من يطلق الصواريخ من لبنان بإتجاه فلسطين .. ولماذا ؟
صدى وادي التيم – أمن وقضاء:
بات هناك ما يمكن تسميته بمتلازمة أحداث في لبنان، قوامها مواكبة تطورات ساخنة بين الفلسطينيين والاحتلال الاسرائيلي داخل فلسطين ، بإطلاق صواريخ من لبنان .
هذا النوع من إطلاق الصواريخ من لبنان إلى داخل فلسطين المحتلة، أصبح تقليدا يحدث في كل مرة ، بمناسبة حدوث صدام داخل فلسطين بين الاحتلال والشعب الفلسطيني.
وفي كل هذه الأحداث تتكرر نفس عملية قصف الصواريخ وذلك من دون اي تعديل عليها، حيث أن الجهة التي تطلق هذه الصواريخ تظل مجهولة، فيما الجيش الإسرائيلي يرد على هذه الصواريخ بقذائف تطاول نفس المكان الذي أطلقت منه الصواريخ من الأراضي اللبنانية .
كما أنه في كل مرة أيضا، يتم إطلاق صواريخ بدأئية توضع على خشبتين، ويطال بعضها الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيما يسقط بعضها الآخر داخل الأراضي اللبنانية .
وواضح ان هذه الصواريخ تطلق بشكل عشوائي، والهدف من إطلاق هذه الصواريخ ليس إصابة هدف بعينه، بل مجرد إطلاقها، وعليه فان كل المقصود هو تطيير رسالة سياسية رمزية ، تريد القول أن هناك ارتباطا ميدانيا وعسكريا بين جبهتي جنوب لبنان و الداخل الفلسطيني.
ويحدث في كل مرة بعد اطلاق هذه الصواريخ ان تقوم قيادة اليونيفيل في النافورة بالتدخل، وتجري اتصالا ساخنا مع كل من الجانبين اللبناني والاسرائيلي، بغية ابقاء الموقف تحت السيطرة، وضمن معادلة الرسالة السياسية الرمزية .
السؤال المهم بخصوص مثل هذه الأحداث، هو عن الجهة التي تطلق هذه الصواريخ: هل جهة فلسطينية ام انها عدة جهات ؟؟.
الحكومة الإسرائيلية تعقب على إطلاق هذه الصواريخ ببيان تقليدي مفاده تحميل الحكومة اللبنانية المسؤولية عن هذه العمليات والتوعد برد كبير في حال تكرر القصف .
ورغم تكرار أحداث قصف الصواريخ هذه ، فإنه لم يحصل في اية مرة ان تم كشف الجهة الفاعلة، ليصار الى مساءلتها عن قيامها بإطلاق صواريخ من الاراضي اللبنانية ، بشكل يتجاهل الدولة اللبنانية .
واضح ان هناك جهة أو جهات في لبنان، تريد باستمرار التذكير بأنه لا يمكن فك الارتباط العسكري بين جبهتي الجنوب وفلسطين . وتعمد هذه الجهات مع كل صدام داخل فلسطين إلى إثبات حضورها الرمزي ، بوصفها جبهة داعمة عسكريا وليس فقط سياسيا لحالة صراع الفلسطينين في الداخل مع الاحتلال .
يلاحظ أن مثل هذه العمليات، تقتصر على جنوب لبنان، و لا تحدث مثلا انطلاقا من سورية ، رغم أن هناك جهات عسكرية فلسطينية وأخرى مؤيدة لإيران، موجودة في مناطق مقابلة للحدود السورية مع الجولان المحتل.
وهذه الحقيقة تؤشر إلى أمر مهم ، وهي أن لبنان لا يزال معتمدا حصرا من قبل ” محور ال م ق ا و م ة الواسع” كساحة اقليمية للمواجهة مع إسرائيل، وذلك في اية لحظة تتداخل فيها أوراق الصراع الإقليمي وتنفجر على نحو اشتباك عسكري محدود او شامل.
والواقع أن عمليات إطلاق الصواريخ هذه رغم رمزيتها من الناحية العسكرية، إلا أنها تريد تثبيت معادلات تخص موقع لبنان داخل الصراع الإقليمي مع إسرائيل؛ وهذه المعادلات التي تشترك فيها حماس وإيران وليس بالضرورة سورية ، تفيد بالتالي:
اولا – ان المرحلة الراهنة في لبنان لا يزال لها ارتباط بمرحلة ما قبل العام ١٩٨٢ حينما كان لبنان قاعدة متقدمة للعمل العسكري الفلسطيني ضد إسرائيل. ورغم أن قيادة وفصائل هذه القاعدة تغيرت ، حيث لم تعد فتح عرفات، هي من تقودها، إلا أن معادلتها لا تزال موجودة في جنوب لبنان، ولو بشكل غير ظاهر ، وذلك ضمن مفهوم المحور الإقليمي الذي تتزعمه طهران ويؤدي دور القيادة المحلية فيه الحزب ومعه كاحتياط استراتيجي كل من حركتي ح م اس وال ج ه ا د ال إ س ل ام ي..
ثانيا – ان قرار الانتفاضات الشعبية في الداخل الفلسطيني لديها قيادات قرار خارج فلسطين ، وهذه القيادات هي محور طهران . وعليه فإن التسويات بنهاية الأمر داخل فلسطين يجب أن تأخذ بالاعتبار الوزن الايراني فيها.
ثالثا – ان طهران تريد تثبيت معادلة تقول ان لديها أسهم داخل صناعة قرار الحرب والسلم على الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية، وأن حلفائها في لبنان هم مدخلها لتثبيت حصتها هذه .
الهديل