مخطّط جنبلاط للانتخابات
صدى وادي التيم- لبنانيات/
وسط زحمة الأزمات، شاءَ رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط أنْ يعيد تموضعه السياسي تحضيراً للفترة المقبلة، وراح يبني كلّ توجهاته على هذا الأساس حاسِماً الآفاق الانتخابية التي سيخوضها.
مع هذا، فإن الواضح أن جنبلاط أعلن اصطفافه التّام ضدّ جبهة “ح ز ب ا ل ل ه” وحلفائه
فـ”لا خطّ رجعة” حالياً لأن الأزمة الدبلوماسية الناشئة بين لبنان ودول الخليج حتّمت على “زعيم المختارة” ذلك، ودفعته لإعادة كل حساباته لا سيما في الجبل.
خلال الفترة الماضية، كان جنبلاط يعتمد المُهادنة مع عهد رئيس الجمهورية ميشال عون ويفتُح مع التيار “الوطني الحر” خطوط التواصل والتقارب الإنتخابي في الشوف – عاليه.
إلا أن ما فرضته الأزمة مع السعوديّة جعلت جنبلاط يبدّل التوجّه ويعود باتجاه “القوات اللبنانية”، الحليف القديم منذ العام 2005.
يُدرك جنبلاط تماماً أن المرحلة تقتضي عدم التحالف مع “الوطني الحر” في الشوف – عاليه، لأنّ الأخير حليف “ح ز ب ا ل ل ه” المنبوذ سعودياً وخليجياً. وفعلياً، فإن هذه النقطة وحدها كافية للابتعاد تماماً عن أي بابٍ يمهد لتقارب غير مباشر مع الحزب، وعليه تقرّر الأمر إنشاء جبهة انتخابية واحدة مع “القوات” لضمان التوازنات، والانطلاق نحو مُقارعة سياسية جديدة يُمكن أن تساهم في إضعاف “الوطني الحر” وسلبِه بعض المكاسب الانتخابيّة، وهذا الشيء الذي تريده “القوات” بالدرجة الأولى. إذاً، فإن مشهد انتخابات العام 2018 سيتكرّر في الجبل: اصطفاف القوات – الإشتراكي سيكون بارزاً من جديد، وقد تلتحق به قوى أخرى مثل تيار “المستقبل” نظراً للحاجة الانتخابية، على أن تدعم الجبهة هذه بعض الجهات الموجودة في المنطقة. وبذلك، فإنّ المعارك الانتخابيّة ستُخاض بين معسكرين: الأول يضم القوات اللبنانية – الإشتراكي (وقد يضمّ المستقبل)، في حين أن المعسكر الثاني سيضمّ: التيار الوطني الحر – الوزير السابق وئام وهاب – النائب طلال أرسلان – الحزب السوري القومي الإجتماعي، وحلفاء. وإزاء هذا التقسيم، يبدو واضحاً أنّ انتخابات الشوف – عاليه أخذت منحى يُحيي انقسام 14 و 8 آذار مع بعض الاستثناءات التي ستلعبها حركة “أمل” في الشوف، استناداً إلى تحالفها التاريخي مع “الإشتراكي”. ففي الانتخابات الماضية، كان القرارُ واضحاً لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري بدعم لائحة المصالحة التي ترأسها النائب تيمور جنبلاط وكان هناك تأكيد على تقسيم أصوات الشيعة في إقليم الخروب والشوف على بعض المرشحين في اللائحة وتحديداً الذين طرحهم زعيم الإشتراكي وليد جنبلاط. وحينها أيضاً، دخل “ح ز ب ا ل ل ه” على الخط داعماً لائحة المُصالحة وحصل هذا الأمرُ تحت حجّة الحفاظ على التوازنات في الجبل ومنع الإخلال بها. وعملياً، فقد ساهم هذا التدخّل من الحزب في اكتساب لائحة جنبلاط المقعد الدرزي لصالح النائب المستقيل مروان حماده، ولولا تلك الخطوة لكان الوزير السابق وئام وهاب الذي أعلن مؤخراً تحالفه مع “الوطني الحر”، قد حلّ مكان حماده. ولهذا السبب، شعر وهاب بالاستياء من حلفائه عام 2018، لأنه كان يفصله عن الفوز أقل من 300 صوتٍ فقط وكان باستطاعته الحصول عليهم من خلال أصوات “ح ز ب ا ل ل ه” التي ذهبت أصلاً للائحة المُصالحة. وبالعودة إلى حركة “أمل”، فإنّ أحداث الطيونة لن تغيب عن الواجهة الانتخابية، وبدعمها للائحة التي يقودها جنبلاط، فإنها ستكون قد دعمت أيضاً “القوات اللبنانية” ولكن بشكل غير مُباشر. وهنا، فإن اشكالية كبرى ستبرز على هذا الصعيد وتحديداً لدى جمهور “أمل”، إلا أن عنوان التوازنات قد يكون أعمقَ من مسألة الطيونة بالنسبة للقيادات السياسية، التي تعتبر أنه في حال تبدلت موازين القوى فإن الخلل سيضرب الجميع.
ما السيناريو المتوقع الآن؟
حالياً، فإن الصورة قد تكون مختلفة تماماً، وما يبدو هو أنّ جنبلاط سيُضحّي بالمقعد الدرزي الذي سينتزعه وهاب بدعم من ح ز ب ا ل ل ه” في الشوف، إذ أن الأخير سيصبّ تلقائياً مع لائحة “الوطني الحر” وحلفائه، وقد يكون بعيداً تماماً عن خطوة العام 2018 نظراً لحساسية المرحلة ومقتضياتها. فمن جهته، يُدرك جنبلاط تماماً هذا الأمر ويعي أكثر أنّ الظروف القائمة حالياً يجب أن تكون أبعد من استرضاء “ح ز ب ا ل ل ه” والحصول على دعمه لاكتساب مقعد درزي لصالحه. أما الأمر الأهم، فهو أنّ جنبلاط سيقبلُ بدخول وهاب الندوة البرلمانيّة على قاعدة المصالحة الدرزية التي تهدف للحفاظ على السّلم في الجبل.
خلاصة القول أنّ المعركة القادمة سترسمُ ملامحَ اصطفاف جديد قد يتنامى ضدّ “ح ز ب ا ل ل ه”، وما يتبين أن الأخير سيرى نفسه مضطراً لحشد حلفائه من جديد، ما يعني أنّ الانقسام العمودي سيزداد أكثر وسيبرزُ مجدداً مثلما حصل في العام 2005.
المصدر: لبنان 24