لماذا تظهر مياه النيل باللون الأحمر القرمزي في أحدث صور للأقمار الصناعية؟
تجعل هذه الصورة الغريبة الخاصة بنهر النيل أطول نهر في العالم يبدو وكأنه يجري دما، ولن تحزر أبدا السبب وراء ذلك.
أجل، إن نهر النيل موطن لواحد من أشرس أنواع التماسيح وأكثرها عدوانية التي يبلغ طولها ستة أمتار ووزنها حوالي ثمانمائة كيلوغرام، هذه التماسيح التي نالت لقب آكل البشر المهووس بجدارة واستحقاق، فهي تقوم بقتل ما ينوف عن مائتي شخص كل عام، ثم هناك أفراس نهر النيل البالغ وزنها 3600 كيلوغرام، التي تضاهي كذلك في خطورتها خطورة التماسيح، وهذا مع التنويه إلى أننا لم نذكر كذلك الثعابين التي يعج بها هذا النهر الكبير.
كل هذه المفترسات الشرسة التي سبق ذكرها تجعلك تفكر في كون لدى نهر النيل الكثير والكثير من الأسباب لتجري مياهه دما، لكن لا تقلق عزيزي القارئ، فلا سبب مما سبق ذكره يجعل النهر يجري بذلك اللون الذي تظهره صور الأقمار الصناعية، على الأقل لم يحدث هذا بعد.
لذا لماذا تظهر هذه الصورة الملتقطة من طرف الوكالة الأوروبية للأبحاث الفضائية European Space Agency نهر النيل وكأنه يجري دما في لونه شديد الحمرة؟
إن الجواب الطويل الذي قامت وكالة (ناسا) بنشره على موقعها، هو جواب معقد للغاية، أما الجواب القصير والبسيط فهو أن الأقمار الصناعية، مثل القمر الجديد Sentinel-3A الذي قام بالتقاط هذه الصورة، تقوم بقياس العديد من أنواع الإشعاعات الكهرومغناطيسية ما دون الموجات الضيقة التي تندرج ضمن الضوء المرئي، الذي بإمكان العين البشرية رؤيته.
واحد من أنواع هذه الإشعاعات هو الأشعة تحت الحمراء، وعلى ما يبدو، فإن عنصر الكلوروفيل في النباتات يجعلها تعكس الطاقة ما دون الحمراء بشكل قوي جدا، وعندما يتم تصوير هذا في صورة تابعة للقمر الصناعي، فهي تتحول إلى اللون الأحمر الفاقع المرئي الذي تراه في الصورة أعلاه.
بكلمات أخرى، السبب الذي يجعل نهر النيل ذا لون أحمر فاقع في الصورة أعلاه هو كل تلك النباتات التي تنمو عليه وحواليه، وكلما كان نمو تلك النباتات سريعا، كلما كان اللون الأحمر المعبّر عنها قاتما أكثر، ومنه، يمكننا الجزم بأن الغطاء النباتي حول منطقة النيل يبلي بلاء حسنا.
يواصل القمر الصناعي Sentinel-3A رحلته حول العالم، حيث سيستمر في توفير البيانات اللازمة، ليس فقط من أجل تلك المتعلقة بنمو النباتات منها، بل حزمة كاملة من الديناميكيات التي تحصل حول الكوكب، بما في ذلك مراقبة انتشار وحركة النيران البرية، ومنسوب المياه، والعديد من البيانات.
وفيما يخص منسوب المياه، وباعتبار التقارير الأخيرة حول ارتفاع مستوى مياه البحار، فيجب علينا جميعا أن نشعر بالقلق، لا بل بالرعب عما قد يجده قمر الـ Sentinel-3A في القريب العاجل.