الدولار يتأهَّب لـ”ملعب” الـ13000 ـ 14000 ل.ل

صدى وادي التيم – إقتصاد/

يتعاظم قلق اللبنانيين عامة ممّا يُخبِّئه المستقبل لهم، في ظل الوقائع السلبية التي تحاصرهم من كل حدب وصوب. والترقب سيّد الموقف حول انعكاسات التأزُّم السياسي في الملف الحكومي على تعميق الأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية، والخشية من تدهور إضافي في قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار، خصوصاً في ظل المعطيات التي تشير إلى حالة من التخبُّط والضياع في التعامل مع الأزمة، ليس آخرها البلبلة التي رافقت قرار مجلس شورى الدولة بوقف تنفيذ التعميم رقم 151 الصادر عن مصرف لبنان والذي يسمح بسحب الودائع بالدولار على 3900 ليرة لبنانية.

سُحب فتيل هذه الأزمة، كما أعلن حاكم البنك المركزي رياض سلامة من بعبدا أمس الخميس، إثر انتهاء الاجتماع الذي ترأسه رئيس الجمهورية ميشال عون وشارك فيه إلى جانب رئيس مجلس الشورى فادي الياس، إذ تقرر اعتبار تعميم المركزي ساري المفعول والاستمرار بالعمل على أساسه، وتأكيده أن مصرف لبنان ليس مفلساً وقريباً سيصدر تعميم وسنبدأ بإعادة أموال المودعين”.

غير أن اللبنانيين “ملدوعين” من جحر الوعود آلاف المرات، ولن يطمئنوا بهذه البساطة إلى أنهم سيستعيدون دولاراتهم المحجوزة وسيهبط سعر صرف الدولار الذي تخطى الـ 13000 ل.ل بسحر ساحر أو بوعد واعدٍ. فضلاً عن أن اختلاط السياسي بالقضائي والمالي والنقدي والاقتصادي في مشهدية بعبدا بالأمس، لا يصب في مصلحة دولة المؤسسات والقانون وفصل السلطات، بقدر ما يعزز عناصر عدم الثقة بالمسؤولين وينعكس سلباً في المحصلة النهائية”.

وفي السياق، تُبدي مصادر اقتصادية ومالية، “تفهُّمها لقلق القلقين وتخوُّفهم، فحركة الدولار في السوق الموازية، في الأيام الأخيرة، تبدو محيِّرة”. وتوضح، لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أننا “كنا نشهد في السابق عند أي تأزُّم أو انفراج سياسي على صعيد تشكيل الحكومة، تجاوباً سريعاً في السوق السوداء لسعر الدولار ارتفاعاً أو تراجعاً تبعاً لذلك وبمعدلات كبيرة، على عكس الواقع اليوم”.

وتشير، إلى أنه “على الرغم من نسف الجسور ورفع سقف التصعيد والبيانات المتقابلة بين عون والرئيس المكلف سعد الحريري وانسداد أي أفق لتشكيل الحكومة قريباً، يتحرك دولار السوق السوداء بحذر شديد، وإن كان التوجه صعوداً”، لافتة إلى أن “ثمة تفسيرات عدة حول الأسباب، من بينها أن الاتصالات والمحاولات لا تزال مستمرة ولم يعلن عن موتها، بالتالي لا نزال في حالة انتظار”.

“لكن هناك معطيات اقتصادية ومالية مؤثرة في عدم صعود الدولار بشكل جنوني على غرار ما كان يحصل في السابق”، تضيف المصادر، مشيرة إلى أن “هناك دولارات تدخل إلى البلد من خلال تحويلات المغتربين لذويهم. كما يلاحظ أيضاً انتعاش الحركة السياحية، سواء للبنانيين المغتربين أو العاملين في دول الاغتراب لزيارة لبنان في فصل الصيف، أو لبعض السياح من جنسيات مختلفة، وذلك من خلال حجوزات الفنادق والمنتجعات السياحية وحركة المطاعم. ما يعني ضخّ سيولة جزئية للدولار في السوق”.

وترى المصادر المالية، أن “إعلان سلامة عن البدء بإعادة أموال المودعين بالدولار، والأرجح أنه يقصد ما ذكره سابقاً حول تمكين المودع من سحب 50000 دولار، نصفها بالدولار ونصفها الآخر بالليرة اللبنانية على سعر السوق، يساهم في حركة الدولار الحذرة في السوق الموازية. كما أن تراجع الاستيراد عامة يعني دولارات أقل تخرج من البلد وتوفُّرها أكثر في السوق للعرض. فضلاً عن ترقُّب التجار والمستوردين لنجاح أو فشل تجربة منصة صيرفة التي أعلن سلامة أنها ستؤمِّن الدولار على سعر 12000 ل.ل، وما إذا كانت ستكفي الطلب، وإمكانية استمرارها، بالتالي تخفيف المستوردين لطلب الدولار من السوق السوداء”.

وتضيف، “كذلك، لا يمكن إغفال أن اللبنانيين باتوا مدركين أكثر للعبة المضاربين بالدولار، ولم يعودوا يهرعون عند أي أجواء سلبية أو إيجابية، إلى صرف دولاراتهم أو طلب شراء الدولار. فضلاً عن أن المضاربين باتوا أكثر حذراً بعدما وقعوا ضحية لعبتهم سابقاً حين رفعوا الدولار من نحو 10000 ل.ل إلى ما فوق 15000 ل.ل، خلال أيام قليلة، لكن الأسواق لم تتحمَّل هذا الارتفاع، وحصل جمود وأقفلت المحلات والسوبرماركت لأنها لم تتمكن من مجاراة هذا الانفلات وكيفية التعامل معه، ما دفع بالدولار نزولاً إلى حدود 11500 ـ 12000 ل.ل حينها”.

لكن المصادر المالية ذاتها، تعتبر أن “كل هذه المعطيات وإن كانت واقعية ومؤثرة، غير أنها تبقى آنية ومرحلية ما لم تترافق، أو ما لم تكن من ضمن حل شامل لمجمل الأزمة السياسية والمالية. وتأكيداً على ذلك، فهذه المعطيات الإيجابية لم تدفع بالدولار نزولاً، إنما فقط فرملت أو أبطأت حركته. فصحيح أن الدولار لم يماش مسار السعار السياسي في الفترة الأخيرة بالإضافة إلى البلبلة القضائية المالية أخيراً، ولم يقفز مثلاً من 12000 إلى 14000 أو 15000 ل.ل. لكن الاتجاه ظل صعوداً”.

وتضيف، “الملاحظ أن الحركة انتقلت في الأسبوعين الأخيرين من التداول عند سقف 12000 ل.ل كمعدل وسطي، إلى التداول بـ12500 ل.ل كمعدل وسطي، وصولاً إلى التحرك حول سقف الـ13000 ل. ل في الأيام الأخيرة، لا بل فوقه ما بين 13100 ـ 13150 ل.ل. ويبدو أن الدولار يتأهَّب، بخجل وحذر، للّعب ضمن مساحة 13000 ـ 14000 ل.ل في حال استمر الوضع على حاله. ومن الواضح أن الأزمة أعمق من أن تعالَج بإجراءات موضعية، بل تتطلب إجراءات إصلاحية جذرية”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!