العملات الرقمية .. ما هي ! واين لبنان منها

 

صدى وادي التيم – إقتصاد/

لقد تطور هذا النظام النقدي الحالي الذي يعتمد بشكل كبير على النقد المادي ، عبر التاريخ ومن خلال مراحل مختلفة ، بدءًا من تجارة المقايضة إلى التجارة المادية الورقية “التي نسميها النقود” لم يتوقف هذا التطور والذي بدأ الآن على أشده بين الشركات التكنولوجية العملاقة والمصارف المركزية بحيث كل منهم يحاول إثبات قوته من خلال العملة الرقمية المشفرة Cryptocurrency أو العملة الرقمية للمصارف المركزية CBDC . ولطالما كان الإقتصاد النقدي هو بيئة حاضنة للأعمال الغير مشروعة مثل تبيض الاموال،المخدارات، التهريب إلى أخره ….إنها مسألة وقت وتعليم وإرادة لتوفير هيكل أفضل يمكنه إنشاء عالم أكثر أمانًا وبيئة مالية أكثر شفافية. العملة الرقمية للبنك المركزي هي موضوع ساخن بين محافظي البنوك المركزية. لقد كشفت ورقة بحثية صادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن “أكثر من 90 مصرفا مركزيًا منخرطون في مناقشات حول العالم في إمكانية  الإصدار المحتمل لعملة رقمية للبنك المركزي”. وأكدت العديد من الدراسات أن إدخال العملة الرقمية والاعتماد عليها يمكن أن يقضي ويضع حدًا للاحتيال وغسيل الأموال والتهرب الضريبي وتمويل الإرهاب. ويمكنه أيضًا تحقيق الاستقرار في القطاع المالي إلى حد كبير وتزويد البنوك المركزية بأدوات نقدية جديدة من شأنها المساهمة في استقرار الاقتصاد لدى الدول. إن التوجه نحو مجتمع غير نقدي وتعزيز ابتكار العملة الرقمية سيعزز النظام المالي بطريقة أقوى ومحددة بحيث تستطيع السلطات الرقابية السيطرة على مصادر واتجاه الاموال. من المعتقد بشدة أن نظام العملة الرقمية الافتراضية سيكون العصر التالي في الصناعة المالية (تاونسند ، 2018).

 

يرى المشرعون ان من المهم جدا البدء بالعملة الرقمية من خلال القنوات الشرعية ، مثل السلطات العامة التي تمثلها البنوك المركزية (CBDC) ، على عكس الابتكار الحالي في العملة المشفرة cryptocurrency (عندما نشير إلى العملة المشفرة الخاصة ، فإننا نعني Bitcoin لأنها واحدة من أكثر العملات المشفرة شيوعًا اليوم) والتي تعتمد على سلطة خاصة لامركزية بدون إذن يتم تطويرها من خلال المحافظ  الموزعة( Distributed Ledgers) باستخدام تقنية blockchain. نظرًا لعدم الكشف عن هوية المستخدم للعملات المشفرة وعدم وجود عطاءات قانونية ، يحرص صانعو السياسات المالية على تطوير عملة رقمية للبنوك المركزية من شأنها مساعدة السلطات الحكومية على الحد من انتشار العملات المشفرة الخاصة وإثراء الصناعة الاقتصادية بأداة أفضل للتطور والتقدم

 

. أيضًا ، سيقيم المستقبل العملة المشفرة الخاصة مقارنة مع العملة الرقمية للبنك المركزي ، وسنرى ما إذا كان الأخير سيكون قادرًا على وضع حد لهذا الاتجاه المتزايد بين المجتمعات المختلفة. ستظهر السنوات القادمة أيًا من هذه العملات (CBDC و Bitcoin) ستثبت نفسها كوسيلة جديدة للتبادل والتقدم إلى عملة البيع بالجملة (تقتصر على البنوك والمؤسسات الكبرى) و / أو عملة للأغراض العامة (مفتوحة للجمهور) . كما ذكرنا سابقًا ، العملة الرقمية هي المستقبل وأكدت العديد من التقارير أن العالم يعتمد أكثر فأكثر على المدفوعات الرقمية  في حين يتدنى استخدام النقد الورقي. ومن خلال إنشاء عملة رقمية ، قد يضع هذا حدًا للنقد داخل النظام المالي.
قد يقول القارئ أن هذا حلم مستحيل الحدوث.

اقول ان

الطائرات كانت حلما، الهواتف المحمولة كانت حلما ، والعملة الورقية كانت حلما أيضًا!

إن بناء الثقة في النظام المالي الرقمي هو العامل الرئيسي للنجاح وهو جهد مشترك بين الحكومات والهيئات التشريعية والمؤسسات المالية. كل منهم بحاجة إلى المشاركة في تحقيق ذلك لأن الابتكار في العملة المشفرة الخاصة، أمثال Bitcoin,، هائل ولن ينتظر وقتًا طويلاً حتى تنضم الكيانات العامة المشرعة اليه، خاصةً إذا لم يتفاعلوا ويتخذوا إجراءات فورية، فالقطاع الخاص والشركات التكنولوجية سوف تسبق السلطات النقدية وتسيطر على النقد والسياسات المالية وهذا ما لن ترضى به السلطات المركزية التى يجب أن تبادر بشكل أسرع. ولذلك بدأ بالفعل العمل بالعملة الرقمية للمصارف المركزية وباكورة هذه العمليات هي ما يسمى sand dollar التي أطلقها المصرفي المركزي لجزر Bahamian بحيث بدأ التداول بهذه العملة في جميع أنحاء الجزيزة مما عزز الشمول المالي وربط الأماكن البعيدة في الجزيرة بحيث يصعب وجود فروع المصارف ونقل الأموال الورقية. إضافة إلى المصرف المركزي الصيني الذي اصبح في مراحل متقدمة من إطلاق عملته الرقمية وهذا خير دليل على أهمية هذه العملة التي بدأت بفرض نفسها على النظام المالي والاقتصاد العالمي. وهنا ينطبق المثل اللبناني الدارج ” من سبق شم الحبق” مما يعني أن اول المنتجين لهذه العملة سيتحكمون بالنظام النقدي العالمي والتجارة العالمية.

أن العالم المالي في السنوات القادمة سيختلف عن ما كنا نعرف أو نتخيل لذلك الوقت أكثر من داهم للبدء في استكشاف واعتماد العملة الرقمية ومن يتأخر بالمبادرة سوف يصبح خارج النظام العالمي في الاقتصاد والتجارة.

. منبر اللقاء_المعروفي  . بقلم ا. محمد تلحوق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!