غبريل لـ«جنوبية»: اللبنانيون يُتركون لمصيرهم وننتظر إصلاحات موجعة!

صدى وادي التيم – إقتصاد /

اللبنانيون يُتركون لمصيرهم في تلقي سياط الغلاء الفاحش الذي يدمي أجسادهم، والدليل هو الإرتفاع الكبير في أسعار المحروقات اليوم، في الوقت لا تزال البطاقة التمويلية في عالم الغيب، ولا تزال مباحثات حكومة “معا للإنقاذ” مع صندوق النقد في خطواتها الاولى، كما يتم التداول أن حكومة الرئيس ميقاتي “تمشي كالسلحفاة” في هذه المباحثات في حين أن نار الازمة والغلاء يأكلان الاخضر واليابس.
في الوقت الذي تتنقل فيه الاحتجاجات الشعبية وإقفال الطرقات، بين العاصمة بيروت وباقي المناطق، إعتراضا على الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات الذي سُجل اليوم (22 بالمئة) ، يجول وفد صندوق النقد الدولي على المسؤولين اللبنانيين، للتوصل إلى إتفاق حول الاجراءات والخطوات المستقبلية المطلوبة، التي يجب القيام بها لدخول لبنان في برنامج صندوق النقد، لكن المفارقة أن اللبنانيين يشعرون ب”الاجراءات الموجعة” التي وعدوا بها حتى قبل التوصل إلى إتفاق معه. و الأنكى أن هذا الوجع يسري في أجسام اللبنانيين من دون أن تتخذ حكومة”معا للإنقاذ”، أي خطوات تخفف منه، كإقرار البطاقة التمويلية التي يجري الحديث عنها منذ عام تقريبا.  إقرأ أيضاً: هلع بين مستثمري العملات الرقمية في لبنان.. اكثر من ٣٠٠ مليون دولار «تبخرت»! إذا اللبنانيون اليوم يُتروكون لمصيرهم المحتوم من دون أي مظلة حكومية، بل يجري تخويفهم بأن “الاتي أعظم”، وبالتالي عليهم القبول بكل سياط الغلاء التي تلسع أجسادهم من دون أن يتفوهوا بكلمة “آخ” واحدة.  فهل صحيح أن لبنان الرسمي يتلكأ في تسليم فريق الصندوق كل البيانات المالية الضرورية لتحضير الملف تمهيداً لإجراء المفاوضات اللازمة؟  حتى لو كانت بعض الإصلاحات موجعة إلا أنها ستخرجنا من الأزمة يجيب الخبير الاقتصادي ورئيس قسم الابحاث في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل ل”جنوبية” أنه “منذ تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، بادر الجانب اللبناني إلى إرسال رسالة رسمية إلى صندوق النقد الدولي، ليبلغه إهتمام لبنان بإجراء محادثات معه، تمهيدا للوصول إلى إتفاق تمويلي إصلاحي”، لافتا إلى أنه “تشكل فريق من الوزراء ومن مصرف لبنان، لوضع الخطة الاقتصادية الانقاذية، وبدأ التواصل غير الرسمي، وأبلغ صندوق النقد لبنان أنه في مرحلة جمع ومعرفة الاولويات الاصلاحية، لحكومة الرئيس ميقاتي وخططها الانقاذية، بالاضافة إلى إجرائه محادثات تقنية وتحديث أرقامه، خصوصا أن المحادثات مع لبنان توقفت قبل آب 2020، وهذا ما تقوم به السلطات اللبنانية حاليا أيضا”. منهجية عمل صندوق النقد مبنية على البرنامج الاصلاحي للحكومة  للتفاوض على تفاصيله  يضيف:”هناك هدف يضعه الجانبان للوصول إلى إتفاق مبدئي، بين لبنان والصندوق قبل نهاية العام  الحالي، وهذا ما أعلن عنه السفير الفرنسي بيار دوكان في زيارته الاخيرة،  بأن فرنسا تريد وتعمل كي يتوصل لبنان إلى إتفاق ولو مبدئي مع الصندوق، قبل حصول الانتخابات النيابية والرئاسية اللبنانية، ويمكن بعدها وضع مهلة زمنية لبدء تطبيق الاصلاحات”، مشيرا إلى أنه “تجري اليوم محادثات بين وزارتي المالية والاقتصاد وفريق الرئيس ميقاتي ومصرف لبنان، وبين ممثلي صندوق النقد حول كل هذه المواضيع، وحين يحصل أي تطور فإن صندوق النقد سيعلن عنه”، ويوضح أن “منهجية عمل صندوق النقد، ستكون مبنية على الخطط التي تضعها السلطات اللبنانية والبرنامج الاصلاحي وأولوياته،  ليتم التفاوض على تفاصيله مع الصندوق”، مشددا على أنه “حين يتم التوصل إلى إتفاق تمويلي إصلاحي، يتم توقيعه من الطرفين، لتبدأ المرحلة الثانية وهي تنفيد الإصلاحات وتحرير تدريجي لأموال المساعدات من قبل الصندوق”. والسؤال الذي يطرح هنا، إلى أي حد ستكون الاجراءات التي سيتم الاتفاق حولها  مع صندوق النقد موجعة بالنسبة للبنانيين؟ يجيب غبريل:”رفع الدعم عن المحروقات وتثبيت سعر صرف الدولار هي جزء من الاصلاحات التي يتوقعها صندوق النقد، وهذا سيكون له تداعيات على الناس، بالاضافة إلى تحديد مستحقات وديون المؤسسات الرسمية والخاصة على الدولة اللبنانية (صندوق الضمان/ المستشفيات/ المتعهدون) وتخفيض العجز في الموازنة من خلال زيادة الايرادات وتخفيض النفقات”.  فرنسا تدفع لحصول  إتفاق مبدئي بين لبنان والصندوق قبل نهاية العام  الحالي يضيف:”هناك من يقول أن هناك إجراءات موجعة تنتظر موظفي القطاع العام، وشخصيا أسأل ما هي هذه الإجراءات الموجعة، إذا كان المقصود بها تسليم القطاع الخاص إدارة مؤسسات الدولة، التي تعاني من فشل وسوء إدارة، مثل مؤسسات كهرباء لبنان والمياه والمرافئ، وحاليا ألا نعيش في مأزق وأوضاع موجعة؟”. يعتبر غبريل أنه “حتى لو كان الجزء من هذه الاصلاحات هو موجع ( كما يقال) إلا أنها ستؤدي بنا إلى الخروج من الازمة التي نتخبط فيها، لكن هناك قوى سياسية لا تريد المس بالقطاع العام، أو إعادة هيكلته لحساباتها الخاصة”، معتبرا أنه “يجب إدخال الشفافية على القطاعات التي تحتكرها الدولة، وأن يتولى إدارتها القطاع الخاص، بالاضافة إلى مكافحة التهرب الضريبي وتفعيل الجباية وعدم زيادة الضرائب، سواء المباشرة أو غير المباشرة لأن الشعب اللبناني لا يتحمل ذلك”. لعدم زيادة الضرائب سواء المباشرة أو غير المباشرة لأن الشعب اللبناني لا يتحمل ذلك ويشدد على أن “على السلطات اللبنانية أن توضح هذا الامر لصندوق النقد وأن تصر عليه، وأن الاولوية يجب أن تكون لمكافحة التهرب الضريبي ومعاقبة المهربين، وإصلاح النظام التقاعدي في القطاع العام من أجل إستدامته وإستقلاليته”، لافتا إلى ضرورة “إعتماد الشفافية والادارة الرشيدة في القطاع العام، وإتخاذ إجراءات لدعم النمو الاقتصادي وتوسيع حجم الاقتصاد، والبدء بمفاوضات مع الدائنين المحليين والخارجيين، على سندات اليوروبوندز والتي كان من المفروض أن تبدأ منذ آذار 2020”.

المصدر : جنوبية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!