إلى مصابي كورونا: اتقوا العجز الجنسي
صدى وادي التيم – طب وصحة/
لسنا نبالغ إن شبّهنا وباء كورونا بحرب عالميّة ثالثة، اندلعت فجأةً وبدأت بتدمير قطاعات عدّة كالإقتصاد والتعليم والسياحة والحياة الإجتماعيّة والقطاع الصحيّ حتى بلغ تأثيرها على الحياة الجنسيّة. وتضاربت المعلومات حول تأثير هذا الوباء على النشاط الجنسي، بين نظريات مؤيدة ونظريات مناقضة.
نظرًا لأهمية الموضوع، أُجريّت العديد من الدراسات في عدّة بلدان، نذكر منها دراسة صادرة في شهر آب الماضي، على موقع https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov العلمي المتخصص بنشر دراسات طبية؛ حيث كان الهدف من هذه الدراسة تقييم تأثير التدابير المتعلقة بكورونا على علاقات الشريك والصحة الجنسية والإنجابية في الصين. إذ بيّنت نتائج الأبحاث أنّ العديد من الشباب لديهم مشاكل جنسية وإنجابية بسبب جائحة كورونا وما يتبعها من إجراءات علاجية ووقائية، لذلك هناك حاجة إلى استراتيجيات ومبادئ توجيهية لحماية الصحة الجنسية والإنجابية للشباب أثناء هذه الجائحة.
يُذكر أن مصدر هذه الدراسة هو المختبر الرئيسي للجنة الصحة الوطنية لدراسة الأمراض المستعصية والجهاز التناسلي التابع لـ “مستشفى جامعة أنهوي الطبية”، الصين.
وهناك دراسة ثانية صادرة عن مركز أمراض النساء والجنس، كوبيو في فنلندا، وقسم المسالك البوليّة في معهد كويمبرا للأورام في البرتغال؛ وأيضًا عن قسم جراحة المسالك البولية في سانتا كاسا دا ميزريكورديا بورتو أليغري – البرازيل، بالإضافة إلى قسم طبّ الأسرة وصحة المجتمع في كليّة الطبّ بجامعة مينيسوتا، مينيابوليس في الولايات المتحدة الأميركيّة، وغيرها من المصادر التي ساهمت في تبيان خلاصة هذه الدراسة التي نٌشرت في كانون الثاني من العام الجاري، حيث سلّط الباحثون الضوء في خلاصتها “على تأثير جائحة كوفيد_19 بشكل غير مباشر وسلبي على الوظيفة الجنسية مع ما يترتب عن ذلك من آثار على الصحة العامة. مع التأكيد على الحاجة إلى زيادة وعي مقدميّ الرعاية الصحية بآثار الصحة الجنسية المتعلقة بكورونا.
رأي طبي
وللإطلاع على هذا الموضوع عن قرب ومناقشة تفاصيله، التقى “أحوال” بالمتخصّص في الولايات المتحدة في جراحة المسالك البولية والضعف الجنسي والحاصل على البورد الاوروبي في الطب الجنسي الدكتور جواد أنطوان الفغالي، الذي عدّد الأسباب العامة التي قد تؤدي الى ضعفٍ جنسيٍّ؛ كالأسباب العضوية المرتبطة بالأعصاب وتصلّب الشرايين بسبب ضغط القلب والسكري والكولستيرول والتغليسيريد والوزن الزائد. بالإضافة إلى أسباب هرمونية كخلل في الهرمون الذكوري “التستستيرون” أو في هرمون الغدة. ناهيك عن الاثار الجانبية الناجمة عن تناول بعض الأدوية، كأدوية تعديل ضغط القلب ونبضاته وأدوية الأعصاب والأمراض النفسيّة. دون أن ننسى الأسباب النفسيّة التي تزايدت في زمن كورونا.
ما تأثير كورونا على النشاط الجنسي؟
وعن مدى إحتمال إصابة مرضى كورونا بضعفٍ جنسيٍّ، يشير دكتور فغالي إلى أنّ كثير من الدراسات الحديثة دلّت على إمكانيّة تأثير كورونا على النشاط والأداء الجنسيّ كما على الرغبة الجنسيّة لدى الشريكين، مشددًا على أن هذه الدراسات تحتاج لوقت إضافي لاثباتها. وبحسب الدكتور فغالي ذلك مردّه إلى أسباب عدّة:
أولًا، تأثّر شرايين العضو؛ فكما أظهرت بعض الدراسات أنّ فيروس كورونا يمكن أن يؤثر على شرايين القلب والرئتين، كذلك يمكن لهذا المرض أن يؤثر على شرايين العضو الذكري ما يسبب ضعفًا جنسيًّا.
ثانيًا، الأسباب الهرمونية؛ إذ يوضح الدكتور فغالي أن بعض الدراسات كشفت عن أن بعض الرجال الذين أصيبوا بكورونا قد انخفضت لديهم نسبة التستوستيرون ما نتج عن ذلك انخفاضٌ في النشاط والرغبة الجنسية.
ثالثاً، بنظر الدكتور فغالي إنّ تأثير بعض أدوية علاج القلب والضغط نتيجة مضاعفات كورونا على الرئتين والقلب، ساهم في الضعف الجنسي للبعض.
أما من ناحية الأسباب النفسية، فيشدد الدكتور فغالي العضو في مجلس الشرق الأوسط للطبّ الجنسيّ
MESSM: MIDDLE EAST SOCIETY FOR SEXUAL MEDICINE)) على عدّة أسباب نفسية وإجتماعية أثرت سلبًا على السلوك الجنسي؛
فالحجر المنزلي والتباعد الإجتماعي والقلق من إلتقاط العدوى والخوف من فقدان العمل وعدم القدرة على تلبية متطلبات العائلة، كل ذلك قد ينتج عنه توترٌ وكآبةٌ وأمراض نفسية أخرى تؤثر سلبًا على الحياة الجنسية، خصوصًا مع غياب وسائل الترفيه من رياضة ونشاطات إجتماعية وغياب الدعم العائلي في ظلّ الحجر المنزلي.
ويذكّر الطبيب أن دراساتٍ صينية وبريطانية وإيطالية أظهرت أن نسبة العلاقات الجنسية قد إنخفضت بين الرجل والمرأة في فترة انتشار الوباء بسبب تلك العوامل.
ما هو العلاج الأفضل؟
وعن العلاج الأفضل للضعف الجنسي في زمن كورونا يركّز الدكتور فغالي على أهمية تشخيص السبب إذا كان عضويًا أو نفسيًا. للسبب العضوي (غير الهرموني) “نتجه إلى وصف بعض الأدوية لتحفيز الحركة الدموية في العضو الذكري أو نحو العلاج المبتكر كتقنيات توجيه موجات صوتية نحو العضو لتنشيط الشرايين المسؤولة عن الإنتصاب”. والجدير بالذكر أنّ الدكتور فغالي كان أول من إستقدم من أوروبا إلى لبنان والمنطقة “علاج توجيه موجات صوتية” الذي لا آثار جانبية له. أما للسبب النفسي فينصح الدكتور فغالي بإستشارة طبيب نفسي.
الضعف الجنسي ليس عيبًا!
يتوّجه الدكتور جواد أنطوان الفغالي المتخصّص في الولايات المتحدة في جراحة المسالك البولية والضعف الجنسي إلى جميع القرّاء ألا يخجلوا من مشاكلهم الصحيّة الجنسيّة لأنها قد تكون بمثابة إنذار عن امكانية حدوث مضاعفات صحيّة خطيرة على صعيد القلب في المستقبل. وكذلك هذه المشاكل الجنسية وفق الطبيب تؤثر إلى حدّ كبير على الحياة النفسيّة وعلى الحياة اليومية إن على صعيد العمل أو على صعيد المجتمع. ويمكن أن تسبب مشاكل مع الشريك مؤكدًا أن الضعف الجنسي ليس عيبًا!
وفيما خصّ العلاقات الجنسية، يشدد على حصر نشاط العلاقات مع شريكٍ واحدٍ وإتخاذ أقصى الإجراءات الوقائية مع الحماية اللازمة لتفادي إحتمال إنتقال أي عدوى بين الشريكين.
ويدعو إلى ضرورة تلقي اللّقاح خصوصًا أن دراسة حديثة أظهرت أن اللّقاح يساهم في الحدّ من إنتقال العدوى ومن خطورة الإصابة بالوباء ما يساعد بعودة الحياة الإجتماعية والجنسية.
التتائج السلبيّة عديدة وكورونا واحد
ها هي تتعدّد النتائج السلبيّة والسبب واحد: وباء كورونا. لذا لا بدّ من مناشدة الجميع العمل للوقاية من هذه الجائحة عبر تلقي اللّقاح، ومن خلال الإستمرار بأخذ الاحتياطات اللازمة لأنه وللأسف مازلنا في عين العاصفة وكوارث وباء كورونا لا تزال تدّمر حياتنا على مختلف الاصعدة.
فادي سلامة