هنا ليست فلسطين

 

 

كتبت صحيفة “النهار ” تقول : لعل العبارة الافضل تعبيراً التي كتبت على جدران العزل في وسط بيروت هي: “هنا ليست فلسطين”

في اشارة ‏الى جدار العزل الذي اقامته اسرائيل في وجوه الفلسطينيين. فبيروت التي شرعت أبوابها لكل الوافدين والسياح، ‏لكل الثقافات والحضارات، مقفلة اليوم على أبنائها من غير الوزراء والنواب. وقد استمر نقل البلوكات الاسمنتية ‏طوال الليل لاقفال كل الطرق، بعدما ارتفعت جدران اسمنتية وحواجز حديد وأسلاك شائكة في اليومين الاخيرين ‏في محيط ساحة النجمة والسرايا الحكومية لتقطع أوصال المدينة كما لم تفعل يوما قوى الاحتلال أو الميليشيات ‏المتحاربة‎.‎ ‎ ‎ الجدران والحواجز مؤشر للخوف من عدم توافر الأمن، وهذا بدوره دليل على فشل السلطة بكل وجوهها ‏ومجالسها وأجهزتها في فرض الامن واحلال السلام في وطن عاش اختبارات الحروب والنزاعات وذاق ويلاتها، ‏والاصعب هو مراقبة تسلل الوزراء والنواب بعيداً من عيون الناس وخوفاً منهم بعدما تراجعت الثقة بهم الى الحدود ‏الدنيا. الأجهزة الامنية تحمي اليوم مسؤولي الدولة من ناسهم ومن ناخبيهم، وتعطل كل الاعمال التي تعاني الركود ‏أصلاً، وتزيد اللبناني إذلالاً‎.‎ ‎ ‎ ‎ ‎مجلس النواب يقرّ موازنة أرقامها المخفوضة “وهميَّة‎”‎بدا ان الجدل حول قانونية انعقاد جلسة مجلس النواب لمناقشة مشروع موازنة 2020 واقراره، في ظل حكومة ‏جديدة لم تنل الثقة بعد، ولم تحضر هذا المشروع، بل ورثته عن الحكومة المستقيلة، ولم تطلع عليه أو تناقشه، أشبه ‏بإضاعة الوقت، في ظل اصرار الرئيس نبيه بري على عقد الجلسة، وعدم تجرؤ كتل نيابية كبيرة على الاعتراض ‏فعلاً عليه، خوفاً من اتهامها بالتعطيل بما له من تداعيات سلبية، أو مسايرة لرئيس المجلس وتواطؤاً معه، كما ‏يحصل باستمرار لدى مكونات السلطة الحاكمة التي تبقي خيوطاً متصلة تسمح بتخطي الحواجز وحتى الاصول ‏القانونية في أحيان كثيرة‎.‎ ‎ ‎ واذا كانت الموازنة حاجة ضرورية لانتظام العمل في المؤسسات، وهي تتضمن” خطوات تهم المواطنين، منها ‏رفع الضمان على الودائع من 5 ملايين ليرة الى 75 مليون ليرة، الأمر الذي يطاول 86 في المئة من اللبنانيين، ‏وتسقط التعقبات عن المتعثرين في القروض السكنية والصناعية والزراعية والسياحية والبيئية حتى نهاية ‏حزيران، وتمدد مهلة الاعفاءات على الغرامات ستة أشهر، كما ترصد 25 مليار ليرة لتثبيت عناصر الدفاع ‏المدني، وتؤمن الاعتمادات اللازمة بقيمة 12 ملياراً لـ 12 ألف مضمون اختياري للدواء والاستشفاء” كما قال ‏النائب ابرهيم كنعان، فإن المشكلة تكمن في الأرقام الوهمية، فعلى رغم خفض لجنة المال والموازنة 800 مليار من ‏المشروع الوارد من الحكومة، وفرض الرقابة على القروض والهبات، وتحويل أموال شركتي الخليوي والمرفأ ‏مباشرة الى خزينة الدولة، ما يسمح بوقف الهدر في هذا المجال، فإن الخفض في الواردات سيبقي التحدي قائماً ‏ويزيد الازمة تفاقماً. وستكون الأرقام التي بنيت عليها الموازنة غير موجودة، في رأي الباحث الاقتصادي معن ‏برازي، وستحلّ مكانها أرقام جديدة لا علاقة لها بالأرقام القائمة‎.‎ ‎ ‎ أما الأبرز في هذا المجال، فهو في تحديد الموازنة السياسات المالية للدولة ورؤيتها الى جملة من التحديات، وهي ‏نقاط لن تكون الاجابة عنها ممكنة في المشروع قيد البحث. وثمة اسئلة لا تجد أجوبة في المشروع مثل: ما هو ‏الموقف الرسمي من الاستدانة والاستحقاقات وفرضية التخلف عن السداد؟ ما هو الموقف الرسمي من إعادة هيكلة ‏ديون لبنان؟ هل هي إحدى أولويات وركائز برنامج الحكومة للحد من الانهيار وإعادة النهوض الاقتصادي؟ ما هو ‏الموقف الرسمي من حجم الدين الكبير جداً للبنان، وهل تعتبره غير مستدام نظراً الى ديناميته السلبية في ظل ‏الانكماش الاقتصادي المتوقع والذي يُقدر بأنه قد يشارف اكثر من 12% سلباً، اضافة الى مستوى الفوائد ‏المرتفعة، مع الاشارة الى أن ميزانيات المصارف ومصرف لبنان متهالكة ولا تستطيع الاستمرار في تمويل ‏العجوزات وطبع العملة من دون خنق الاقتصاد وزيادة التضخم والضغوط على الليرة؟ ما هي الاشارة المنوي ‏ارسالها الى الأسواق عن استحقاق ثلاثة اصدارات لسندات الاوروبوندز تتوزّع كالآتي: 1.2 مليار دولار في ‏آذار، و700 مليون دولار في نيسان، و600 مليون دولار في حزيران، خصوصا بعدما تلكأت المصارف اللبنانية ‏عن اعطاء جواب شاف عن عملية “السواب” المقترحة من مصرف لبنان؟ وغيرها كثير من الاسئلة‎.‎ ‎ ‎ أما أمنياً، فبدا ان الحكومة حسمت أمرها بقرار منع اقفال الطرق، وصدر القرار بعدم السماح لأي مجموعات ‏بعرقلة انعقاد جلسة اليوم. وبعدما كان مقرراً الجمعة الماضي ان تتولى القوى الامنية المختلفة ما عدا الجيش تنفيذ ‏خطة لحماية الجلسة والواصلين اليها، صدر بيان مفاجئ مساء أمس عن قيادة الجيش يحذّر فيه من قطع الطرق ‏ويسمح بالاعتراض والاعتصام في الساحات العامة فقط، في ما بدا اغراقاً للمؤسسة التي حاولت مراراً تجنب ‏المواجهة مع الناس، في المهمة الامنية لضمان عدم فشلها، وتجنباً اضافياً لاتهامها بغض النظر عن بعض الحراك‎.‎ ‎ ‎ في المقابل، دعت مجموعات في الانتفاضة الى تجمعات اليوم في عدد من المناطق وخصوصاً في وسط بيروت ‏للاعتراض على مشروع الموازنة وعلى الجلسة ككل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى