لبنان يقترب من لحظة إخضاعه ” للانتداب المالي” !!

صدى وادي التيم – لبنانيات:

واضح ان جبران باسيل قرر خوض الانتخابات النيابية تحت شعار استرجاع أموال المودعين. وليس مهما ان كان المودعون سيستردون أموالهم التي ضاعت في المصارف ونتيجة منظومة فساد السلطة التي كان باسيل يجلس في الصف الأول داخل ناديها؛ بل المهم عند باسيل ان يذهب الى الانتخابات فيما لو حصلت وهو بين يديه شعار شعبوي يستطيع من خلاله تجميع الناخبين حوله، خاصة بعد ان جرب المسيحيون كل شعاراته الشعبوية السابقة واكتشفوا انها كانت قنابل دخانية لتغطية دربه الى نيل السلطة ونيل النفوذ الأكبر لنفسه داخل السلطة.   

هناك ثلاثة أمور خطرة يدبر باسيل ظهره لها خلال توجهه لجعل المصرف المركزي والقطاع المصرفي بمثابة كيس رمل في خطته لانقاذ نفسه في امتحان حساب الناس خلال معركته الانتخابية : 

الامر الاول يتمثل بتجاوز باسيل ان البنك المركزي هو من يصرف على الدولة والناس في هذه المرحلة ؛ وسبب ذلك واضح ومفاده ان المصرف المركزي لديه دولارات ولو بالحد الادنى ، وعليه فان الدولة تعتمد عليه لاستيراد ما تبقى من السلع الأساسية التي من دون تأمينها يدخل البلد في حالة الموت الاقتصادي الكامل. وجبران باسيل والجميع ، يعلم ان الدولة لا تجني ايرادات في هذه المرحلة ولا يبدو انها ستجني ايرادات في المدى المتوسط ، ولذلك فان ادخال المصرف المركزي في متاهة القاضية غادة عون التي تمارس لعبة قضائية تحت أضواء كاميرات الاعلام ، لن يؤدي حسبما نشاهد من نتائج ، الا الى نتيجة واحدة ، وهي ضرب المصرف المركزي واستتباعا ضرب القطاع المصرفي. 

السؤال الثاني الذي يطرح نفسه ويشكل خطورة، هو هل حاكم مصرف لبنان هو كل جوهر ازمة الانهيار المالي في لبنان؟؟ . 

ومن قبيل الانصاف يجب القول ان هناك إجابتين اثنتين على هذا السؤال ؛ الأولى تقول ان الحاكم رياض سلامة والمصارف المركزي، يتحمل جزء من المسؤولية، وبالتالي فانه يتوجب على مصرف لبنان ان يتحمل نسبته في سد الخسائر، وذلك مع باقي الطبقة السياسية التي هي الاحزاب التي شاركت منذ سنوات طويلة في السلطة. 

.. اما الإجابة الثانية، فتقول ان حاكم مصرف لبنان بموجب المادة رقم ٩١ من قانون النقد والتسليف فإنه مجبر بإقراض الدولة . وعليه فإنه غير مسؤول عن الأموال التي ضاعت. 

وبمقابل هذين الرأيين اللذين يحاولان البحث عن حل مجدي لموضوع توزيع المسؤولية عن الخسائر المالية للدولة ، فان جبران باسيل وحده ومعه حلفائه يقولون انه لا يوجد متهم في تحمل هذه المسؤولية سوى رياض سلامة!!.  

وصار واضحا ان خطاب العهد وباسيل وحلفاء العهد تجاه قضية سلامة والمصرف المركزي فيه الكثير من الترويج الدعائي والخطاب الشعبوي، والهدف منه هو إزاحة الأضواء عن الدائرة التي توجد فيها المسؤلية الحقيقية عن الانهيار، إلى دائرة اخرى يتم فيها صناعة مفتعلة للمسؤولية عن الانهيار . 

والسؤال الثالث المطروح على باسيل هو انه على فرض ان خطته الشعبوية الانتخابية نجحت ، و تم فتح ملف المصارف بأسلوب الضجيج الاعلامي الجاري حاليا، وبدأ الاعلام يتحدث بلغة الفضائح عن المصارف، وقام القضاء المسيس بفتح ملف مسيس للمصارف ، فماذا سيحدث؟، 

ما سيحدث هو أكثر من خطر (!!) ، لأنه بمجرد فتح ملف قضائي على اي مصرف فان المصارف الخارجية المراسلة ستقوم بإيقاف التحويلات إليه. وحينها – مرة أخرى- ماذا سيحدث؟؟ .

ببساطة لن يعود هناك امكانية لان يستورد لبنان اية سلعة من الخارج ، ولو كانت هذه السلعة حبة قمح واحدة، ذلك أن ما تبقى من مصارف لبنان التي تقوم بفتح الاعتمادات للجهات المحلية التي تستورد السلع من الخارج لن تعود قادرة على فتح هذه الاعتمادات نتيجة ان المصارف الخارجية المراسلة أوقفت عملية التحويلات المالية معها.  

 وتاثير حصول مثل هذه التطور على لبنان سينعي ان البلد سيفقد القدرة على الاستيراد؛ وسيعني عمليا ان لبنان لن يعود بإمكانه الاستيراد الا عن طريق التهريب عبر المنافذ البرية غير الشرعية مع سورية . 

.. ولترتيب ذات هذه الصورة بوضوح يمكن القول ان المسار الحالي الذي يغذيه باسيل لاسباب انتخابية ، سينتج عنه ثلاث نتائج حتمية:  

النتيجة الاولى هو وقف تصدير السلع إلى لبنان ، لأنه لا يمكن استيراد اية سلعة الا اذا قام التاجر او الشركة او الوزارة بفتح اعتماد مصرفي لإنجاز الاستيراد . 

النتيجة الثانية الحتمية هي انه بغياب امكانية فتح الاعتمادات في المصارف التي لديها مصارف مراسلة خارجية ، سيصبح هناك وسيلة واحدة للاستيراد إلى لبنان وهي الاستيراد غير الشرعي ، اي التهريب . وسيصبح لبنان بلدا يصول ويجول فيه التجار والجهات التي لديها حماية للتهريب عبر المعابر البرية غير الشرعية او بشكل غير قانوني عبر البحر.

 النتيجة الثالثة ضمن نفس سياق مرحلة ما بعد إقفال المصارف، هي انه في حال اقفلت المصارف التي تقوم حاليا بانجاز عمليات فتح اعتمادات للتجار لاستيراد السلع من الخارج إلى لبنان ، فان لبنان سيكون ملزما بدخول واحدة من مرحلتين اثنتين : اما الاستيراد عبر التهريب ، واما ان لبنان سيدخل مرحلة ” الانتداب المالي” عليه. 

وتعني مرحلة ” الانتداب المالي” ، ان لبنان سيمر بذات المرحلة التي شهدها العراق في المرحلة الأولى من الغزو الاميركي له، حيث اقفلت حينها البنوك في العراق ، وتم إخضاع العراق للانتداب المالي؛ حيث أخذت تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بممارسة عمليات فتح الاعتمادات كي يستورد العراق السلع التي يحتاجها.

المصدر: الهديل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى