بعد انسحاب ترامب من النووي… هل تقف المنطقة على عتبة حرب مدمرة؟
الخبير الإستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب يستعرض عبر “لبنان 24” المراحل التي أعقبت توقيع الإتفاق النووي عام 2015 “يبدو أنّ بعض مضامين هذا الاتفاق الذي أُبقي جزءٌ منه سرّياً، شكّل خشيةً لدى جميع الأفرقاء، ولم يطّلع على هذا المضمون إلا الكونغرس الأميركي فقط، وتعتقد إدارة ترامب أنّ هذا الغموض الذي لف الإتفاق سمح لإيران بتطوير الأجهزة البالستية الإيرانية، بحيث تمكّنت ايران من النفاذ من بعض بنود الاتفاق، وعمدت إلى تطوير الأجهزة البالستية، التي من شأنها أن تمهّد لإنجاز صواريخ بعيدة ومتوسطة المدى، وتستطيع أن تتأقلم لتكون حاملة لقنبلة نووية. وهذا ما كان يشير إليه ترامب في جولاته الانتخابية مؤكداً بأنّه لن يسكت عنه”.
هل شكّلت أدوار ايران في الشرق الأوسط دافعاً لدى ترامب للإنسحاب من الإتفاق؟
يشير ملاعب إلى تفاهم كيري – لافروف الذي ساد في فترة الإدارة الأميركية السابقة، الأمر الذي منح روسيا مجالاً كبيراً للعب في مسرح الشرق الاوسط ضمن نفوذها، ولكن ما حصل هو مدّ النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الاوسط، والأخطر من ذلك تمثل بالنفوذ الايراني في اليمن، وما شكّلته صواريخها من تهديد للسعودية، فضلاً عن الصواريخ الإيرانية التي تُستحضر إلى سوريا، والتي شكّلت خطراً على اسرائيل، كل هذه الأدوار الإيرانية فضلاً عن تطويرها للصواريخ البالستية شكّلت دافعاً للترامب للإنسحاب من النووي.
يقرأ ملاعب في خطوة ترامب نوعاً من هز العصا لإيران ليس بقصد إعلان حرب بل لاخضاعها وحملها على الخروج من الشرق الاوسط ،ومنعها من تهديد اسرائيل والسعودية. وكذلك للقول بأن تطوير الصواريخ البالستية دونه عقبات ،لاسيّما وأنّ مدى هذه الصواريخ يبلغ 2200 كلم ويصل الى وسط أوروبا ،وهي صواريخ حديثة وذات حشوة جافة وليست سائلة وبالتالي لا تُكشف حراريا .وترامب يسعى لتحجيم القدرات الايرانية قبل أن تصل الى مكان تستطيع من خلاله أن تفرض نفسها كقوة إقليمية في المنطقة.
وأضاف ملاعب: “أميركا من خلال انسحابها من الإتفاق تقول لإسرائيل للعرب وللعالم لن أسمح لإيران بإمتلاك النووي،وانطلقت إدارة ترامب من غموض الاتفاق في مسألتي الصواريخ البالستية وتوسيع النفوذ الايراني في الشرق الأوسط لوضع حدّ لهذا الغموض الذي سمح بتطوير الصواريخ وبتعزيز حضور ايران في المنطقة.وإذا تمكنت ايران ضمن هذا الإتفاق الذي ينتهي بعد مرور عشر سنوات من صنع قنبلة نووية، أصبح لها وجود ونفوذ كبيرين في المنطقة .وهذا السلاح في حال امتلكته هو سلاح ردعي وليس هجوميا من شأنه أن يجعلها لاعباً أساسياً على رقعة الشطرنج”.
ويلفت ملاعب إلى الشقّ الإقتصادي في خطوة ترامب “فالعقوبات لن تكون فقط على ايران بل تطال كل من يتعامل معها، حتّى لو خرجت اوروبا عن المظلّة الأميركية وبقيت ملتزمة في هذا الاتفاق فهي لن تستفيد من عقود تجارية مع ايران لأنّ كل العقود التي ستبرمها ايران مع اي جهة يجب أن تمر في نيويورك وبالتالي الوضع لن يكون سهلاً، لا سيّما وأنّ ايران لم تؤسس دولة سليمة بل شهدنا دولة رديفة معفاة من جميع القيود برئاسة الحرس الثوري أوصلت شعب ايران الى الجوع والغضب والتظاهر، كما أنّ العملة الايرانية فقدت قيمتها بشكل كبير”.
مما لا شك فيه أن مرحلة ما بعد توقيع ترامب لن تكون كما قبلها، ومنطقة الشرق الأوسط ستشكّل المسرح الأبرز لتبادل الرسائل الدولية، ولعل ما يحدث على أرض سوريا بين ايران واسرائيل أبرز دليل.