“أعصابٌ مشدودة” في لبنان على وقع التداعيات السورية
“أعصابٌ مشدودة” في لبنان على وقع التداعيات السورية
صحيفة الرأي الكويتية
طغى الدويُّ الليلي للطيران الإسرائيلي وصواريخه العابرة الأجواء اللبنانية في طريقها الى مطار «تي فور» السوري، على «الصراخ» الانتخابي في بيروت الموعودة بصناديق الاقتراع بعد 26 يوماً، وعلى «الزغاريد» السياسية بنجاح مؤتمر «سيدر 1» في حصْد نحو 11 مليار دولار لتحفيز الاستثمار في لبنان.
فالبلاد التي «فركت عينيْها» ملياً بعد ليلٍ من الأعصاب المشدودة وجدتْ نفسها فجأة أمام سيناريوهات قاتمة هبّتْ مع «غاز الأعصاب» من دوما المفجوعةِ بوليمةٍ من الموت الصامت، والتلويحِ بردٍّ ربما بأكثر من وابلٍ من الاستنكارات.
وبيروت التي تسعى إلى «تجديد دمِها» السياسي في استحقاق السادس من مايو وسط شبهاتٍ متزايدة على تَعاظُم الفساد، والتي تُكافِح لإبعاد شبح الانهيار المالي ولو بالهروب الى الأمام، تأبّطتْ شراً مع التطورات المتسارعة والدراماتيكية من «فوق رأسها» وحوْلها وعلى تخومها… فثمة كلامٌ أميركي – فرنسي كبير عن أن مجزرة الكيماوي في دوما لن تمرّ من دون عقاب، تقابله تحضيراتٌ روسية – إيرانية لشيء ما في الرد على تَجاوُز إسرائيل للدور «المسموح به» في سورية و«مدّ يدها» على مطار الـ «تي فور» المحروس بخطوط حمر من موسكو وطهران.
وسريعاً استحضرتْ بيروت على وقع هبّات الكيميائي وقرْقعة الصواريخ، الحِبر الكثير الذي سال أخيراً في كبريات الصحف الغربية عن أن احتمالات حرب كبرى تدقّ أبواب المنطقة، ميْدانها سوريا وساحتها الرديفة لبنان الذي توعّده رئيس أركان الجيش الاسرائيلي غادي ايزنكوت بالدمار الشامل في حربٍ لم يجزم بوقوعها لكنه لم يستبعد حصولها قبل نهاية الـ 2018. فالاعتقاد السائد في لبنان أن المنطقة، التي نجتْ من مواجهةٍ بدتْ وكأنها قاب قوسين في فبراير الماضي، على موعدٍ الآن مع موجة من تصعيدٍ يلامس الخطوط الحمر ويضاعف خطر الخروج عن قواعد الاشتباك المعمول بها.
وبهذا المعنى، فإن لبنان العائد للتوّ من باريس بآمال عريضة في إمكان إبعاد شبح «اليوْننة»، وهو الذي يراوده حلم «هونغ كونغ»، وجد نفسه في خضمّ «هانوي» التي لم تبارحه مع تَعاظُم الاستعدادات المتقابلة بين «حزب الله» وإسرائيل لحربٍ مؤجلة يدرك الطرفان أنها ستكون آخر الحروب لأن حجم دمارها يجعلها على طريقة «يا قاتل يا مقتول»، فنجاح تفاديها حتى الآن تبعاً لأولويات اسرائيل والحزب لا يعني استبعاد اشتعالها في ضوء ما قد تذهب إليه مجريات المواجهة الأميركية – الإيرانية، ومِحَكُّها الاتفاق النووي ونفوذ ايران في المنطقة.
وكان لبنان أمس «ممرّاً» للهجوم الاسرائيلي على مطار «تيفور» حيث أطلقت الصواريخ من فوق أراضيه كما أوردتْ وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» قبل ان يبثّ التلفزيون السوري صوراً لصواريخ قيل انها شوهدت في الأجواء اللبنانية «في طريقها» الى «الهدف»، فيما كشف بيانٌ صدر عن قيادة الجيش اللبناني المسار الذي سلكتْه الطائرات الاسرائيلية التي خرقتْ أجواء «بلاد الأرز» في توقيتٍ متزامن مع الهجوم على المطار العسكري ومن دون أن يشير بصراحة الى الترابط بين الأمريْن.
ولم يحجب «صخب» هذا التطوّر «هدير» الانتخابات النيابية التي يستعدّ لبنان لإجرائها في 6 أيار المقبل، والتي ترتفع «حماوتها» على أكثر من «جبهة»، وسط تَحوُّل «سيدر 1» جزءاً من عناوين الاستقطاب الانتخابي الذي تُمليه طبيعة القانون الجديد الذي يكتسب كل يوم «لقباً» جديداً وآخرها «الخنجر المسموم»، أو الذي يعبّر عن «ترسيمٍ» مسبق لحدود اللعبة الداخلية في مرحلة ما بعد الانتخابات ولا سيما من «حزب الله» الذي وبعد إعلانه «الارتداد» الى الوضع الداخلي تحت شعار «مقاومة الفساد»، بلْور أكثر بلسان أمينه العام السيد حسن نصرالله سقف الدخول على الملف المالي – الاقتصادي راسماً ما يشبه «الخطوط الحمر» أمام نتائج «سيدر 1» ومحدداً «الإطار الاستراتيجي» لاستحقاق 6 مايو وأهمية «ضمانة الحضور في الدولة».
فنصرالله الذي «قلّب» في إطلالة انتخابية له عصر أول من أمس «دفاتر» ما قال إنها مساع ودراسات أميركية أجريت العام 2005 لجعْل الجيش اللبناني «يَدْخل في قتال ضدّ المقاومة»، أكد «ان اليوم في لبنان وفي أميركا وفي المنطقة، هناك مَن عاد ليكوّن رهاناً على هذا الصدام وهذه المعركة اي أنه لنشتغل بالجيش، لنأخذه بصِدام مع المقاومة». وقال: «قبل الدخول إلى السياسة، الضمانة هي الحضور في الدولة، الحضور القوي (لنا) في الدولة. وأيضاً ما يشكل ضمانة هو قيادة الجيش وضباطه وجنوده وعقيدتهم الوطنية».
وإذ شدد انطلاقاً من الانتخابات النيابية المقبلة على «وجوب أن يكون للقوى المؤمنة بالمقاومة والداعمة لها حضورها القوي في البرلمان والحكومة والرئاسات»، لفت الى انه «في بعض اللوائح الأخرى سواء في هذه الدائرة، أو في غيرها من الدوائر يوجد أعداء».
وتوقّف عند مؤتمر «سيدر 1»، متوجهاً الى اللبنانيين «أنتم ذاهبون ليصبح خلال سنة، أو سنتين، الدين العام الخاص بكم 100 مليار دولار، وهذا يتطلب أن يكون لدينا نواب وحكومة لا يأتي فيها أحد يركّب عليها ديوناً ليحل مشاكل شخصية»، مؤكداً «عندما تأتي هذه القروض (حبة حبة) مشروعاً مشروعاً فهي تحتاج إلى مناقشة جدية وحقيقية في مجلس الوزراء، في حال كانوا سيناقشون في ما بعد في مجلس الوزراء. ولكن في مجلس النواب أكيد يحتاج إلى نقاش».
وأضاف: «ليست لدي معلومات دقيقة حول ما حدث في باريس، لكن الذي حكي أمس واليوم ضرائب وتبعاتها، وفي كل الأحوال بلاء الضرائب موجود سواء بموضوع مؤتمر باريس أو غيره ونحن في مواجهة اي ضرائب جديدة على الفقراء والطبقات ذات الدخل المحدود، قد نضطر أن ننزل إلى الشارع».