ماذا لو طارت الإنتخابات النيابية!
ماذا لو طارت الإنتخابات النيابية!
ماذا لو طارت الانتخابات النيابية بفعل التطورات الإقليمية؟ ماذا لو كانت الأحداث العسكرية أقسى من مقاومة لبنان وقدرته على النأي بنفسه عن النيران المشتعلة من حوله؟
سيناريو جديّ، كان لفترة مضت خيالياً هوليودياً، وإذ به بلحظة متغيّرات دولية يصير احتمالاً قابلاً للنقاش. مما لا شكّ فيه، أنّ مجرّد قطع الطريق على صناديق الاقتراع ومنعها من احتضان الأوراق المطبوعة سلفاً ورؤية النور بعد أكثر من تسع سنوات على «الظلمة»، قد يثير عاصفةً من الفوضى الدستورية.
ليس في مقدور أحد أن يرسم المسار القانوني لهذا الاحتمال، خصوصاً إذا خرج أحدُ المتضرّرين للطعن بأيِّ اجتهادٍ قانوني قد تلجأ إليه السلطة. هل سيتقدّم أحد «الفدائيين» بمشروع مكرَّر معجَّل يتيح التمديد مرة ثالثة لمجلس النواب؟ هل من الممكن تعليق الاستحقاق بحجّة الظروف الاستثنائية؟ لا يهم. طالما أنّ المتحمّسين للتمديد لم يفقدوا الأمل وقد يستغلوا الفرصة للدفع باتّجاه «المحظور» وإقفال الصناديق البلاستيكية بالشمع الأحمر.
حتى الآن، يمكن للبنان، بلد العجائب والغرائب أن يستوعب صدمةً كهذه ولو أنّها ستعيده ألف عام الى الوراء وتعرّي سلطاته الدستورية من آخر أوراق توتها، ولكنّ الأهم من ذلك، مَن سيضمن توازنَ مجلس نواب ومساره المستقبلي نام نصفُ أعضائه على أنهم تقاعدوا نيابياً، أو على وشك، أو تمرّدوا على كتلهم أو صاروا من المنبوذين؟
عملياً، وفق دراسة أعدّتها «الدولية للمعلومات»، من المرتقب أن يغادر برلمان 2009 مع فرز نتائج انتخابات 2018، أكثر من نصف وجوهه، وقد تصل النسبة الى 60% أي نحو 75 نائباً. والأسباب كثيرة، منها، طبيعة القانون الانتخابي والنظام السبي الذي فرض قواعد جديدة لعلّ أهمّها الحاجة إلى «نجوم» مناطقيّين، ودخول جيل جديد من الورثة السياسيين دفعة واحدة، والتغيير الذي لجأ إليه بعض الأحزاب ما سبب بوقوع «ضحايا» على الطريق… وهناك ساعون الى الوزارة فضحوا باللوحة الزرقاء، وهناك مَن أطاحت بهم لعبة الأرقام والإحصاءات…
المهم أنّ أكثر من نصف البرلمان كان معرّضاً إرادياً أو قسرياً ليصير من حملة لقب «النائب السابق». والأهم من ذلك، هؤلاء الذين أُخرجوا عنوةً من مقاعدهم وتمّ «نبذُهم» كونهم لا يشكّلون «قيمة مضافة» الى لوائحهم الأم فالتحقوا بلوائح بديلة.
على طول الخريطة الانتخابية، الأمثلة لا تُعدّ وتُحصى عن نواب أُجلسوا في منازلهم، ولعلّ رئيس «تيار المستقبل» هو أكثر مَن استخدم «سكينه» لـ«يقبع» أسماء كانت متجذّرة في بيته الأزرق، بينما قاومت قلّة من المُبعدين «تيار النسبية»، فقفزت الى ضفّة أخرى علّها تجد طوق النجاة في لوائح صدرها أكثر رحابة.
السؤال المحوري: كيف سيردّ هؤلاء «الكف» فيما لو أبقتهم الظروف على مقاعدهم وحالت دون انتخاب أسلاف لهم؟ هل سيعودون إلى «بيت الطاعة» أم أنّ طلاقاً مارونياً وقع بينهم وبين مرجعيتهم السياسية؟ كيف سيكون توازن مجلس النواب بعد التمديد لو وقع؟ هل من الممكن أن يتلاقى هؤلاء في تكتلات وسطية تحمي نفسها من «حيتان» الكتل الكبيرة؟ هل بات توزان 2009 معرّضاً للنسف؟
إلى جانب معضلة النواب «الضائعين»، ثمّة معضلة أخرى تطال مصير التحالفات السياسية. من الواضح أنّ بركان النسبية لم يوفر التحالفات السياسية من حممه. حتى لو تحجّجت القوى السياسية بغاية الانتخابات التي برّرت وسائل مسمّمة للتفاهمات السياسية، فإنّ الضرر وقع وفق تأكيد أكثر من معني.
علاقة سعد الحريري بسمير جعجع لا يمكن لها أن تعود إلى سابق عهدها، فيما سامي الجميل بات «مشرّداً» من دون حليف قوي. أما ما بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» فصارت العلاقة تحتمل الكثير من الاجتهاد…