معارضُ السّيّاراتِ في لبنان تتهاوى.. ١٥ ألفَ عاملٍ بخطر..

 

صدى وادي التيم – لبنانيات /

إنّها الأزمةُ بحدّ ذاتها.. نحن ننتحرُ على البطيء.. هكذا يَصفُ “أحمد”،صاحبُ أحد معارض السّيّارات الجديدة والمستعملة في لبنان، الحالةَ التي وصلت إليها معارضُ السيّارات، فيؤكّد بوضوحٍ على أنّه وبعد ارتفاعِ أسعارِ المحروقات بشكلٍ غير طبيعيّ، وفرض الدولار الجمركيّ “الخياليّ” انعَدَمَ العمل، ولم يعدْ لدى العديد من معارضِ السّيارات القدرة على دفِعِ أجور ورواتب موظّفيها، إذ أنَّ ما نسبته أكثر من ٦٠٪ من المعارض قد خلَت من العاملين، وشرَعَ أصحابُها بإدارتها بشكلٍ شخصيّ.

قضمُ رأس المال

تُشيرُ الدّراساتُ الأخيرةُ إلى أنَّ حجمَ استيرادِ السّيّارات قد تراجعَ بشكلٍ كبيرٍ حيث بلغَ حوالي ٣٠٪ بدءًا من سنة ٢٠١٩، إذ أنَّ سنة ٢٠١٨ والتّي تعتبر آخر سنوات الرّخاء اللّبنانيّ قبل اندلاع ثورة ١٧ تشرين، بلغَ إجماليّ قيمة استيراد السّيارات من الخارج ما يُقاربُ المليار و٤٠٠ مليون دولار، ليسجّل انخفاضًا عام ٢٠٢٠ إلى حدود ٣١٢ مليون دولار.

هذا التّراجع الكبير يعودُ لأسبابٍ عدّة تبدأ أوّلاً بجائحة كورونا، لتُستكمل بالوضع الاقتصاديّ، وصولاً للحالة التي نحن عليها اليوم.

وبالأرقام في سنة ٢٠١٨ سُجّل دخول أكثر من ٤٠ ألف سيّارة جديدة، بينما عام ٢٠١٩ انخفضَ العددُ للنّصف(٢٤٠٠٠ سيّارة مستوردة)، واستمرّ بالانخفاض ليسجّل ركودًا لأوّل مرّة منذ سنوات وسنوات.

إغلاقاتٌ بالجملةِ وآلافُ العائلات مهدّدة

يحذّرُ أحدُ الاقتصاديين المُطّلعين على الملفّ لموقعنا “الأفضل نيوز” من أنَّ معارضَ السّيارات آخذة بالإغلاق بالجملة وهذا ما سيرتدُّ بشكلٍ سلبيّ ومباشر على العاملين بهذا القطاع، إذ أنَّ ما نسبته ١٧ ألف عامل يشتغلُ في قطاع بيع السّيارات، منهم ١٥ ألفًا يعملون بـ٢٢٠٠ معرض مخصّص للسّيّارات المستعملة والمستوردة، إذ أنَّ المعارض الباقية تشكّل فئات السّيارات الفارهة وفئة المعارض التي تسوّق السّيارات الّتي يتمّ شراؤها من السّوق اللّبنانيّة، خصوصاً من شركات السّيارات الجديدة التي تقومُ بعمليّات مقايضة مقابل بيع سيّاراتها.

وعليه فإنّ الأوساطَ المتابعةَ تشيرُ إلى أنَّ هذه البلبة من شأنها أن تزيدَ الانفجارَ الاجتماعيَّ أيضًا، إذ أنّ نسبة استعمال السّيّارات في لبنان قلَّ، فما بالك بشراء هذه السّيّارات.

من هنا تشيرُ دراسةٌ جديدةٌ للدّوليّة للمعلومات إلى أنّ ارتفاع سعر تنكة البنزين هذا العام من 696 ألف ليرة إلى 1,439,000 ليرة، أيّ بارتفاع مقداره 743 ألف ليرة ونسبته 106.7%، قد أدّى إلى تراجع في المبيع وصلت نسبته إلى 30% وفقاً لعيّنة من أصحاب المحطّات وشركات التّوزيع.

المعارضُ فقدَتِ السّيولةَ

أكثر من ٢٥٠٠ معرض قبل ٢٠١٩ انخفض عددها إلى قرابة ١٠٠٠ معرض بعده، هكذا انخفضَت نسبةُ المعارض في لبنان، فبعد الارتفاع الخياليّ بتعرفة الجمرك لم يعدْ أصحابُ المعارض قادرين على مجاراة الأزمة، ما دفعهم إلى الاكتفاء بمخزونهم والعمل على بيعه.

مصادر اقتصاديّة مصرفيّة تشيرُ خلال حديث مع موقعنا “الأفضل نيوز” إلى أنّ المصارفَ وقبل الأزمة الحاليّة كان لديها الدّور الكبير بتنفيذ العمليّات الاقتصاديّة، إذ كانت توفّر القروض، وتسهّل سحبَ الأموالِ وتحويلها، وتوفّر فرصَ دفع المبالغ المستحقّة بوسائل متعدّدة، أمّا اليوم ومع استشراس أزمةِ الدولار لم يعدْ بمقدور المعارض المتوسّطة والصّغيرة أن تعتمدَ على نفسها فقط، إذ أنَّ شحّ السّيولة دفعها إلى الاستسلامِ أمام واقعِ دفعِ إجارات المعارض التي تصلُ لعشرات الآلاف من الدولار سنويًا، ناهيك عن أجور العمّال.

الوضعُ إذًا من الممكنِ وصفهُ بالمأساويّ، إذ أنّ آلاف العائلات ستكون على شَفيرِ السّقوط بين لحظةٍ وأخرى، وهذا ما يَستدْعي خطّة تنشلُ هذا القطاع من الإفلاسِ المُحدق.

جاد حكيم –  الأفضل نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى