الموت في زمن كورونا… جثث “الأحبة” ملفوفة بالأكياس
صدى وادي التيم – لبنانيات
وفيات كورونا في لبنان تخطّت حاجز الألف. ألف وفاة، ألف عائلة فقدت فرداً عزيزاً والأهم ألف وداع منقوص أقل ما يقال عنه إنه غريبٌ عن عاداتنا وبعيد عن الطرق الطبيعية لتكريم الأحبّة.
دفنُ قريبٍ ليس بالأمر السهل، وما كان يخفف ولو القليل من حزن الأهل أي لحمة العائلة والأصدقاء في الأوقات الصعبة لم يعد ممكناً بعد كورونا. فالفيروس ان لم يكن خبيثاً بالمعنى الطبي للكلمة لكنه بلا شك خبيث بالمعنى الإنساني، يبعد العائلات ويتضاعف الحزن بلا كتف يُسند عليه وجع الفراق.
الأمر صعب ودقيق، يؤكّد أخصائي الأمراض الرئوية والإنعاش، رئيس قسم الإنعاش في المستشفى اللبناني الجعيتاوي الدكتور يوسف حدّاد، الذي يصف لموقع “القوات” الإلكتروني المشهد من داخل المستشفى وطرق التعامل مع فقيد توفي بسبب كورونا. “وفيات كورونا تحفظ في براد معزول تماماً بعيداً عن الوفيات الأخرى”، يكشف د. حدّاد. عن أن “الجثة تلفّ بأكياس محكمة من النايلون الشفاف عند الوجه فقط ليتعرّف الأهل على فقيدهم، والإجراءات الوقائية قاسية عليهم لأن الدراسات توصّلت الى اكتشاف أن الفيروس يمكنه البقاء حياً ومعدياً في جسم الميّت لمدّة ثلاثة أيام بعد وفاته، وهذا ما يصعّب عملية نقل الجثة ودفنها”.
ولدفن فقيد كورونا “طقوس” موّحدة بين الأديان والطوائف، فيعقّم الجثمان ويلفّ بأكياس النيلون ثم يضعه فريق مختصّ متخذاً كل الإجراءات اللازمة داخل النعش ويغطّى النعش أيضاً بطبقة من النايلون العازل كما يشرح لنا صاحب شركة لدفن الموتى، جوزف عازار، الذي يوضح أيضاً أن نقل الجثة الى داخل المدافن يتم بعيداً عن الأهل والأصحاب بحضور الفريق المختصّ من الشركة فقط الذين يتوقّون تماماً، بلباس كامل مع وضع الكمامات والتعقيم قبل الدفن وبعده للأفراد وسيارات نقل الموتى. ويشير إلى أن هذا الأسلوب أصبح عادة لدى الموظفين حتى مع الوفيات العادية، تجنباً لأي عدوى متوقعة من مصاب موجود خلال الجنازة.
موجع الشعور كثيراً، يتابع عازار، “فكرة وداع أهلنا وأعزاءنا صعبة، فكيف إذا كان الوداع بحد ذاته ممنوعاً!”.
كما الدفن ونقل الجثة كذلك مراسيم الصلاة والجنازة تختلف بزمن كورونا. فالنعش لا يدخل الكنيسة بل يمرّ بجانبها، وتتم الصلاة على روح الفقيد قرب المدافن بعد نقل التابوت المقفل الى داخل المدفن كما يوضح لموقع “القوات” الأب مروان غانم.
مشاهد مؤلمة استوقفته، “أشخاص قضوا نصف عمرهم على مقاعد الكنسية لم يدخلوها يوم مأتمهم”، يقولها الأب غانم بحسرة. ويأمل أن تنحسر وتنعدم مع اتّباع الإجراءات الوقائية والتباعد وبوادر توزيع لقاح فعّال على بلدان العالم.
يُجمع كل من تحدثنا معهم على أن الأوقات التي تمر بها عائلة فقيد توفي بسبب كورونا صعبة جداً لا يتمنوها لأحد.
الإصابات الى ارتفاع، والوفيات كذلك، ويبقى تجنب هذا الكأس المرّ ممكناً باعتماد الأساليب السليمة للوقاية من الفيروس، ضعوا الكمّامة، اغسلوا يديكم، وابتعدوا عن أحبّائكم مؤقتاً حتى لا يبعدكم الفيروس “الخبيث” عنهم للأبد.
أنطوني بركات -موقع القوات اللبنانية