حسن محسن زار ابل السقي وكتب ما يلي :
صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم
هي إحدى القرى اللبنانية من قرى قضاء مرجعيون في محافظة النبطية ، تبعد عن بيروت العاصمة 106 كلم ، وتبعد عن صيدا 70 كلم ، وعن جديدة مرجعيون حوالى 8 كلم ، وترتفع عن سطح البحر حوالى 760م ، وتمتد على مساحة 799 هكتاراً (7.99 كلم²).
تسميتها
“آبل السقي” وردت في التاريخ القديم تحت اسم آبل الهواء او المياه او الكروم وربما آبل الزيت. ومفردة “آبل” تعني الروض او الحرج او البستان وقيل المناحة او الكآبة، وفي معجم اللغة تعني الجمال.
أما “السقي” فهي ما يُسقى من الزرع او الارض.
تحد ابل السقي من الغرب جديدة مرجعيون ومن الجنوب الخيام، أما من الشمال بلدة كوكبا ، ويفصلها من الشرق وادي الحاصباني عن بلدة راشيا الفخار.
الوصول اليها
تصل الى البلدة من بيروت عن طريق:
صيدا النبطية كفرتبنيت مرجعيون ابل السقي (110 كلم).
ومن المصنع عبر طريق حاصبيا ابل السقي.
يبلغ العدد الاجمالي لأبناء البلدة حوالى 5000 نسمة ويشكل مغتربوها ما نسبته 60%، هذا بالاضافة الى الباقين الذين لم يشملهم الاحصاء. يقطن فيها حوالى 1000 نسمة ويتوزع الآخرون على مختلف المناطق اللبنانية.
ينتمي ابناؤها الى طوائف ومذاهب عدة منها الروم الارثوذكس والدروز والموارنة و”البروتستانت” والكاثوليك.
يعود تاريخ ابل السقي لعهود قديمة، فأسماؤها المتعددة لها حكآيات.
حدثت في البلدة احداث تاريخية كثيرة، منها ان سلالة أمراء آل معن انتهت فيها. فقبيل منتصف القرن 17 وبعد معركة سوق الخان التي انتصر فيها الاتراك، نجا من آل معن علم الدين الذي لجأ الى البلدة وترك لقب الامارة، وعمد الى تبديل اسمه بعلم الدين الخلوي وذلك لئلا يلاحقه العثمانيون، ثم بنى منزلاً معزولاً وعاش فيه، ولكن المكان المعزول أضحى حيا عامرا بعدما اخذ ابناء العائلة بتوسيعه وبناء منازل قربه، وآخر أحفاد علم الدين هو سليم المعني الذي استعاد لقب الامارة ومات في الارجنتين، وبموته تكون سلالة آل معن قد انقرضت.
عانت ابل السقي من القهر والظلم إبان
الحكم العثماني، والذي تمثل بمأمور مخفر المنطقة ويدعى رجب وكان يسوق الناس ويضربهم بسوطه بطريقة قاسية جدا.
وعلى الرغم من معاناتها، فقد استطاعت البلدة الصمود والوقوف الى جانب الثورة العربية الرافضة للاستعمار الفرنسي آنذاك.
وبالنسبة للاقطاع المحلي، فقد عرفت به عائلة ابو سمرا قبل القرن الثامن عشر حيث كانت تمتلك معظم الاراضي وعمل عندها ابناء الطوائف الاخرى، وكان على رأس هؤلاء الاقطاعيين الياس ابو سمرا. وبرز على زمانه من الدروز آل عزّام، واشتهر منهم بيتر عزام من شعراء الزجل. واستطاع ابو سمرا الاستيلاء على مساحات كبيرة من الاراضي بالاضافة الى سيطرته على قسم من اراضي “الحولة” و”المطلة” و”ابل القمح”، المحتلة حاليا من العدو الصهيوني داخل فلسطين.
وبرز حينها الاديب سلام الراسي الذي كان يقوم بحملة تعبوية لشباب البلدة ضد الممارسات الاقطاعية، وقد استطاع التيار التحرري هدم الروح الاقطاعية والسيطرة على القرار الداخلي من خلال التوعية الثقافية والسياسية.
الحالة الدينية
تنقسم ابل السقي الى حارتين: واحدة شمالية يسكنها المسيحيون حيث يوجد فيها 3 كنائس للروم الارثوذكس والكاثوليك والبروتستانت، والاخرى جنوبية يقطنها الدروز ولهم خلوة واحدة جاء ذكرها في التاريخ ولهذا فإن حالة التعايش مميزة في البلدة التي لا تنسى كلمة الشيخ حسن غبار في حوادث 1860 والتي ابعدت ابل السقي عن الفتن الداخلية عندما قال: “إما نحيا معا او نموت معا”.
قديما، ذاع صيت ابل السقي بسبب زيتونها الروماني القديم والحديث واشجار الجوز والتوت والسنديان وكروم العنب وزراعة البصل ومختلف انواع الحبوب.
وحاليا تكثر زراعة الزيتون والعنب والتين، لكن الزراعة تتعرض لأزمة كبيرة نظرا لنزوح الايدي العاملة .
الى جانب البلدة يقع جبل يدعى “جبل الحمى” وتبلغ مساحته تقريبا 4000 دونم وقد كان في السابق عبارة عن حرش تكسوه غابات السنديان والملول والخرنوب والعرعر. وقامت مصلحة الاحراج في وزارة الزراعة بتحريج قسم منه وشق طريق زراعية في وسطه. وتبلغ المساحات المحرَّجة حوالى 100 دونم، أما المساحة الباقية فهي موضوعة تحت الحماية القانونية ويوجد فيها اشجار برية.
وضع الصناعة سيء للغاية. ويقال بأنه كان فيها مكبسان حديثان لتقطير الزيت، وأقيم فيها مشغل “ارتيزانا” لبناني وبعض الاشغال الريفية
صنفت ابل السقي في الستينات من القرى النموذجية الفلكلورية لجمال بيوتها المسقوفة بالقرميد الارجواني حيث وسعت طرقاتها وشجرت، واعتمدت احدى بيوتها القديمة متحفا يعبر عن التراث القروي الذي يعيشه الفلاح الجنوبي، فكان يحتوي على “السكة، النير، العرزال، المساس”.
ومن الفنادق التراثية دار في الحي الجنوبي يدعى “دار المنزول” حيث كان الفلاح حينها يقدم بيته يوما واحدا لصالح الضيف (الافندي آنذاك).
وهناك منطقة في ابل السقي تدعى القبية تقع جنوب البلدة على بعد 800م وارتفاع يزيد على 300م كثرت فيها الخبريات الغيبية والمغاور العتيقة والحفريات والمنازل القديمة والمعابد والكنائس بالاضافة الى معاصر العنب والزيتون. ويقال بأن ابناء البلدة وجدوا مغارة من الذهب على شكل
ويوجد ايضا مزارع صغيرة تشبه المغاور كمزرعة “القنبرة” المتاخمة لجسر ابو زبلة الذي يفصل اراضي البلدة عن شمال فلسطين ومنطقة المشحدية، واخرى لا تزال أقبيتها عامرة، يوجد قربها حفريات تدل على مغاور ومعاصر عنب ومآوي للفلاحين ومواشيهم.
وكانت البلدة أشبه بالمصيف خصوصا لاهالي الحولة نظرا لطبيعتها المنعشة فكانوا يلجأون اليها هربا من الحر في فصل الصيف.
نظرا لعذوبة مائها وهوائها العليل سميت البلدة “ابل العذبة” حيث ينابيع عديدة كنبع ابل السقي، عين الوادي وعين المهرا. وفي خراج البلدة ينابيع تستخدم لسقاية الماشيه كنبع العتيقة ونبع مار جرجس.
وتصل المياه من نبع شبعا الى منازل البلدة.
عرفت ابل السقي وجوها ادبية وعلمية وابرزها سلام الراسي صاحب المدرسة التجديدية في ادب العامة، ولقب بشيخ الادب الشعبي وله مؤلفات عدة منها: “لئلا تضيع في الزوايا خبايا” “حكي مَرايا وحكي سرايا” “حيص بيص” “الحبل على الجرار” “من كل وادي عصا”..
مراحل الاسر
عرفت ابل السقي ا ل م ق ا و م ة منذ الثلاثينات، وقاد عساف الصباغ ثورة عسكرية ضد اليهود وقد شكل النواة الثورية بعد سيطرة الاستعمار الانكليزي والفرنسي في ميسلون ودمشق. وكانت ابل السقي مركز الثوار الذين عملوا على مهاجمة المستعمرين في الجديدة. ويذكر ان اول شهيد سقط هو فايز علي ملحم في معركة الحولة عام 1932.
وعرف الصباغ بقيادته الجناح العسكري في ا ل م ق ا و م ة الوطنية التي كانت تضرب المتعاملين مع اليهود والمستخدمين في عمليات شراء الاراضي.
وحدثت مرة ان قتل يهودي على يد المقاومين في الاراضي الفلسطينية فرفع اليهود دعوى على عساف ورفاقه في لبنان فاعتقل هو ورفيقه موسى عاصي في مغارة تقع جنوب البلدة على يد قائد موقع مرجعيون “القومندان” الفرنسي “جيريه” واستخدم مع المعتقلين أبشع وسائل التعذيب وحكم عليهم بالاعدام رميا بالرصاص ونفذ الحكم عام 1940.
وفي عام 1948، إبان الحكم الفرنسي تعرض الفلاحون للسلب من قبل الاقطاعيين والفرنسيين. فقام نديم فرحات وواجه 60 جنديا .
ومن ش ه د ا ء البلدة جورج نصرالله الذي استشهد عام 1986 في عملية جبل الشيخ وقد عرِف بتضحياته ووطنيته وقد خاض عمليات نضالية اهمها محاولة تفجير اذاعة العملاء.
صفحة : SAQI ONLINE