المجلس المذهبي أعلن رسميا أبي المنى شيخا للعقل
انعقدت الهيئة العامة للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز في جلستها المقررة اليوم لانتخاب شيخ عقل جديد للطائفة، وترأسها سماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حسن، في حضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط، وزير التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي، والنواب: أنور الخليل، اكرم شهيب، فيصل الصايغ، هادي أبو الحسن، وائل أبو فاعور، والنائب المستقيل مروان حمادة، والنائبين السابقين، غازي العريضي وايمن شقير، وقضاة المذهبي الدرزي وأعضاء المجلس المذهبي.
افتتح الجلسة شيخ العقل بعد اكتمال نصاب الثلثين، واعلن امين سر المجلس المذهبي المحامي نزار البراضعي قرار الهيئة العامة القاضي بفوز سماحة الشيخ الدكتور سامي ابي المنى بالتزكية لمنصب شيخ العقل للطائفة. بعد ذلك كان لكل من الشيخ نعيم حسن والشيخ الدكتور سامي ابي المنى.
وقال الشيخ حسن في كلمة:”الكلمة التي ألقيت أمام الهيئة العامة الأولى المنبثقة من مفاعيل قانون 2006 في هذا المكان قبل خمس عشرة سنة عبرت عن العزم في إطلاق ورشة البناء بعد سنوات طويلة من الحرب شهدت في هذا المجال انفكاك العقد القديم للمجلس المذهبي. وكما يعلم الكثيرون، كانت الدار بكل ما ترمز إليه بحاجة إلى النهوض في كل المجالات. الآن، في هذا اليوم المشهود، باستطاعتنا القول بأن الدار استعادت ما يليق بموقعها الوطني والإسلامي والدولي بحيث شهدت قمما ولقاءات ومنتديات في كل المستويات”.
أضاف: “أما ما تم إنجازه على صعيد البيت الداخلي لجهة إرساء العمل الإداري المؤسساتي وفقا لنصوص القانون والأنظمة المنبثقة منه، وتنظيم ملفات الأوقاف، وتحقيق العديد من الإنجازات الأساسية في سائر المناطق فقد كان بمثابة مرحلة تأسيسية واعدة. ولو أراد منصف الاطلاع على الحقائق الموضوعية من دون التفات إلى هواة السلبية والغرضيات الملتبسة فإن التوثيق الشامل لكل الأمور المذكورة موجود في مواضعه ورقيا (من ملفات ومستندات ومنشورات والكتب التي نأمل ان نصدر منها أثنان أساسيان قريبا)، ورقميا عبر المواقع المتعلقة بالمشيخة والمجلس وبعض اللجان. وكان للمشيخة والمجلس المذهبي على الدوام الموقف الوطني المستند إلى ثوابت بني معروف العروبية في التاريخ بانسجام في المبادئ العليا مع الموقف السياسي العام، وأيضا ثوابت القمم الروحية في آفاق مبدأ العيش المشترك وطنيا، والتفاعل الإيجابي مع ما يمر به العالم الإسلامي من تحديات كما تعبر عنه عناوين العديد من المؤتمرات الأساسية التي أكدت مفاهيم الإعتدال، والمواطنة، والتلاقي المؤتلف في المساحات الإنسانية المشتركة في ضوء قيم الدين الداعية أصلا إلى الفضائل والنزاهة الروحية والمناقب الأخلاقية والدعوة أمرا بالمعروف ونهيا عن كل منكر”.
وتابع: “كان من مبادئنا الثابتة الحرص الدائم على مجابهة التجني بالحلم. والحليم يعقل المفتقر إلى الحلم، والفرق بينهما هو الاحتكام إلى الموضوعية وإلى فهم المسؤولية فهما متواضعا يمكن من إضاءة الشموع عوضا عن الانغماس الـمزمن في لعن الظلام. وهنا بالتمام، تحضر نصيحة جوهرية للأجيال الصاعدة وهي الصدق والنزاهة والمقاربة الواعية المكتنزة بالخبرة والمبادرة الطيبة وإيلاء المصلحة العليا للمجموع غاية القصد دون الوقوف عند حدود المنفعة الشخصية الضيقة. ولا بد من القول، إن طريق النهضة المرجوة محفوف بالصعاب نتيجة عوامل كثيرة لا بد من درسها وتحليلها وتفكيك مقوماتها وذلك عبر الانفتاح العقلي، والسعي الدائم لتحقيق الحدود المقبولة لانسجام عام يخدم المصلحة العليا المعروفية والوطنية، واعتماد الحوار الهادئ الإيجابي البناء قاعدة لتضميد الجراح في المسائل البالغة الدقة المتعلقة بالشأن الداخلي لطائفتنا العريقة وليس بغير ذلك. طبعا، عرفنا صاحب السماحة الشيخ سامي أبي المنى خلال هذه الأعوام المنصرمة، ونعرف مسيرته منذ البدايات، وقد راكم من الخبرات والكفاءات في مجالات التربية والثقافة والتفاعل العام في المشاركات الفعالة في أرجاء العالم الإسلامي والعالـم ما يدعو إلى التقدير والاحترام. وبشكل عام مثـل الجماعة عموما بصوته وكيانه وقلبه بكل صدق وإيمان. ولا شك بأن ما يحمله في قلبه ووجدانه من خبرات وتطلعات سوف يكون له سندا وثيقا في مسيرة المشيخة ودورها”.
وختم: “أوجه تحياتي الى أبنائنا المعروفيين من مقيمين وفي كل بقاع الانتشار، كما أخصص اهلنا من جبل العرب والسويداء والجولان والأزرق وفلسطين وجبال الجليل .
أوجه شكري الجزيل إلى كل من ساهم بجهوده ودعمه ومواكبته ومشاركته هذه المسيرة بكلمتي الاولى منذ خمس عشرة سنة ناديتك يا وليد بك برمزنا الوطني وأوكد اليوم انك رمزنا الوطني. والله ولي التوفيق”.
أبي المنى
وقال الشيخ الدكتور ابي المنى: “أحمدك اللهم على ما أنعمت وقدرت، عليك اللهم أتوكل حق التوكل، وبلطفك أثق كل الثقة، مؤمنا بهدايتك وكفايتك وقولك المنزل: “وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا”، فمع الإقدام يكون التوكل والاستعانة بالله، وفي الصعوبات يكون الرجاء وحسن الظن به تعالى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل”، وإليه تعالى نتوجه بالدعاء قائلين “اللهم عافنا ويسر أمرنا وأعنا على ما نحن قادمون عليه”.
أضاف: “صاحب السماحة، أصحاب المعالي والسعادة والفضيلة، إخواني أخواتي الكرام،
بهذا الرجاء وذاك التوكل، وبالعزم الثابت لحمل الأمانة الملقاة على عاتقنا، وبالثقة بالله وبالنفس وبصدق التوجه، وبقلب خاشع واعتراف خالص، وبنية طيبة للخدمة وجمع الشمل ومتابعة مسيرة العمل والتحديث والحفاظ على الإرث التوحيدي الإسلامي والوطني والعربي الذي حمله أسلافنا الموحدون عبر التاريخ، وبالنهل من معين السلف الصالح من المشايخ الأعيان الثقات والأخوة الأعلام الأباة الذين سلكوا على هدى الآيات البينات، متخذين الكتاب العزيز لهم منهاجا والسنة الشريفة مسلكا ومعراجا، وباعتزاز كبير وتهيب بالغ إزاء الثقة الغالية التي غمرنا بها معظم أبناء الطائفة وفي مقدمتهم معالي الأستاذ وليد بك جنبلاط؛ الحريص الأول على الموقع والدور والرسالة، والسند الأقوى للمجلس المذهبي وللمؤسسات، وكذلك رفاقنا الأعزاء في المجلس، والجمع الواسع من المشايخ الأجلاء وأبناء العائلات المعروفية الكريمة والإخوة والأحبة المندفعين الأوفياء من قرى الجبل والوادي وكل لبنان، والوجوه الموقرة والإخوة الأماجد من أبناء التوحيد من سوريا وفلسطين والأردن والمغتربات، إضافة إلى الرؤساء والقادة والشخصيات اللبنانية الكريمة والأصدقاء الأفاضل على الساحة الوطنية وفي ميادين الحوار والتربية والعمل الاجتماعي والإنساني الذين ترافقنا وإياهم على مدى عشرات السنين، والذين أفاضوا علينا عبارات التهنئة وأثرونا بمواقف التأييد والتسديد”.
وقال: “بكل هذا الاعتزاز وذاك التهيب وتلك الثقة وذلك التأييد الواسع المقدر، أنطلق بعونه تعالى لتحمل المسؤولية، وكلي أمل ويقين أن لدي من الإرادة والاندفاع للعمل والمحبة والانفتاح على الجميع والأناة والصبر من أجل تحقيق أهداف أسمى وأرقى، والاستعداد للتعاون مع إخواني وأخواتي في المجلس ولجانه وفي المديرية العامة ومع أصدقائي الكثر من خارجه، من المشايخ الأفاضل ورجال السياسة الأكفاء والنخب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والاغترابية، ما يساعدني على القيام بالمهمات الوطنية والدينية، والتصدي للمواضيع العديدة والملفات العالقة، أملا بالنهوض بالطائفة وتأكيد ثباتها على النهج التوحيدي الإسلامي والدور الوطني العربي الذي تميزت به عبر تاريخها المجيد، وتمتين الشراكة مع جميع مكونات الوطن”.
أضاف: “لقد حملت رسالتي الأولى من بلدتي الجردية شانيه، من إرث أجدادي وشيوخ عائلتي ومجتمعي الأول الممتد من الجرد إلى المتن حيث أخوالي الأكارم، وإلى عبيه حيث الداوودية “معهدنا” وحيث مرجعية الأمير السيد التنوخي ، فإلى بعقلين حيث مدرسة العلم ومدرسة التقوى لدى شيخي الجواد الذي عشقت فيه المواقف والمهابة واللطافة والأبوة التوحيدية، وحيث شيوخي الأتقياء الأجلاء الذين بهم تأثرت وعلى مسلكهم الشريف تربيت، إلى العرفان واحة التربية والجهاد والوطنية التي علمت فيها وتعلمت، إلى عائلتي التربوية الكبرى على امتداد الطوائف والوطن، وعائلتي الثقافية الأوسع في الجامعات ومنتديات الحوار والتلاقي الروحي والإنساني، أكانت في لبنان أم في بلاد التنوع الديني والثقافي وفي العديد من مواقع المرجعيات الإسلامية والمسيحية في الوطن العربي والعالم. حملت رسالتي هذه انطلاقا من معتقدي التوحيدي وثوابته الراسخة في عقلي وقلبي وروحي، ومن رؤيتي الحوارية التي جسدتها باسم طائفة الموحدين “الدروز”، الطائفة الأصيلة بانتمائها التوحيدي وبارتقائها في درجات الإسلام والإيمان والإحسان؛ رسالة العقل والحكمة، رسالة التوحيد والحوار والدعوة إلى التلاقي في الجوهر الإنساني الواحد القائم على المحبة المسيحية والرحمة الإسلامية والأخوة التوحيدية، والهادف إلى تحقيق السلام والطمأنينة في أوطاننا ومجتمعاتنا، ولطالما رددت شعرا، وللشعر كما للنثر وكما للثقافة العامة دور أرقى في تأكيد الموقف الثابت ومواكبة العمل الدؤوب، فقلت وأقول:
الدين في الأوطان، روح وجودها
لا روح فيه إذا تحول صورة
يا أخوتي في الله ليس يضيرنا
سبل الوصول إلى الخلاص عديدة
لكنه من دون حب متحف
وتعصبا مهما الطقوس تكثـف
هذا التنوع، والخلاف تخلف
فلم التناحر؟ إن ربك ألطف
وتابع: “بهذه الروحية المفعمة بالكلمة الطيبة، وبتلك القناعة المحصنة بالإيمان التوحيدي، لا بالتعصب المقيت ولا بالانعزال المميت والغرضية البائدة، إنطلقت من جذوري ومددت أغصاني في كل اتجاه، لعلني وإخواني في هذه المسيرة الوطنية الإنسانية التوحيدية نشكل رؤية وقدوة لسوانا في الطائفة وفي الوطن في كيفية التعاطي الإيجابي، ونبذ الأحقاد والتعالي على الجراح، والتكامل في الإنسانية، وكلي يقين أن الموحدين الدروز، بكونهم طائفة وجودية مؤسسة للكيان، يشكلون الأنموذج الأرقى للتسامح والمصالحة ومحبة الأوطان، وهم لم يكونوا يوما إلا دعاة الحق وحماة الوطن، كما شهد بهم الغريب قبل القريب، ومنهم سعد زغلول في رسالته لسلطان باشا الأطرش، حيث قال: . من يكن مع الحق والحقيقه لا يغلب.. أنتم خيرة الأبناء.. أنتم خيرة رجال الشهامه.. خيرة الفرسان.. وخيرة الخصم الشريف..لا بل أنتم خيرة حماة الوطن”.
ألا يحق لنا أن نفتخر بهذا الإرث الغالي وأن نثبت أقدامنا في الأرض ونتطلع بأمل وثقة إلى المستقبل؟ أم ننسى تاريخنا المجيد، ونحن القليلو العدد الكثيرو البطولات والمواقف المشرفة والتضحيات؟ وقد كنا وما زلنا أوتاد هذه الأرض منذ أن جئنا إليها مدافعين عن الثغور باذلين الدم والروح في سبيلها، وإن كنا أقلية في الهوية الطائفية المذهبية، لكننا أكثرية بالهوية الوطنية الجامعة وبالعروبة الأصيلة وبالأمجاد والمواقف المعروفية:
جذورنا في تراب العرب ضاربة
إن يخطئ البعض تقديرا
فواعجبا وأصلنا راسخ
تزهو به الضاد
لا تحصر المجد أحجام وأعداد
إنها الحقيقة التاريخية التي لم تكن لتبقى لولا بقاء مجتمع الموحدين “الدروز” على تماسكه، بما يحمله من القيم الاجتماعية وما يختزنه من عادات وتقاليد وروابط عائلية متينة، تأثرت بالحداثة والمستجدات والاختلاط مع الطوائف الأخرى في بوتقة الوطن الواحد، ولكنها حافظت على الثوابت والمبادئ التي التزم بها معظم الموحدين، وخصوصا الشيوخ الأجلاء الذين هم “الحراس الحقيقيون” للقيم الأخلاقية والروحية وللمسلك التوحيدي، وكذلك الزعامة السياسية الاجتماعية الوطنية التي حافظت على الدور الأساسي للطائفة في الدفاع عن وحدة الوطن والتأكيد على التوجه العربي الإنساني الأصيل”.
وقال: “من المدرسة التوحيدية المعروفية تعلمنا مبادئ الخير والإنسانية، وعلمنا طلابنا، ناهلين من حكمة الأمير السيد رسالة الوعي والتقوى، كما رسالة لتسامح والأخوة التي اقتبسها المعنيون عنه وعن أخوالهم التنوخيين، وأكدها مشايخ آل جنبلاط والأمراء الأرسلانيون وسواهم من أرباب العائلات العريقة بما أبدوه من انفتاح وما قدموه من مساعدة ورعاية وحماية لأبناء جبل لبنان على اختلاف مذاهبهم.
ومن المدرسة الحوارية القاضية “بتنقية الذاكرة” ومد يد المصالحة، تعلمنا وعلمنا الوطن كله، معكم يا وليد بك، أيها القائد المقدام، كيف تكون الشجاعة في المصافحة والمصارحة والمصالحة، وأنتم الحريصون بثباتكم وقيادتكم الحكيمة ورؤيتكم الثاقبة وعطاءاتكم الشاملة، على صون كرامة الطائفة والحفاظ على دورها الطليعي في المعادلة الوطنية، وعلى صون وحدة الجبل ليكون مثلا أعلى لكل الوطن. وبهذه الشجاعة المعهودة في مواجهة التحديات نتوجه إليكم، وأنتم الربان الموثوق وعنوان المصالحة التاريخية، كما نتوجه إلى جميع القادة السياسيين والمسؤولين الغيورين في الطائفة بالدعوة للجمع لا للقسمة، وللتلاقي لا للفرقة، مهما تباينت التوجهات السياسية واختلفت الآراء حيال بعض القضايا، فدماء الشهداء حرية بأن توحدنا وتجمعنا على نهج واحد وهدف واحد، هو أرفع من أي خلاف وأهم من أي موقف وموقع، ومشيخة العقل، وانطلاقا من موقعها الرسمي الواحد والجامع، ما كانت إلا لجميع أبناء الطائفة، ولن نرضى أن تكون غير ذلك، أو أن تكون موضع استهتار أيـا كان، أو أن نفرط بحقوقها تحت أي ضغط أو اعتبار، بل إننا من خلالها ننشد التكامل في نسج السياسات الحميدة وحمل أعباء المسؤولية والعمل لتحقيق الخير وصيانة الكرامة العامة والتأكيد على منعة الطائفة وقوتها كعنصر أساس لتأكيد قوة الوطن ومنعته، وليس العكس على الإطلاق”.
وتابع: للشركاء في الوطن نتوجه مخلصين وندعوهم للتعاون في البناء الوطني الواحد، على أسس الديموقراطية والعدالة الاجتماعية والاحترام المتبادل وتغليب المصلحة الوطنية العليا على ما عداها، فلبنان التنوع لا يبنى إلا بالحوار الهاديء والمشاركة الإيجابية، بعيدا عن السلبيات والتناقضات ومحاور الصراعات، وبتعزيز الصيغة الوطنية التي تحفظ حقوق الجميع وتحافظ على وحدة الوطن. ولعل ما وصلنا إليه من انهيار ومآس معيشية يشكل حافزا لنا جميعا لنشد على يد الحكومة الجديدة راجين لها التوفيق، وآملين التضامن والسعي الدؤوب للإصلاح والإنقاذ وتخطي الواقع المؤسف ومعالجة الأوضاع المعيشية واستعادة الثقة الدولية وإعادة الأمل المفقود عند معظم اللبنانيين، مقيمين ومغتربين”.
أضاف: “إلى المشايخ الأجلاء أتوجه بالكلمة الطيبة الخالصة طالبا الدعاء والمباركة، مؤكدا على مرجعيتهم العليا في التوجهات الدينية الرفيعة، ويسعدني أن أحمل معي اليوم مباركة مرجعنا الروحي الشيخ أبو صالح محمد العنداري الذي تشرفت بزيارته ليلة أمس ودعاءه الخالص لنا، وكذلك جمع المشايخ الأفاضل الذين زاروني مهنئين، راجيا من العلماء الأنقياء والإخوة الموحدين الأتقياء، مع الثبات على نهج السلف الصالح والالتزام بالتقاليد الأثيلة، الارتقاء بعملنا جميعا إلى مستوى ما تمليه علينا إمامة العقل الأرفع والإسلام الحنيف، وما اكتسبناه من حقائق الأديان التوحيدية والمراقي العرفانية في مسلكنا التوحيدي الشريف. وإلى الأجيال الصاعدة من شباب وشابات نتوجه بنداء الأبوة وندعوهم للتمسك بالفضائل التي هي غذاء النفوس، وللتزود بالثقافة والعلوم النافعة بجد واجتهاد لاكتساب المعارف والخيرات والبعد عن المفاسد والآفات، والتعلق بحب الوطن مهما اشتدت المحن والصعوبات، فبذلك تشتد العزيمة وتتماسك الجماعات، ولا بد لذلك من التركيز على الدور الريادي للمرأة في العمل الاجتماعي والمشاركة الفاعلة، وفي التربية الصالحة قبل كل شيء، والتي هي أوجب الواجبات لزرع بذور الأخلاق وصقل النفوس وشحذ الهمم”.
وقال: إلى هذا المقام نأتي لنلبي نداء الواجب بنية صافية وإرادة واثقة ورؤية واقعية، داعين إلى العمل الجاد المثمر لا إلى الكلام فحسب، لقول الإمام الصادق: “كونوا دعاة الناس بأعمالكم ولا تكونوا دعاة بألسنتكم”، ولنا أمل بتعاون إخواننا وأخواتنا في المجلس المذهبي، وبإخواني المشايخ المتنورين والنخب الثقافية والعلمية والاجتماعية والسياسية والاغترابية والنسائية والشبابية وأصحاب الطاقات من رجال الأعمال وذوي الإمكانيات المادية، راجين أن تكون الهمة على قدر المسؤولية، علنا نستطيع أن نحقق بعض ما يتطلع إليه إخواننا وأبناؤنا من إنجازات وانتظارات على مستوى الطائفة والوطن. أما ملفات العمل في المشيخة والمجلس فكثيرة ومتشعبة، والمهمات كبيرة، تحمل سماحة شيخ العقل الموقر الشيخ نعيم حسن مسؤولية متابعتها بصبر وحكمة وجدارة، إلى جانب مهماته الروحية والوطنية، وتمكن من بناء المؤسسة على أسس ثابتة، بما تمتع به من صفات الحكمة وما تميز به من إخلاص وتقوى ودقة ومثابرة وواقعية، ولست هنا إلا لأكمل ما بدأناه معا، إلى جانب زملائنا في مجلس الإدارة والهيئة العامة، علنا نطور عملنا المؤسساتي ونحافظ على ما ورثناه من إنجاز، ونتمكن من تحقيق ما لم يتحقق، وإقناع من لم يقتنع بعد بأهمية هذه المؤسسة وهذا الموقع، وبأننا نعيش في خضم الحداثة نوازن بين التقليد والتجديد، ونعلي مداميك هذا الصرح التوحيدي بجد واجتهاد وتضحية وشفافية، أكان على صعيد الأوقاف والسعي لاستثمارها وحسن إدارتها والحفاظ دائما على شروط الوصايا وقواعدها، أم على الصعيد الاجتماعي والعمل على تلبية الحاجات المتزايدة لأهلنا، أم على الصعيد الاغترابي الجدير بالاهتمام والمتابعة، أم على الصعيد الثقافي والديني وما يقتضيه من تطوير للبرامج التربوية والتثقيفية والتوجيهية”
وختم: “إننا بعون الله لثابتون في إيماننا وعزمنا، ولن نقف مكتوفي الأيدي، بل إننا واثقون ومؤمنون بما قدر الله لنا بالرغم من كل شيء، ولنا في سماحة الشيخ نعيم حسن أسوة حسنة، وفي معالي الأستاذ وليد بك جنبلاط وأصحاب المعالي والسعادة والفضيلة وجميع الخيرين من أهلنا خير سند لبلوغ ما نصبو إليه من عز لطائفتنا وللوطن، مرددين قوله عز وجل: “ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب” والحمد لله في كل بدء وختام، هو مولانا “وعلى الله فليتوكل المؤمنون”.
بعد ذلك تم التقاط الصورة التذكارية.