“النوطرة والبعورة” يعودان الى سجل الحقول الزراعية بعد تنامي السرقات

صدى وادي التيم – لبنانيات /

مصطلحات قديمة عادت الى سجل النشاط الزراعي مع التداعيات الاقتصادية والمعيشية التي تضغط على كواهل اللبنانيين. والتي تتسبب يوماً بعد يوم بتفشي “السرقات” واللافت منها في المحاصيل الزراعية في مناطق جنوبية عديدة، حيث طاولت هذا الموسم على وجه الخصوص أشجار “الأڤوكا” والحمضيات وقبلهما الزيتون والخروب ومحاصيل أخرى، استدعت الاستعانة بالنواطير الذين غابت وظيفتهم لنحو ثلاثة عقود متتالية، تماشياً مع التطور الزراعي والمعيشي، حيث استُبدلوا بتسييج البساتين بالأسلاك الشائكة، حماية للمحاصيل من جهة والحفاظ على خصوصية الملكية من جهة ثانية.

تزامن ذلك أيضاً مع عودة ظاهرة ما يُعرف في القرى “بالبعورة” وهي تعني قيام أشخاص بالدخول إلى حقول الزيتون والخروب بعد جني محصولها من قبل أصحابها، والعمل على قطاف ما لم يتمكن أصحاب الحقول من قطافه، بسبب وجوده في أماكن مرتفعة على الشجرة، أو يكون قد سهى عنه العمال.

“النوطرة”

مصطلح “النوطرة” الذي ينقسم إلى نوعين الأول ناطور خاص والثاني عام، يعود إلى نحو مئة عام، يوم قوننه حاكم لبنان الكبير “فاندبرغ” إبان مرحلة الانتداب في الرابع والعشرين من تموز العام 1924. وفيه أن كل محل جامع خارج المدن، يجب أن يكون له ناطور، ويحق لكل شخص يمتلك عقاراً أو يملك حق التمتع به أن يكون له ناطور، أما نواطير الأماكن الجامعة فيقومون بوظيفتهم في جميع الأراضي التابعة لتلك الأماكن، فيما الناطور الخاص لا يجوز له القيام بوظيفته إلا في أملاك من عيّنه.

وكان يجري تعيين النواطير حينذاك في أول كانون الثاني من كل سنة، ويجوز لهم أن يحملوا مسدس بوليس تقدمه لهم السلطات المحلية، كما يجوز أن يرخص لهم القائمقام بحمل بندقية صيد يشترونها على نفقتهم الخاصة، وفي غالب الأحيان يحمل الناطور عصا مميزة.

اليوم، وفي ظل الأزمة الاقتصادية، وحاجات الغالبية من الناس وتدني الأجور وفقدان القيمة الشرائية لليرة اللبنانية، يسجل ارتفاع الشكوى من ظاهرة سرقة محاصيل زراعية في سهول الجنوب المغروسة بالأفوكا والحمضيات والموز والقشطة المرتفعة الأسعار، حيث يتجاوز سعر كيلو الأفوكا أو القشطة العشرين ألف ليرة حالياً.

 

جانب من أحد بساتين الأڤوكا في الجنوب
سرقة المحاصيل إلى ازدياد

وبعدما بلغت أعمال السرقة حد “اجتياح” بساتين عديدة، على الرغم من وجود السياجات والبوابات الحديدية على مداخل هذه البساتين، استنجد صاحب البستان أبو أحمد بناطور ليلي، قريب من البستان الذي يملكه في ضاحية صور الشرقية، يتولى مراقبة المحصول طيلة فترة الليل وحتى الفجر، لمنع أي سارق من الاقتراب والنفاذ بكمية من محصول الأفوكا والقشطة وحتى الليمون، بواسطة دراجته النارية التي يستخدمها في هذا العمل بحجة كلفة المعيشة.

يؤكد أبو أحمد أن السرقات لم تتوقف على مر الأزمنة، والتي ترتبط في أحيان بالحاجة إلى مال أكثر، وهناك أشخاص اعتادوا على ذلك، لكن الملفت هذه السنة تضاعف أعمال سرقة المحاصيل بكميات كبيرة، حيث تباع في الأسواق بالسعر الذي يسلمه المزارع لسوق الجملة.

يضيف لـ “مناطق نت” أن هذا الواقع تطلب مني الاستعانة بناطور في الليل، يسهر على هذه المحاصيل. وراتب الحراسة الليلية شهرياً يوازي أقل من سعر 100 كيلو غرام من الأفوكا أو القشطة على سبيل المثال.

“البعورة”

وقد بيّنت أعمال “البعورة” في موسمي الزيتون والخروب، التي انقرضت لأكثر من 35 عاماً من قاموس المزارعين والمواطنين على السواء، حجم الفقر الذي يعانيه الناس، والتنقيب عن رزقهم في كومة قش.

يوضح أيمن لـ “مناطق نت” أنه مع عائلته المؤلفة من زوجته وأولاده الثلاثة، قام هذا الموسم “ببعورة” الخروب بعد انتهاء أصحاب هذه الاشجار من جني محصولها وبيعها بسعر تجاوز الـ 25 ألف ليرة للكيلو الواحد، مضيفاً أن ما جنيته من هذا العمل، كان كفيلاً بتأمين المونة المنزلية ومتطلبات العام الدراسي، وبالتأكيد ليس من ضمنها بدلات النقل.

حسين سعد – مناطق نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!