحركات مشبوهة أو مخالفات إن وجدت، وعدم التدخل في مجرى سير العملية الانتخابية، إلى جانب التعاون بين الجسم الإعلامي والأمني، وهو ما أكّد عليه وزير الداخلية على هامش الاجتماع الأخير الذي عُقد، ثم قائد الجيش جوزف عون خلال اجتماع آخر عُقد مع أركان القيادة وقادة الوحدات والأفواج يوم الثلاثاء الماضي. كما تم الاتفاق على زيادة درجة التنسيق مع التيارات الحزبية والمدنية الناشطة سياسياً والمشاركة في العملية الانتخابية، وقد طُلب منها بشكل رسمي التعاون مع القطعات الأمنية والعسكرية الموجودة في حال تطلّب الأمر ذلك.
حماية ممرّات الناخبين.
تم توزيع التكليفات على الأجهزة كافة. وكما ينصّ القانون، ذهبت مهمة تأمين أقلام الاقتراع داخل المنشآت الانتخابية إلى قوى الأمن الداخلي، مع ترك احتمال تدخل من قبل الجيش بناءً على استدعاء بالمؤازرة قد يرد من قبل قطعة قوى الأمن داخل قلم الاقتراع، شرط أن يتم الاستدعاء خطياً من خلال ورقة تكليف يتم توقيعها من جانب آمر قوة المؤازرة العسكرية.
خارج قلم الاقتراع، ستكون المهمة ملقاة على عاتق الجيش. وبحسب معلومات «الأخبار»، حُدّد شُعاع يبلغ قطره 50 متراً في محيط قلم الاقتراع عبارة عن منطقة محرّمة للدعاية الانتخابية، على أن تتولى وحدات من الجيش السهر على حسن التنفيذ. خارج هذا النطاق، سيتولى الجيش أيضاً عملية فرض الأمن، من خلال انتشار عسكري سيشمل تحريك دوريات ونصب حواجز ثابتة ومتنقلة، سيّما على الممرات والطرقات الرئيسية التي تستخدم لعبور الناخبين وتنقلهم. وعلى سبيل المثال، تمّ في بيروت تداول معلومات عن وجود نية لدى أنصار تيّار المستقبل بإقفال بعض الطرقات والمسالك صبيحة يوم الانتخاب. وعُلم أن قادة الوحدات العسكرية تلقوا تعليمات صارمة بتأمين الممرّات والمسالك ومنع الاعتداء على الناخبين في حال توفر أي معلومة، والتدخل في حال حدوث أي طارئ، فالقرار هو بمنع الشغب غداً. وقد كُلّفت مديرية المخابرات في الجيش بالتعاون مع شعبة المعلومات ومفرزة الاستقصاء التابعين لقوى الأمن الداخلي وأمن الدولة، تولّي مهام الأمن الاستعلامي والاستباقي على الأرض من خلال نشر وحدات مدنية عملانية في مختلف المناطق خاصة تلك التي يُتوقع أن تشهد سخونة معينة.
وتتطلّب الخطة تنسيقاً عالياً بين الأجهزة المختلفة، لذلك خصّصت غرفة عمليات مشتركة مركزية تجمع مختلف الأجهزة الأمنية ومقرّها اليرزة. ولمزيد من الانسيابية، تضمنت الخطة إنشاء غرف عمليات ميدانية تشمل المحافظات الخمس، أضيفَ إليها غرف عمليات فرعية ضمن الأقضية (28 قضاءً)، ستكون تحت أمرة الجيش بمشاركة مندوبين عن الأجهزة الأمنية الأخرى بهدف تسهيل التواصل. هذا الربط، وفق مصادر معنية، سيُعزّز التواصل بين الأجهزة الأمنية كافة، ويخلق داتا وآلية اتصال وتنسيق سريعة فيما بينهم. ولفتت الأوساط إلى أن الخطة الموضوعة هي من الأضخم التي تم تنفيذها أقلّه منذ اتفاق الطائف.
من جانب آخر، قدّرت مصادر في وزارة الداخلية عدد أقلام الاقتراع بـ1755 مركزاً. هذا الرقم الكبير، يتوزع بين مناطق ساخنة انتخابياً وأخرى بادرة. وتولّت الأجهزة الأمنية تصنيف هذه المراكز بناء على المعلومات التي تمتلكها، وبناء عليه تتحدّد طريقة التوزيع في كل مركز ومنطقة. من بين هذه المناطق دائرة بيروت الثانية، دائرة جبل لبنان الرابعة (الشوف– عاليه)، دائرة جبل لبنان الأولى (جبيل– كسروان)، بالإضافة إلى دوائر الشمال الثلاث، فيما ستحظى دائرتا الجنوب الأولى (صيدا– جزين) والجنوب الثانية (صور – الزهراني) بدرجة من الحيطة الأمنية تبعاً لما شهدته أخيراً من أحداث.
أمن الدولة والأمن العام:
بالنسبة إلى عناصر مديريتَي الأمن العام وأمن الدولة، ستنحصر المهام الملقاة على عاتقهم في عمليات الإسناد. فيتولى الأمن العام تأمين الدعم والمؤازرة لقوى الأمن الداخلي في مجال حماية السجون، فيما ستلقى مهمة تأمين المولدات الكهربائية الخاصة بتزويد مراكز الاقتراع بالطاقة على عناصر أمن الدولة، كما سيكونون جاهزين لتولي مهمات عناصر مؤازرة لدى الجبيش خلال النهار في حال طلب منهم ذلك.
يشكل يوم الانتخابات اختباراً جدياً لمدى قدرة العناصر الأمنية والعسكرية على التحمّل، في ظلّ حالة الاستنزاف التي يعيشونها منذ بدء الأزمة المالية، ولا سيّما عناصر قوى الأمن الداخلي الذين سيتولون بأنفسهم تأمين حاجياتهم اللوجستية من مياه وغذاء ونقل، بخلاف جنود الجيش الذين ستتولى قيادتهم مهمة تأمين مستلزماتهم، وستقوم مطابخ الجيش بإعداد الطعام وتوزيعه من خلال عربات عسكرية، على نفقة ميزانية الجيش. وعلمت «الأخبار» أن قوى الأمن الداخلي التي تُعاني من نقص حاد في الآليات نتيجة الأعطال، ستعتمد آلية لتوزيع العناصر على مراكز الاقتراع متخذةً من السكن ومقرّ الخدمة وقربه من مركز الاقتراع أساساً، فيما ستكون عملية تنقل العناصر بالتفاهم والتنسيق في ما بينهم.
هذا الواقع قد يهدّد بظهور حالات من عدم الالتزام بالأوامر العسكرية من قبل العناصر وإن كانت الجهات المعنية تستبعده. رغم ذلك، خصّصت الخطة التي تم وضعها حيّزاً لقوة احتياط قد يتم اللجوء إليها في حالات الطوارئ.