ماذا لو اكتشفنا يوماً أنه لا داعي للحبّ؟
صدى وادي التيم- متفرقات/
استيقظت صباحاً، ليكون الحائط أول ما تقع عيني عليه. إنها لحظة ساحرة أن تشعر بأن الفراش بأكمله ملكك، من دون أن يفقأ كوع أحدهم عينك. لم تمضِ على هذا الإحساس لحظات حتى شعرت بثقل الاستيقاظ على فراش خالٍ من جسد محبّ أدمنت كدماته.
في أيام الجامعة، كان لي صديق متمرد على أي شيء قد يرتدي ثوباً مرتّباً، وأذكر أنه في أحد الأيام، صرخ بأعلى صوته في الساحة: “الرأسمالية تقتل الحب”. حينها، أجبته بشيء من البرود: “لكنك لا تتبع سوى مصالحك”. كانت تلك الجملة كافيةً لهروبه، مما أغرقني في شيء من الغمّ لم يكن سببه إنهاك الاشتياق، بل محاولة ملاحقة أخباره، ومعرفة عدد الفتيات اللواتي يعبث معهن بـ”اشتراكية”، من خلال استخدام مواقع الرأسماليين.
من المرهق محاولة مراقبة صديق، مع وجود هذا الكم الهائل من مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع التعارف. لا أعرف من أين أبدأ، وهل يتوجب عليّ ملاحقة كل تعليق؟ أم أحاول البحث عمن يخترق حسابه؟ تباً، كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد؟
تخبرني صديقتي أن ما يحدث كله، سببه “الفلتان الذي وصلنا إليه”. ففي الماضي، كنا نادراً ما نسمع بقصص الانفصال، أو الخيانة، إذ كانت أقصى أحلام الزوج، أن يستفرد بمشاهدة المطربات في برنامج “ما يطلبه الجمهور”. أما الآن، فتحضر إليه بنقرة واحدة، صور مئات فتيات بلدي التوّاقات إلى لحظة حنان، ناهيك عن تلك المواقع المليئة بالعري، والشهوة المجانية، ما يفتح الأبواب واسعةً للانجرار نحو التجارب المتعددة.
في الواقع، إنها غرائزنا التي تحكمنا، وتبقى تحت الرماد إلى أن تجد الظروف المناسبة. أما ما يحاول حكم علاقتنا، فغرائز السيطرة والتملك من طرف، وإتقان دور الفريسة المستحيلة الصيد من طرفٍ آخر، والرابح من يتقن الدور الأقوى. نحن لا نزال محكومين بارتباطاتنا الحيوانية، فهل يمكن للحب الرومنسي أن يكون بلا شروط، يوماً ما؟
ما هو شائع حالياً، أن على المرأة التمتع بجسدٍ نحيلٍ، ومثيرٍ، مع أرداف مشدودة، وصدر ممتلئ، كما أن على الرجل استعراض ممتلكاته، وقوّته، وفي معظم الحالات ينتهي الأمر بانهيار التوقعات المبنية من قبل الطرفين، والشعور بالخداع، كما لو أن العلاقة كانت عملية تبادل سلعات فاشلة تصاحبها متع مؤقتة.
يلهث الكثيرون للحصول على المظهر المثير، والقوة اللا محدودة، وينفقون الأموال الطائلة بعد أن تقنعهم وسائل الإعلام، وقدوات العصر، بضرورة هذا، وأهمية ذاك.
الحب ماركة مشهورة، يمكن من خلالها خلق العديد من المنتجات الباهظة الثمن. فكل ما يواجه الحب، والمحبين، يمكن تحويله إلى سلعة، وتجارة رابحة.