” رجل من بلادي “

هو القادم من وادي الخير، أرض المثقفين والأحرار والكادحين، أرض الإلفة التي كانت وما زالت عنوانا للتعايش المشترك الدائم « وادي التيم»، الذي تربى على أراضيها وفي بلداتها وضيعها، وهو يلهو على ذرى أرض معطاءة مجبولة بالخير والغلال الوفيرة، كانت له صولات سهر وسمر، وحكايات عشق لا تنتهي فصولا..

وهو وإن إبتعد عنها لظروف عمله، حيث شبّ على العمل والحياة باكرا، إنمّا تراه عاشقاً لها حتى الثمالة، مجبولاً بكل حبة تراب من أرضها المسكونة، كالصخر صامداً متحدياً الأعاصير، متشبثاً حتى الرمق الأخير، لذا يبقى حنينه إليها هاجسه الأول، ولا يترك مناسبة أو فرصة إلاّ ويقطع المسافات الطويلة، حيث يعمل في دولة الإمارات للحضور وتجديد ذكريات طفولته التي لا تمحى من ذاكرته، كما ليكون إلى جانب أبناء منطقته يشاركهم همومهم في السراء والضراء، وليبني معهم مستقبل هذا الوطن الذي هو بحاجة ماسة للتعاضد والتعاون والإنماء والعطاء..

هو الذي جاء متأبطاً أحلامه المزروعة قناديل لتنير جدران الأمل..

هو المتفتح كفصل الربيع المزدهر بخضرة حقوله وبساتين وروده..

هو الذي تنعم بدفء عائلة كريمة مؤمنة بالخير والعطاء من أجل العطاء دون مقابل، ودون منة، حيث شبّ على عطاءات والده الدكتور شحادة قنتيس الذي لقبّ « بطبيب الفقراء»..

هو الذي إجتهد في دراسته ونجح فيها، وإجتهد في عمله، وبفضل إخلاصه ومثابرته وصدقه وبراعته فيه حقق جزءاً كبيراً من طموحاته وأمانيه بعد أن أنعم الله عليه بما يستحق، لذا لم ينسى من هم بحاجة لعطاءاته..

هو الذي يقدم من قلبه كل الحب والإنسانية، ومن ماله ما ملكت أيمانه لمنطقة وبلدات حرمت من حقوقها في ظل الغياب الكامل للدولة اللبنانية وإهمالها « وادي التيم»، حاصبيا، كوكبا، أبو قمحة، والبلدات المجاورة وما أكثرها، حتى وصلت عطاءاته ومساعداته لبقاع الوطن أجمع..

هو الذي قدّم كل المساعدات الإنسانية اللازمة وأكثر منذ بدء الثورة وجائحة covid 19 في العام 2019، حيث قدم المساعدات المالية، والعينية، والطبية لأشخاص منسيين من دولتهم ونكبوا جراء ما حصل..

هو الذي ساهم بإعادة العمل في مستشفى حاصبيا الحكومي، حيث ساهم بمبلغ 25000$ بالتنسيق مع وليد بيك جنبلاط من أجل إعادة إحياء هذا الصرح الطبي من جديد، بالإضافة إلى المساعدات المالية التي قدمت منه لموظفيها..

هو الذي لم ينسى الصرح الطبي العسكري في الجيش اللبناني مستوصف حاصبيا، حيث قدّم له سيارة Rapid خاصة للطبابة..
هو الذي لم ينسى بلديات المنطقة من مساعداته الجلية، حيث قدّم مادة المازوت من أجل إنارة المنازل والتخفيف عن أهل هذه البلدات من تكبّد الفواتير الغالية جراء غلاء مادة المازوت وفقدانها..

هو الذي لم ينسى الجمعيات الخيرية في المنطقة من مساعداته وتقديماته الجلية..

هو الذي لم يفرق بين مسيحي، ودرزي، ومسلم، وأعتبر بأن جميعهم أهله وناسه وإخوته، ونظر إليهم بعيون قلبه..

هو رجل الخير والعطاء، رجل الإنسانية، رجل الحب والقلب المرهف، رجل الإنماء، رجل التخطيطات الإقتصادية المستقبلية، رجل المهمات الصعبة، رجل الأعمال غسان شحادة قنتيس، الذي ما زال مستمراً بعطاءاته ومساعداته التي لا تحصى ولا تعد..

الأستاذ غسان شحادة قنتيس

 

ولأننا في “موقع ومجلة كواليس” دائماً نسلط الضوء على العطاءات الإنسانية ويهمنا بأن يعلم العالم أجمع أن الخير ما زال موجوداً، ودائماً نعمل على نشر الخير ليكون قدوة وشمعة تضيء الظلام، كان لا بد لنا من إجراء هذا التحقيق الذي يختص بتكفّل الأستاذ غسان إستكمال بناء أهم المزارات الدينية في بلدتي حاصبيا وكوكبا، ومساعداته لقرية أبو قمحة، وإخراجها من الظلمات إلى النور..

دير راهبات صيدنايا

 

وفي بداية تحقيقنا إتصلنا بالسيد فارس اللحام ليحدثنا عن تفاصيل بناء دير راهبات صيدنايا وتكفّل الأستاذ غسان به، ليتضح لنا بأن السيد فارس هو صاحب فكرة بناء هذا الدير، كما أنه وكيلا للوقف في بلدة حاصبيا، وقد جمع له بعض التبرعات وبدأ بوضع الاساسات وبعد إتصال من الوقف بالأستاذ غسان تكفل الاخير بإستكمال المرحلة الأولى وانهاء بناء الدير حتى نهايته.

من ثم قمنا بالإتصال برئيس بلدية حاصبيا والمشرف العام على المشروع الأستاذ لبيب الحمرا، الذي قال: دير راهبات صيدنايا مقره الأساسي في سوريا، لكنه يمتلك بعض الأراضي المقدمة من أبناء الرعية في حاصبيا، وقد بدأ بنائه في العام 2020 بعد أن تمّ توسعة الطريق، وقد قام الأستاذ غسان بإستكماله على نفقته الخاصة وطلب بأن يشيد بمواصفات ممتازة وعالية الجودة، خصوصا وأن والدته كانت قد نذرته للدير الأساسي في سوريا منذ صغره ممّا جعل ذلك حافزاً إضافياً له.
أمّا عن تكلفة المشروع ومواصفاته قال: الكلفة التقريبية هي 300000$، وهو يتألف من طابقين الأول بمساحة 400م، والطابق الثاني بمساحة 200م، وتراس بمساحة 200م،

وأكمل قائلاً: من خلال منبركم أحب بأن أشيد بكفوف الأستاذ غسان البيضاء ومساعداته الإنسانية في منطقتي حاصبيا مرجعيون، وأتوجه بنداء إلى باقي المغتربين الذين يحبون لبنان فعلياً بأنه وأهله بحاجتهم..

 

كنيسة القديس جاورجيوس في أبو قمحة

ونكمل مشوارنا مع هذا التحقيق لنصل إلى قرية مجاورة لبلدة حاصبيا تسمى أبو قمحة، والتي لا يتعدى عدد بيوتها ال 24 منزلاً، لكنها تتثبت في التاريخ، وتلازم الجغرافيا من خلال كنيسة القديس مار جرجس التي يبلغ عمرها أكثر من 200 عام، حيث يعود بناءها للعام 1832،

شكر أهالي أبو قمحة للأستاذ غسان

 

ويوجد قربها عين ومزار للقديس جاورجيوس يزوره المؤمنون من كل الطوائف، ويقدمون له النذور، وهو الذي يعرف بسيدنا الخضر عليه السلام لدى الطوائف الأخرى، وفي ظل الوضع الإقتصادي والمعيشي الحالي، أيادي الخير تمتد لمساعدة أهالي القرية من الأستاذ غسان، ليكون لهم المنقذ، حيث قدّم كابلات كهرباء خاصة بطول 2000م ربطها بالمولدات الخاصة ببلدية حاصبيا، وذلك بالاتفاق مع البلدية لتتم إضاءة البلدة وكنيسة جاورجيوس والنادي الموجود بالقرب منها،

 

كنيسة القديس جاورجيوس في أبو قمحة من الداخل

كما قدّم لها الكثير من المساعدات دون أن يطلبوها، وكل ذلك في غياب الدولة وتقاعسها عن القيام بواجباتها تجاه قرية أبو قمحة متناسين بأنها بلدة القديس جاورجيوس عليه السلام الذي خطى بقدميه على أرضها حتى غرست أقدامه وأقدام فرسه على إحدى صخورها لتصبح قرية مباركة.

 

مزار القديس والصخرة

دعسات القديس جاورجيوس وفرسه على الصخرة

ونستكمل وإياكم التحقيق الذي بدأنا لنصل إلى بلدة كوكبا، وبإتصال منّا مع رئيس بلديتها ورئيس لجنة سيدة حرمون الدكتور إيلي أبو نقول ليحدثنا عن المزار الذي يتم تشييده في البلدة.

 

 

مجسم مزار سيدة حرمون في كوكبا

قال: فكرة بناء مزار سيدة حرمون موجودة منذ العام 2003، لكن للأسف بقيت مجرد فكرة حتى العام 2018 عندما إستلمنا رئاسة البلدية قمنا بإعادة طرح الفكرة من جديد على سيدنا المطران شكرالله الحاج مطران صور للموارنة الذي تخوف في بادئ الأمر لضخامة المشروع وتكاليفه الباهظة،

 

لكن لأن إيماننا قوي جداً، ولأننا نريد تحقيق نبوءة قديمة، حيث أن السيدة العذراء مذكورة في الكتاب المقدس منذ القدم أخذنا التفويض الخطي من المطران، وبدأنا بحملة التبرعات للبدء بالمشروع، وبعد فترة من الزمن أنجزنا القسم الأول برقم قياسي، حيث بدأنا في 7 أيار 2019 انتهينا منه في 17 تشرين الأول من العام نفسه، لكننا لم نستطع تدشينه في ذلك الوقت بسبب الثورة وجائحة covid 19، لذا تأجل التدشين إلى 25 أيلول ال 2020، من ثم بدأنا في المرحلة الثانية من بناء المزار، ليدخل الأستاذ غسان على الخط من قبل أحد الأصدقاء، وتكفّل بإتمامها كاملة، وكانت التكلفة 130000$، وصحيح أن ما قدّمه الأستاذ غسان شكل رافعة كبيرة للمشروع، إلا ّ أنه مازال أمامنا بناء الكنيسة الداخلية وفرشها.

 

الكنيسة المكشوفة في سيدة حرمون

 

أمّا عن مواصفات المزار فقال: هو عبارة عن كنيسة مكشوفة تتسع ل 700 شخص فيها مذبح وكنيسة داخلية تحت البرج الذي يبلغ إرتفاعه 18م ويحمل تمثال السيدة العذراء بإرتفاع 27،3م، بالإضافة إلى الساحات العامة ومن ضمنهم حديقة القديس شربل،

مزار سيدة حرمون مجسم

 

وأضاف الريس أبو نقول قائلا: إن بناء هذا المزار في بلدتنا هو مشروع صمود ووحدة وطنية، بالإضافة إلى أنه سيكون نهضة إقتصادية وسببا للحركة السياحية في منطقة الجنوب عموما.

 

 

فطوبى لرجل الخير والعطاء، طوبى لرجل الحب والإنسانية، طوبى لمن يهتم بالإنسان والحجر الأستاذ غسان شحادة قنتيس، آملين بأن يحذو حذوه الكثير من رجال الأعمال ومغتربي هذا الوطن.
إنتهينا من هذا التحقيق، لكننا لم ولن تنتهي تحقيقاتنا ومتابعة ما يقوم به الأستاذ غسان شحادة قنتيس، لأن موقع ومجلة كواليس دائما تبقى رسالتها نشر الخير، فإنتظرونا قريباً..

تحقيق : رانية الأحمدية – كواليس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى