29 أيار اليوم العالمي لحفظة السلام

 

صدى وادي التيم – من الصحافة العالمية

 

 

كلمة #معهد_جنيف_لحقوق_الإنسان بمناسبة #اليوم_العالمي_لحفظة_السلام
المرأة مفتاح السلام
في التاسع والعشرين من أيار/ مايو من كل عام ترفع القبّعات في جميع بقاع العالم، تعظيماً وإجلالاً لأولئك الجنود المجهولين (حفظة السلام) الذين يعملون ليل نهار من أجل تثبيت دعائم الأمن والاستقرار في بقاع الأرض دون تمييز أو محاباة قوم دون قوم، أو عنصر دون الآخر ولا يأبهون بدفع أرواحهم ثمناً لهذه الغاية النبيلة،
في الاحتفال باليوم العالمي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة والذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرارها 57/129؛ ففي مثل هذا اليوم من عام 1948 أنشئت أول بعثة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة، وهي بعثة الأمم المتّحدة لمراقبة الهدنة بين (الكيان الإسرائيلي) والدول العربية في الشرق الأوسط. وظلّ يتجدّد الثناء في هذا اليوم من كل عام، على المهنية والتفاني والشجاعة التي يتحلّى بها الرجال والنساء العاملون في عمليات حفظ السلام، ممّا يضع على عاتق الإنسانية عامة، تكريم ذكرى أولئك الذين فقدوا حياتهم في سبيل السلام، وفاء لما بذلوه في سبيل تحقيق الغاية السامية التي تعمل لأجل إرسائها منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان علماً بأن أعداد من فقدوا أرواحهم من العسكريين والمدنيين التابعين للأمم المتحدة أكثر من ثلاثة آلاف منذ العام 1948. وتزداد هذا العام مع تفشّي جائحة كورونا التي يبذل فيها أولئك الجنود المجهولون من حفظة السلام جهداً كبيراً من خلال الجيش الأبيض الذي يعدّ واحداً من حفظة السلام عبر رسالته الإنسانية التي مآلها إنقاذ حياة البشرية من خطر مدلهمّ لم يبالوا من دفع أرواحهم فدى لغيرهم بمواجهته.
إنّ عمليات حفظ السلام تتميّز بتمتّعها بالشرعية، وتقاسم الأعباء، والقدرة على نشر القوات وأفراد الشرطة من جميع أنحاء المعمورة، والاحتفاظ بهم، ودمجهم في حفظة السلام المدنيين من أجل النهوض بولايات متعدّدة الأبعاد. ويوفر حفظة السلام التابعون للأمم المتحدة الأمن، ويقدّمون الدعم السياسي، والدعم اللازم لبناء السلام، لمساعدة البلدان على التحوّل من الصراع إلى السلام؛ إذ يمثل حفظ السلام التابع للأمم المتحدة شراكة عالمية فريدة؛ فهو يضم الجمعية العامة ومجلس الأمن، والأمانة العامة والبلدان المساهمة بقوات وأفراد شرطة، والحكومات المضيفة في إطار جهد مشترك للحفاظ على السلام والأمن الدوليين. وتكمن نقاط قوته في شرعية ميثاق الأمم المتحدة وفي المجموعة الكبيرة للدول المساهمة التي تشارك وتقدّم الموارد الثمينة.
إنّ في احتفال اليوم العالمي لحفظة السلام رسالة للعالم أجمع بأن السلام هدف تهون دون تحقيقه المُهج، ولذلك ينبغي أن يعي الجميع ضرورة المحافظة على العيش في سلام لأنّ الاستقرار يستحيل إذا تزعزع الأمن، ممّا يوجب العمل على التوعية المستمرّة للجميع، والتدريب والتأهيل لعناصر من مختلف الفئات تعمل على عكس السلام في ثوب يستهوي الجميع بشتى الوسائل بما في ذلك المناشط الأدبيّة والفنّية، ليكونوا بذلك رسل سلام يقدّرهم الكلّ؛ مضافين إلى عناصر حفظة السلام من العسكريين والمدنيين الذين اعتمدوا لدى منظمة الأمم المتحدة عبر تاريخها الطويل، ولا ننسى دور الكثيرين من الجنود المجهولين الذين يعملون في تفانٍ ونكران ذات خاصة في هذا العام، حيث كبرت التحديات والتهديدات التي يواجهها العاملون والعاملات في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة عن الماضي بكثير؛ فحفظة السلام مثلهم في ذلك مثل غيرهم من بني البشرية في جميع أرجاء العالم، مضطرون إلى التصدّي لجائحة كورونا، كما أن عليهم أيضاً دعم وحماية السكان في البلدان التي يعيشون فيها. ولذا فهم يبذلون قصارى الجهد في مواصلة أداء واجباتهم ودعم الحكومات والسكان المحليين على الرغم من خطر الجائحة.
ويجدر بنا في احتفال العام هذا الاعتراف بدور العنصر النسائي في عمليات حفظ السلام الذي لا يقدّر بثمن في مجريات تلك العمليات؛ فهن يساعدن على تحسين الأداء العام للعمليات، كما أن لديهن قدرة أفضل للوصول إلى المجتمعات المحلية (وبخاصة النساء) ممّا يساعد –بالتالي- في تعزيز حقوق الإنسان وحماية المدنيين، كما أنّهن يشجّعن غيرهنّ من النّساء على أن يصبحن جزءاً لا يُستغنى عنه في عمليات حفظ السلام والعمليات السياسية، وهذا يتطابق مع دعوة الأمم المتحدة — من خلال قرار مجلس الأمن 1225 والقرارات ذات الصلة اللاحقة به، فضلاً عن إعلان الالتزامات المشتركة بشأن عمليات حفظ السلام — إلى زيادة مجال عمل المرأة ومساهمتها في عملياتها، بما في ذلك قوات حفظ السلام النظامية دون تمييز في ذلك بين الجنسين.
معهد جنيف لحقوق الإنسان يشارك العالم في هذا الاحتفال المخصّص لحفظة السلام ويدعم المبادرة التي أطلقها الأمين العام والمنادية بـ “العمل من أجل حفظ السلام”، والتي تدعو إلى إعادة تركيز قوات حفظ السلام على التوقعات الواقعيّة، وتقوية بعثات حفظ السلام وزيادة تأمينها، وحشد دعم أكبر للحلول السياسية، ونشر القوات ذات التجهيز والتدريب والتنظيم الجيّد، .ولا يفوت معهد جنيف لحقوق الإنسان أن يشيد بالقيمة المضافة التي قدّمها ويقدّمها الجيش الأبيض وهو في الصفوف الأمامية لمواجهة جائحة كورونا من أجل صحّة وسلامة الآخرين. ويستغل المعهد هذا اليوم ويناشد كافة الدّول أن تعمل على حماية المدنيين العزّل والمحافظة على السلام واستدامته، والحدّ من انتشار الأسلحة إلا لمن يخوّل لهم القانون حملها؛ ليس عدواناً ولكن حماية وتأميناً، وعدم التعرّض لحفظة السلام من المدنيين والعسكريين أثناء قيامهم بمهامهم، ويخصّ الدّول الّتي تعاني فيها –كثيراً- بعثات الأمم المتحدة من الاعتداء في بعض دول أفريقيا وبعض دول الشرق الأوسط والتي يُعرِّض فيها حفظة السلام أنفسهم للخطر في سبيل حماية المدنيين من أعمال العنف يومياً وتدور رحاها غالباً بين بعض الجماعات المسلحة الخارجة عن قوانين بلدانها ويدعو معهد جنيف لحقوق الإنسان جميع الأطراف المتنازعة في تلك الدول إلى الاحتكام للحل السياسي بديلاً للحلّ العسكري. وينوّه المعهد لضرورة الدعم المادي والفنّي المستمر بتوفير كافة المعينات للعاملين في عمليات حفظ السلام، والتي من شأنها جعل العالم مستمتعاً بالأمن والاستقرار الذي يكفل التنمية المستدامة.
جنيف 29 مايو 2020م

وكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى