“فيلا سكريبس” في إبل السقي: الياس اللقيس انتقم من الفقر وأعاد بلدته إلى الخارطة السياحية

صدى وادي التيم – أخبار وادي التيم

كفعل إيمان وتجذر بالأرض التي أنجبته والقرية التي عاش فيها أجداده، أنجز ابن بلدة إبل السقي الحدودية النموذجية في جنوب لبنان الياس اللقيس تشييد المرحلة الأولى من المنتجع السياحي التراثي Villa Scrips والذي هو عبارة عن منزل قروي محاط بالبساتين لطالما كانت حلمه منذ الصغر.

المنتجع أصبح شبه مكتمل بمطعمه الذي زينت حيطانه بأحجار تلك الأرض الطيبة وجاهز لاستقبال الضيوف بأبهى حلة، حلة البيت القروي الذي اشتاقت له بلدة إبل السقي بعدما دمرت معظم بيوتها الحجرية المتوجة بالقرميد الأحمر خلال سنوات الحرب، وهي التي كانت إحدى ميزات هذه البلدة على مر الأجيال.

“بلدتنا تحتاج إلى الكثير لكي نضعها من جديد على الخارطة السياحية، والأهم لكي نخلق واقعاً جديداً للبلدة وفرص عمل لأهلها فنجعلهم يتمسكون بالبقاء فيها أو يعودون للعيش فيها لو أرادوا”. هكذا يعدد الياس اللقيس بعض أهدافه من بناء منزله القروي الذي هندسه وشيده بنفسه حجراً بعد حجر في عملية بدأها منذ ثماني سنوات.

في حديثه لـ”جبلنا ماغازين”، يعود اللقيس إلى زمن جده، فيقول: “كان جدي فلاحاً فقيراً يعمل في أراضي أغنياء البلدة وأثر بي كثيراً ما كان يحصل معه وكيف كانوا يعاملونه ويتعاملون معه، حيث كان بعضهم يعطيه قطة بدل المال لقاء عمله المضني”. ويضيف: “كان بيتنا من أصغر وأفقر بيوت القرية، حتى أن القوات الدولية عندما أتت إلى قريتنا بعد أن دمرت خلال الحرب، رفضت فرقة منها اتخاذ منزلنا المهدم والصغير الحجم قاعدة لها. إلا أن أحد الجنود، وهو من شمال النروج، أصر على إطلاح البيت وتحسينه وجعله مكاناً لائقاً لسكن الجنود، وعندما أنهى العمل أطلق عليه اسم Chateau de scrips، وكلمة scrips بلغته تعني”الانتقام من الفقر”. وأنا أطلقتُ على المنزل القروي الذي شيدته اسم Villa Scrips انتقاماً من الفقر وإكراماً لذكرى جدي، وتحقيقاً لحلمي بامتلاك بيت كبير، أنا الذي عشت فقيراً وكنت رغم ذلك مسؤولاً عن إخوتي الثمانية”.

يتألف المشروع من مبنيين. الأول كناية عن غرفة كلسية لمعيشة الفلاح، والمبنى الثاني يضم ثلاث طبقات، ألأول هو القبو، والثاني المطعم والشرفة الملحقة به والثالث هو السطح مع تراس وقناطر وشرفات معلقة مزينة بالزهور، على أن يشتمل على سوق الخان في المرحلة المقبلة. وتحيط بالمبنى البساتين والأجلال، وتطل شرفاته على شمال فلسطين المحتلة ومزارع شبعا وجبل الشيخ ومنطقتي مرجعيون والبقاع الغربي.

تدخل إلى المطعم فترى جدراناً حجرية من كل صوب تزينها صور عمالقة الفن وديع الصافي وفيروز وصباح وغيرهم، على أن تضم لاحقاً صور شخصيات لامعة – كابن البلدة الكاتب سلام الراسي – وأخرى مرتبطة بتاريخ المنطقة، ومنهم شكر الله كرم الذي كان يعرف بطبيب الفقراء، والحاج حنا الذي كان حلاقاً وحكيماً عربياً وطبيب أسنان  يعالج أبناء القرية وكان في الوقت ذاته يصلح بوابير الكاز ويبيع المازوت.

يتميز المطعم أيضاً ببساطة الديكور وروعته في الوقت ذاته. وعندما يجلس الزائر على الكراسي الخشبية ويتذوق المناقيش المخبوز على الحطب ويقدم له النبيذ والأطعمة التقليدية بالأواني الفخارية، ستعود به الذاكرة بلا شك إلى دفء بيت جده ومائدة جدته وأيام الزمن الجميل.

الافتتاح الرسمي لـِ “فيلا سكريبس” جرى منذ أيام برعاية وحضور النائب أنور الخليل ومطران صور ومرجعيون وراشيا للروم الأورثوذكس الياس كفوري ومشاركة حشد كبير من الشخصيات ووفد من قوات اليونيفل وأهالي المنطقة.

وألقى النائب الخليل كلمة في الافتتاح اعتبر فيها أن المشروع هو إنجاز وتحدٍ كبيران، مهنئًا صاحبه، السيد الياس اللقيس، على إرادته الصلبة التي أوصلته إلى تحقيق حلمه. وقال إنه بهذا المنتجع أضاف عاملاً سياحياً كبيراً على المنطقة من شأنه من يحرك عجلة السياحة الداخلية فيها.

نشر هذا المقال عام 2019 في جبلنا ماغازين 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى