قهوة ‘مُخدّرة’ تنطلق من لبنان إلى أستراليا.. عملية ‘احترافية’ تنكشف مع المتورطين!
صدى وادي التيم – أمن وقضاء /
كتب “المحرر القضائي”:
بتاريخ ٢/٢/٢٠٢٠، وبموجب محضر منظّم من قبل إدارة الجمارك- دائرة الطرود والرزم البريدية، وبناءً على معلومات مقدمة من شركة DHL، ولدى التحرّي عن البريد بواسطة جهاز سكانر، تم الإشتباه بثلاثة طرود تحمل رقم بوليصة مرسلة من قبل أحمد.ح الى أوستراليا، وتحتوي على أكياس بداخلها مادة البنّ، البعض منها ممزوج بمادة مخدرة. وقد تبيّن لدى تحليل عينة من الطرود أنها تحتوي على مادة pseudoephedrine بنسبة ٥٣%، وعلى مادة triproline بنسبة ٢%، وهي من السلائف الخاضعة للرقابة والتي تُستخدم لتركيب المخدرات من نوع الأمفيتامين ومشتقاتها.
وتبيّن من الإستقصاءات والتحريات التي قام بها عناصر مكتب مكافحة المخدرات المركزي بالتنسيق مع إدارة شركة DHL، وبعد الإطلاع على كاميرات المراقبة الموجودة لديها، أنه حضر شخص على متن سيارة من نوع مرسيدس لون نيلي الى فرع الشركة في محلة جل الديب، ودخل الى الشركة طالباً شحن مادة البنّ الى أوستراليا، وقد تم تنظيم وثيقة الشحن بإسم أحمد.ح، وفق بطاقة الهوية المبرزة منه.
بعد أسبوعين، وبالتنسيق بين مكتب مكافحة المخدرات المركزي ومكتب مكافحة المخدرات الإقليمي في طرابلس، قبضت دورية تابعة للمكتب الأخير على أحمد.ح في طرابلس- شارع المئتين.
وقد جاءت نتيجة الفحص المخبري الذي أُجري له سلبية لجهة تعاطي أي نوع من المخدرات كافة.
ولدى التحقيق مع أحمد من قبل مكتب مكافحة المخدرات المركزي، أفاد أن لا علاقة له بموضوع المخدرات، وأنه على معرفة بأحمد.ر الذي طلب منه أن ينقله الى محلة جل الديب بسيارته كونه سائق تاكسي، وتحديداً الى مركز شركة DHL من أجل شحن بضائع الى أحد أقاربه في أوستراليا، فوافق على نقله مقابل مبلغٍ وقدره ١٠٠ ألف ليرة، وأنه إنطلق برفقة أحمد.ر من محلة المنية، وكان الأخير يحمل كيساً كبير الحجم، وبوصولهما الى محلة غزير، طلب منه أحمد.ر التوقّف قرب محلات بن أبي نصر حيث إشترى كمية كبيرة من البنّ، ونظّم بموجبها فاتورة بإسمه بعد موافقته على ذلك، ثم إنتقلا الى محلة ضبية حيث قام أحمد.ر بتبديل أكياس البنّ التي إشتراها بالأكياس التي كانت بحوزته والتي أحضرها من منزله في المنية.
وبعدها طلب منه أحمد.ر التوجه الى جل الديب، وهناك ترجّل الأخير من السيارة طالباً منه التوجه الى شركة DHL لإتمام معاملات الشحن بإسمه بعد أن أعطاه ثمن تكاليف العملية، وأنه بالفعل قام بإنجاز المعاملة وبعدها غادرا عائدين الى الشمال.
وقد نفى علمه بوجود مواد مخدرة داخل البنّ، مؤكداً أن لا علاقة له بموضوع تهريب المخدرات، مضيفاً أن أحمد.ر طلب منه إيصاله الى فرع الشركة في طرابلس، وكان يحمل كرتونتين متوسطتي الحجم أخبره أنهما تحتويان على شوكولا، وبوصولهما الى الشركة المذكورة، دخلا معاً حيث طلب منه أحمد.ر إنجاز بوليصة الشحن بإسمه مستعملاً بطاقة هويته، فوافق على ذلك، وقد إتصلت به الشركة لاحقاً طالبةً منه الحضور الى مركزها لإسترجاع كمية الشوكولا موضوع الشحن كونها منتهية الصلاحية، فإستلمها ثم أعادها الى أحمد.ر.
ولاحقاً قبضت دورية تابعة لمكتب مكافحة المخدرات الإقليمي في طرابلس على أحمد.ر في محلة المنية، وبنتيجة الفحص المخبري الذي أجري له، جاءت النتيجة إيجابية لجهة تعاطي مادة حشيشة الكيف.
ولدى التحقيق معه من قبل مكتب مكافحة المخدرات المركزي، أفاد أنه بسبب الضائقة المادية قبِل عرض إبن عمه المدعو سمير.ر العمل معه في مجال تهريب مواد تدخل في صناعة المخدرات الى أوستراليا، وذلك لقاء مبلغ وقدره خمسة الآف دولار أميركي لقاء كل عملية، وأنه بالفعل أحضر له كمية من ألواح الشوكولا وأخبره أنها تحتوي على مواد مهرّبة موضوعة داخلها بطريقة إحترافية، وقام بتزويده بعنوان في أوستراليا طالباً منه إنجاز عملية الشحن بواسطة شركة DHL، وأنه من أجل ذلك إتصل بأحمد.ح الذي يعمل كسائق تاكسي وعرض عليه العمل معه في هذا الموضوع بعد أن أبلغه أنه بصدد تصدير بضائع الى أوستراليا، كما طلب منه أن ينجز العملية بإسمه مقابل ١٠٠ ألف ليرة لبنانية، فشكّ هذا الأخير بوجود مواد ممنوعة داخل البضائع بعد أن علم أن حصته تبلغ خمسة الآف دولار أميركي، إلا أنه أنجز العملية في فرع الشركة في طرابلس، مضيفاً أنه بعد حوالي أسبوع، إتصل به أحمد.ح وأبلغه أن الشركة طلبت منه الحضور لإسترجاع كمية الشوكولا موضوع الشحن كونها منتهية الصلاحية، وقد أعادها اليه وهو بدوره أعادها الى سمير، مصرّحاً أن الأخير حضر اليه وكان بحوزته كيس كبير يحتوي على أكياس من البنّ، وأبلغه أنها تحتوي على مادة تُستعمل في صناعة المخدرات، طالباً منه شحنها الى أوستراليا، على أن يقوم بشراء عشرة أكياس من البنّ من أي فرع من فروع بن أبي نصر للإستحصال على فاتورة بها، ثم يعمل على تبديلها بالأكياس التي أحضرها له، وأنه بالفعل إتصل مجدّداً بأحمد.ح وأبلغه بوجود عملية جديدة، فوافق الأخير وأنجز العملية بإسمه، معترفاً بإقدامه على تعاطي مادة حشيشة الكيف، وأنه يستحصل عليها من شخص يجهل هويته داخل أحد المقاهي في محلة المنية، كما أكد أنه هو الشخص الذي يظهر برفقة أحمد.ح أمام فرع شركة الشحن في جل الديب.
وبعد القبض على سمير.ر في محلة القبة، أكد أمام مكتب مكافحة المخدرات المركزي أن لا علاقة له بموضوع المخدرات، وخصوصاً تهريبها الى أوستراليا، وبسؤاله عن سبب قيامه بالإبقاء على جميع المحادثات على تطبيق الواتساب خاصته بإستثناء تلك الجارية مع أحمد.ر لم يجب على ذلك، وبإعلامه بمضمون التصريحات والإعترافات الحاصلة ضده، صرّح أنه لا جواب لديه على ذلك ولا علم لديه عن سبب هذه التصريحات.
وتبيّن أن نتيجة الفحص المخبري الذي أجري له جاءت سلبية لجهة تعاطي كافة أنواع المخدرات.
وبسبب التناقض الحاصل بين أفادتي سمير.ر وأحمد.ر، تم إجراء مقابلة بينهما أصرّ خلالها كل منهما على أقواله السابقة.
ولدى تحليل هاتف أحمد.ر تبيّن وجود تسجيل صوتي قام بمسحه يتضمن ما مفاده أنه أقدم على تغيير رقم هاتفه وجهازه الخليوي، وأنه لا يمكن أن يقع ” ولو وصلت السكينة الى رقبته”.
ولدى التحقيق مجدداً مع أحمد.ر على أثر بيان التسجيل الصوتي المشار اليه، صرّح أنه أرسل التسجيل المذكور الى سمير بعد إلقاء القبض على أحمد.ح وأنه قام بشراء رقم هاتف وجهاز خليوي جديدين بناءً على طلب سمير.
هيئة محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي إيلي الحلو حكمت بالإتفاق بتجريم المتّهمَين سمير.ر و أحمد.ر بجناية المادة ١٣١ من قانون المخدرات، وإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بهما، وتغريمهما خمسين مليون ليرة لبنانية، وتخفيفها الى الأشغال الشاقة مدة ست سنوات والغرامة الى أربعة ملايين ليرة.
كما أدانت أحمد.ر بجنحة المادة ١٢٧/ مخدرات وحبسه عنها مدة ثلاثة أشهر وتغريمه مليوني ليرة لبنانية، وإدغام العقوبتين المحكوم بهما بالنسبة الى أحمد بحيث تُطبق بحقه العقوبة الجنائية كونها الأشد، على أن تُحتسب لهما مدة توقيفهما وإحتجازهما.
وأعلنت الهيئة براءة أحمد.ح من جناية المادة ١٣١/ مخدرات للشك، وإطلاق سراحه فوراً ما لم يكن موقوفاً لداعٍ آخر.