من هو الضابط الذي سيفاوض الإسرائيليين؟ .. “بحر من الصبر” ينتظر العدو

صدى وادي التيم – أمن وقضاء

بسام ياسين. اسم يتردد في وسائل الاعلام اللبنانية والعبرية وسيحتل عناوين الصحف والنشرات الاخبارية عند بدء المفاوضات في الناقورة في منتصف الشهر الجاري لترسيم الحدود البحرية وتثبيت البرية بين لبنان واسرائيل. وسيكون الوفد اللبناني برئاسة هذا العميد الركن الذي سيضم عسكريين وخبراء تقنيين في وجه وفد تل أبيب صاحب المراس الطويل في المفاوضات مع بلدان عربية ولن تكون مهمته سهلة امام اللبنانيين في مفاوضات غير مباشرة محصورة بالترسيم فقط وبإشراف الامم المتحدة وبحضور الوسيط الاميركي حيث لا يكون هناك تطبيع ولا من يطبعون. وقع الاختيار على ياسين في هذا الدور التاريخي من طرف قائد الجيش العماد جوزف عون وهما ابناء دورة 1985 وربطتهما على مقاعد المدرسة الحربية علاقة صداقة منذ دخولهما اليها في عز ايام الحرب وامتدت الى اليوم ولا علاقة لياسين بثنائي ” أمل” و”ا ل ح ز ب ”. صحيح انه شيعي لكن طائفته الجيش وهذا ما تثبته مسيرته العسكرية منذ تخرجه طياراً.

في المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس نبيه بري في الاعلان عن اطار اتفاق التفاوض حضر ياسين الى عين التينة بأمر من قائد الجيش وجلس الى مقعد على يمين القاعة من دون ان تبهره الكاميرات الذي ستطارد أي حركة له بدءاً من اليوم. يدخل بري ويشق طريقه الى المنصة ويسير بالقرب من ياسين ولم يلتفت اليه حيث يلتقيان للمرة الاولى.

في نهاية المؤتمر يحصل الحوار الأتي:

– عون: دولة الرئيس أقدم لك العميد ياسين وهو سيترأس وفدنا المفاوض وهو من خيرة ضباطنا.

– بري: اهلا وسهلا. الله يوفقه في هذه المهمة والمسؤولية الوطنية الكبيرة.

– ياسين: شكرا دولة الرئيس. تعليماتك؟

– بري: نصيحتي لك الصبر ثم الصبر.

– ياسين: سأكون بحراً من الصبر.

انتهت المحادثة بهذه الكلمات وعاد بري الى مكتبه بعد ان اصبح هذه الملف في عهدة رئيس الجمهورية والحكومة والجيش.

من هو ياسين ؟

ياسين ابن كفرتبنيت في النبطية نشأ وتعلم في محيطها. فتح عيناه في منزله وهو طفل على البزة المرقطة حيث كان والده حسن عسكرياً في الجيش. وعاش في كنف أسرة متواضعة مادياً لكن سلاحها كان كسب التعليم. وكانت كفرتبنيت على خطوط تماس مع الشريط المحتل الى حين موعد التحرير في آيار 2000.

وعاش ياسين المعاناة مع الاسرائيلي منذ نعومة أظافره. وعرف عنه تفوقه في المدرسة من المرحلة الابتدائية الى الثانوية وعشقه لمادة الرياضيات الى ان اختار التطوع في الحربية فحل في مرتبة متقدمة وتم اختياره تلميذا طيارا وبقي على هذا المنوال. وكان متقدماً جداً من مجموعة المصنفين في التخرج. ورافقه هذا الامر في الدورات التي خضع لها في اكثر من دولة ومنها أميركا. ويتقن الانكليزية بامتياز. ولم تعرف له اي ميول حزبية ولا سيما ان قسماً لابأس به من ابناء دورته يميلون الى جهات حزبية عدة.

ويختصر عارفوه ومتابعوه رحلته العسكرية بعبارة “بسام أبن الجيش”. وتدرج في مواقع عسكرية عدة ولم تحصل معه في اي مشكلات طوال اعوام خدمته وكان محبوباً من مرؤوسيه والضباط والجنود والقطاعات التي تولى الاشراف عليها واخرها تعيينه نائباً لرئيس الاركان للعمليات. وأول كلمة تتردد على لسان كل من يعرفه عند السؤال عنه: “الأدمي أبن بيت وشاب عصامي”. ويعمل على الدوام وفق شعار “أنا أبن المؤسسة العسكرية”. في مواجهات مخيم البارد ضد جماعة شاكر العبسي كان لياسين دور كبير في سلاح الطوافات وتضييقها على المجموعات الارهابية في هذه البقعة عندما تمكن ورفاقه من الطيارين والفنيين في ابتكار جملة من الاساليب ولو عبر طوافات متواضعة الطراز ومن جيل قديم. وكان هذا التطور محل متابعة عن البلدان المصنعة لها. واقدمت القيادة بعدها على ترقية ياسين على وتقدمه على رفاق دورته.

في اوائل العام الفائت تقدم من قيادة الجيش بطلب الاستقالة – كان قائدا لكلية القيادة والاركان- مع نحو 50 ضابطاً بعد تقديم حوافز مالية التي وضعت للتقليل من عدد العمداء.

الا ان عون عاد وطلب منه التراجع عن هذا القرار قبل ان يتم الحديث باشهر عن تقدم مسار اطار تفاوض ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل وبواسطة الاميركيين. وكان قد جرى التداول في هذه المهمة في الاسابيع الاخيرة باسم العميد الركن حسيب عبدو الذي يشغل الى اليوم منسق الحكومة لدى”اليونفيل” ويشارك في الاجتماعات الثلاثية في الناقورة. كذلك طرح اسم العميد الركن الطيار أمين فرحات الذي كان يشغل مهمة عبده قبل تعيينه ملحقاً عسكرياً في المانيا. وعبر الاسرئيليون ومن خلفهم الاميركيين عن انزعاجهم من فرحات في تمسكه بحقوق لبنان في البر والبحر. وعدم تنازله عن فاصلة في اللقاءات الثلاثية.

ويبقى ان الوفد اللبناني يعرف جيدا ان الاسرائيليين سيأتون بكل الخبرات لديهم وفي مختلف الحقول متسلحين بكل الحجج لقضم ما يقدرون من تراب لبنان وبحره. وعلى ياسين ووفده ان يتوقعوا كل شيء وراجعوا كلاما لديبلوماسي لبناني آممي مخضرم يخبر ان تل أبيب ضمت في عداد وفدها الى مؤتمر مدريد في 1991 اساتذة في الفلسفة والفقه الاسلامي والاقليات الى جانب متمرسين في القانون وترسيم الحدود والعلوم العسكرية.

مفاوضات كسر عظم ستكون على أرض الناقورة ولو تحت علم الامم المتحدة ومن غير المفاجىء ان يرافق الوفد الاسرائيلي اساتذة في الاسلاميات والفقه الشيعي والدين المسيحي الى جانب خبراء في علوم البحار والقانون.

لنتوقع كل شيء من الاسرائيلي البارع في اللعب على تناقضاتنا

الهديل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!