تزايد حالات إختطاف ألاطفال والشبان طلباً لفدية.. وهروب قاصرات من أهلهن
صدى وادي التيم – أمن وقضاء /
“في ظل الأزمة الاقتصادية المتردية، وبعد أن طال الفقر أكثر من ثلاثة أرباع السكان، يواجه لبنان شبح الانفلات الأمني، الذي بات يظهر على أشكال عصابات متفلتة في المناطق. ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في نسبة السرقات والقتل والخطف. وخلال متابعة صفحات قوى الأمن الداخلي الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، نلاحظ أن نسبة المفقودين ارتفعت منذ بداية الأزمة الاقتصادية وحتى اليوم. ويكاد لا يخلو يوم من تعميم صورة مفقود مع إدراج بعض المعلومات عنه في أدنى الصورة.
وبعد متابعتنا، لاحظنا أن أكثر الحالات المنشورة هي لأطفال لم يبلغوا 15 سنة. ظاهرة المفقودين غير محصورة بالمناطق الشعبية والفقيرة، بل باتت منتشرة في معظم المناطق اللبنانية. وقد بدأت تتحول إلى ظاهرة عامة، تلاحق الناس في حياتهم اليومية فتترك أثرها الواضح على المواطنين وعلى أمنهم اليومي.
عصابة خطف أطفال
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي الخميس، بصور الطفل ريان كنعان (12 عاماً)، الذي خطف في وضح النهار. وقد أقدم شخصان يستقلان سيارة من نوع بيكانتو رمادية اللون، على اختطاف الطفل ريان من منطقة حالات- جبيل عند الرابعة بعد الظهر وفرّا إلى جهة مجهولة. وحصلت العملية بينما كان الطفل برفقة والدته في أحد الأسواق، حيث كانت تشتري بعض الثياب من أحد المحال التجارية. فاقترب ريان من باب المحل، وبعد ثوان دخل رجل واختطف ريان أمام أعين والدته ووضعه في السيارة التي كان يركنها مقابل المحل. وحاولت والدة الطفل اللحاق بالخاطف لإنقاذ طفلها، ألا أن الرجل فرّ بابنها إلى جهة مجهولة. وعلى الفور وبعد تبليغ الجهات المعنية، بدأت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي تحقيقاتها لمتابعة الحادثة وتحرير الطفل من العصابة.
الطفل المخطوف ريان كنعان
فدية بالدولار
وبعد تعميم صور ريان، طالب أهله ومعارفه، من كل من يعرف أي معلومة عن الطفل، أو تفاصيل السيارة الرمادية، تبليغ غرفة العمليات فوراً للتنسيق مع مخابرات الجيش وأمن الدولة والقوى الأمنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذ حياة الطفل. وحسب المصادر، طالب الخاطفون بفدية مالية تقدر بـ250 ألف دولار أميركي، لإطلاق سراح الطفل. وقد يعود طلب هذه الفدية إلى معرفة الخاطف وضع عائلة كنعان المادي ومراقبة تحركات الطفل لاستدراجه واختطافه بشكل علني.
ارتفعت حوادث خطف الأطفال كثيراً في الآونة الأخيرة، وأدت إلى خلق حالة من الرعب والخوف بين الأهالي، الخائفين على أولادهم من أي عملية خطف وابتزازهم مادياً. وأدت إلى استنفار أمني كبير لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة المنتشرة في كل مناطق لبنان، والتي تنتشر في بيروت والبقاع والجنوب وغيرها. وحوادث الخطف في ظل هذه الأزمة المالية، لم تعد تقتصر على المقيمين في لبنان، بل باتت تستهدف المغتربين الذين يقصدون لبنان لأيامٍ عدة، وذلك للحصول منهم على بعض المال، باعتبار البعض منهم يملك مبالغ ضخمة بالدولار الأميركي. ومنذ حوالى أسبوعين، اختُطف المغترب اللبناني عباس الخياط من مكان سكنه العائلي في قريطم، وقد عاش أهله حالة من الهلع بانتظار أي خبر يبرد قلوبهم، يفيد أن ابنهم ما زال على قيد الحياة. وتبين لاحقاً بأن الخاطفين ترصدوا عباس لأيام، ولاحظوا عليه علامات البحبوحة، من خلال نوع سيارته، ومكان سكنه في قريطم، حيث الشقق السكنية الفخمة. واستندوا على مظهره وطريقة لبسه التي تؤكد بأنه ثري. وقد ظهرت لاحقاً خلفيات الخطف أنها مادية فقط، وما من أهداف أخرى كالثأر أو مشاكل شخصية. وقد تم تحريره لاحقاً من دون دفع أي فدية مالية. وذلك بفضل شبعة المعلومات التي حررته من إحدى المناطق المحاذية للحدود اللبنانية-السورية، ولكنهم لم يستطيعوا استرجاع السيارة التي سرقها الخاطفون.
هروب قاصرات
والمشاكل الاقتصادية ليست وحدها السبب الأول لحوادث الخطف أو الهروب. فالأزمة المالية الصعبة ساهمت في تفكك الأسر، وارتفاع معدلات الطلاق، وازدياد الجرائم العائلية. لذا برزت ظاهرة جديدة خلال هذه الأزمة: هروب قاصرات من منازل ذويهن. وحسب معلومات “المدن”، منذ منتصف عام 2021 هربت عدة قاصرات من عائلاتهن بعد تعرضهن للعنف اللفظي والجسدي. وبسبب اشتداد الأزمة هربت فتيات برفقة شبان لا تتجاوز أعمارهم العقد الثاني، وتعرفوا عليهن على وسائل التواصل الاجتماعي وأوهموهن بالزواج وبحياةِ مختلفة عن تلك التي عاشوها مع أهاليهن، أو عرضوا عليهن بعض الأعمال التي تستطيع الفتيات جني المال منها والاستقرار بعيداً عن أجواء العنف في بيوتهن.
وبعدها، قام أهالي الفتيات بالتواصل مع قوى الأمن الداخلي، التي تقوم بتعميم صور الفتيات وبدأت بالبحث عنهن. ويتبين لاحقاً وبعد أيام أن إحدى الفتيات هربت بإرادتها وبمساعدة شاب. ويقوم أهالي الفتاة بالتكتم ويرفضون الإدلاء بأي تصريح أو الاعتراف بهذا الموضوع أمام المحيط الذي ينتمون إليه.
وتعود أسباب هروب القاصرات إلى عدم وجود بيئة حاضنة في أسرهن. فأغلب هذه الأسر تنتمي إلى بيئة متشددة تعكس جواً ضاغطاً في تربية الفتيات، وإما بيئة مهملة تعكس جواً متراخياً، ما يدفع القاصرات إلى الارتماء في خيارات أخرى تبدو أنها الحل الوحيد للخروج من مأزقهن.