البواخر التركية’ تتحضّر للرحيل من الغد.. هل سينقطع التيار الكهربائي عن لبنان؟
صدى وادي التيم- لبنانيات/
تنتهي “يوم” غدٍ الخميس عقود البواخر الكهربائية التركيّة مع الدولة اللبنانية وذلك بعد خدمة استمرّت لنحو 10 سنوات. وفعلياً، فإنّ الباخرتين الموجودتين في الذوق والجية تتحضران للرحيل عن المعامل التي جرى ربطها بها، وسيكون ذلك في غضون أيام قليلة.
ومن دون أدنى شك، فإنّ مغادرة البواخر التركية تأتي في ظلّ توقيت حساسٍ جداً، خصوصاً أنّ لبنان يعاني من أزمة حادة على صعيد إنتاج الطاقة الكهربائية بسبب شحّ الفيول اللازم لذلك. وهُنا، تقول مصادر “كهرباء لبنان” لـ”لبنان24″ إنّ مجموع القدرة الإنتاجية للباخرتين التركيتين الموجودتين في لبنان يصلُ إلى 370 ميغاواط تقريباً (كل باخرة تنتج 185 ميغاوات)”، مشيرة إلى أنّ “انتاج البواخر اليوم لا يتعدى الـ24 ميغاواط لأنّ انتاج كهرباء لبنان قليلٌ ويصل إلى 570 ميغاواط حالياً وذلك بسبب النقص الحاد في الفيول”.
وأضافت: “كلما قلّ إنتاج معامل كهرباء لبنان، كلما اضطرت البواخر لتخفيض انتاجها والعكس صحيح. وعملياً، فإنه عندما ترحل البواخر عن لبنان، سنخسر قرابة الـ24 ميغاواط عن الشبكة، ما يعني أن التأثير سيكون طفيفاً في ظل الوضع القائم حالياً لناحية الانتاج المتضائل لمعامل كهرباء لبنان (570 ميغاواط). إلا أنه في حال كانت الطاقة الانتاجية على صعيد كل المعامل كبيرة (1200 ميغاواط على سبيل المثال)، فإنّ رحيل البواخر كان سيُحدثُ فرقاً كبيراً لأنها كانت ستولد طاقة أكبر قد تصل إلى 370 ميغاواط من الـ1200 ميغاواط مجتمعة، وهذه نسبة مرتفعة وفي حال تمت خسارتها فسيكون هناك تأثير كبير.
ولذلك، فإن الطاقة التي تقدمها البواخر مجتمعة (24 ميغاواط) لا تؤثر بشكل كبير على الشبكة كون الانتاج ضئيل بطبيعة الحال، وقد يكون هناك بدائل حالية لتعويض هذا النقص البسيط من الطاقة عبر مولدات “كهرباء لبنان”، وذلك في حال استمر الانتاج على حاله، أي عند حدود 570 ميغاواط. غير أن معلومات “لبنان24” تشيرُ إلى أن “كهرباء لبنان” تخطط لرفع الانتاج إلى 800 ميغاواط قريباً، وعندها ستكون هناك حاجة أكبر لتشغيل محركات طاقة أكثر، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل باستطاعة المعامل الموجودة (بعضها قديم) توليد الطاقة بحجم هائل في ظل غياب البواخر وشح الفيول؟
وهنا، تقول مصادر “كهرباء لبنان” إنّ الفيول المرصود للبواخر قد يتم تسليمه للمعملين الجديدين في الذوق والجية من أجل الانتاج، علماً أن الطاقة الانتاجية لهما لا تصل إلى مستوى الطاقة الذي تقدمه الباخرتان. كذلك، توضح المصادر أنه “من بين السيناريوهات المطروحة هو دعم عملية تشغيل المعملين من خلال فتح اعتمادات مالية بالدولار لشراء قطع غيار”.
ولفتت المصادر عينها إلى أن هناك بواخر فيول ستصل تباعاً، كما أنه سيصل اليوم الأربعاء (29 أيلول)، فيول خاص للمولدات العكسيّة.
ad
خطة عملية
وفي بيانها الوزاري، أكدت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على أهمية إصلاح قطاع الطاقة والكهرباء. وخلال مقابلته قبل يومين عبر الـ”LBCI”، جدّد ميقاتي تأكيده على أهمية ايصال الكهرباء إلى المواطنين بأسرع وقتٍ ممكن، ورفع الطاقة الانتاجية لـ”كهرباء لبنان” عبر استقدام الفيول أويل للمعامل.
وبشكل أكيد، فإن ميقاتي يسيرُ باتجاه استصلاح قطاع الطاقة الذي أدى إلى هدر أموال كثيرة خلال السنوات الماضية.
واليوم، فإنّ مجمل الخبراء يؤكدون على أهميّة وجود خطة شاملة ومتكاملة في ظل الأزمة الكبيرة التي تعيشها مؤسسة “كهرباء لبنان” والتي لا تستطيع تحويل فائض أموالها بالليرة اللبنانية إلى دولار بسبب عدم موافقة مصرف لبنان على ذلك.
وفي السياق، تقول عضو المجلس الإستشاري للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز “LOGI”، والخبيرة في شؤون حوكمة الطاقة ديانا القيسي لـ”لبنان24” أنّ المطلوب بناء معامل جديدة والاستفادة من القروض الموجودة لبناء قطاع طاقة جديدة خصوصاً بعد الاهتراء الكبير الذي نعاني منه على صعيد الكهرباء. وأضافت القيسي: “إلى الآن، لم تنفذ خطة الكهرباء وذلك بسبب عدم وجود قرار سياسي. إلا أنه من الضروري إجراء مراجعة دقيقة لنوع المعامل التي يجب بناؤها، وما هي التأهيلات التي يجب إجراؤها على الشبكة”.
ad
وأوضحت القيسي أنه “يجب اتخاذ قرار بحسب خطة الكهرباء لجعل كافة المعامل القائمة على المازوت أو على الفيول، تعمل على الغاز لأن هذه الخطوة لها بعدٌ بيئي إيجابي”، وأضافت: “المطلوب اليوم هو الخروج من الترقيع والانطلاق نحو خطة شاملة، ومن المطلوب جداً السعي باتجاه ذلك لأن قطاع الطاقة يؤمن مدخولاً للدولة اللبنانية في حال تمت الجباية بشكل صحيح”.
ميقاتي، وفي سياق حديثه قبل يومين، قال أنه ستتم إعادة النظر بـ”تعرفة الكهرباء” بشكلٍ يُراعي الطبقات الاجتماعية. وتقول القيسي “يجب رفع التعرفة بشكل تصبح منطقية وفيها ربح للدولة”، وأضافت: “عندها يمكننا اعتبار أننا لدينا قطاع يؤمن مدخولاً للدولة وباستطاعته مدّ الكهرباء إلى الناس في كلّ المناطق”.
ماذا عن الطاقة البديلة؟
بشكل مستمر ودائم، كان هناك حديث متواصل حول أهميّة التوسع في الاعتماد على الطاقة البديلة في لبنان لتوليد الكهرباء، خصوصاً أن هذا التوجه تسيرُ باتجاهه الكثير من دول العالم.
وهنا، تقول القيسي أنه من المطلوب أن يكون لدينا خليطٌ من الطاقة، إلا أن ما يجب أن يحصل هو أن يتم تنظيم الطاقة البديلة، وأضافت: “هناك شركات تعطي بعض الحلول بالنسبة لشرائح الطاقة الشمسية، ويتم استحضار بطاريات قائمة على الأسيد، وهنا الطامة الكبرى، لأنه ليس لدينا إمكانية للتخلص من هذه البطاريات بعد انتهاء صلاحيتها. وفي حال لم يتم التخلص منها بطريقة جيدة، فإننا سنسير باتجاه نوعٍ جديد من الكوارث، ولهذا فإنه من الضروري تنظيم هذا القطاع ضمن القانون