عمليات سلب متزايدة تهدد اللبنانيين في بيوتهم

تشير التقارير الأمنية إلى ارتفاع عدد حالات السرقة منذ بدء العام 2019

شهد لبنان حروباً وضائقات اقتصادية عديدة، لكن لم يصل المواطن اللبناني يوماً إلى التخوف من مجاعة قد تواجهه. فمعظم التقارير الاقتصادية لا تبشر بانفراج قريب. كما أن العديد من اللبنانيين يحصلون على نصف رواتبهم فحسب، إضافة إلى أن العشرات من المؤسسات التجارية تقفل أبوابها. وحتى من يملكون المال لا يستطيعون الوصول إلى حساباتهم بسبب السياسات المصرفية المتبعة حالياً.

مر على الانتفاضة اللبنانية أكثر من 100 يوم، ولا حلول عملانية يلمسها المواطن. وهذا ما دفع بكثيرين، بعدما فقدوا ثقتهم بالمصارف، إلى الاحتفاظ بمدخراتهم في البيوت. ما أسهم في تزايد عمليات السرقة والنهب والخطف والسلب بقوة السلاح، مع ما يرافق هذه الحوادث عادة من جرائم قتل أو تعدٍ بالضرب والتحطيم والتخريب.

عصابات سرقة

تشير البلاغات الأمنية الرسمية الصادرة عن قوى الأمن الداخلي إلى حوادث يومية تتعرض لها الصيدليات والمنازل والمحال التجارية، وحتى صناديق الكنائس لم تسلم من السارقين.

وبحسب ما تقول مصادر أمنية لـ “اندبندنت عربية”، فإن “لا رابط بين تخزين المواطنين أموالهم في البيوت أو الاحتجاجات وبين ازدياد حالات السرقة في لبنان أو التخوف من ازديادها”، مشيرة إلى أن أعمال السرقة والجرائم ازدادت مع بداية عام 2019، أي أن السبب المباشر هو الوضع الاقتصادي الصعب.

ووفق الحالات التي تصل إلى مديرية الأمن الداخلي، فإن معظمها تقوم بها عصابات تحاول استغلال الوضع قدر المستطاع، أي أنهم ليسوا لصوصاً بدافع من فقر مستجد، بل لهم تاريخ إجرامي سابق. وتشير إلى أن “غالبية من يقومون بهذه الأعمال هم من المدمنين على المخدرات”.

وتضيف أنه وفق أرقام رسمية خاصة بقوى الأمن الداخلي، فإن معدل السرقات بين عامي 2018 و2019 ارتفع بنسبة 13 في المئة. ففي عام 2018، وقعت 1391 جريمة سرقة، أي ما يعادل 116 جريمة شهرياً تقريباً. أما في عام 2019، فارتفعت الجرائم إلى 1537، أي 128 جريمة شهرياً.

وتشير هذه المصادر إلى أن “المفارقة هي أن عام 2014 شهد المعدل الأعلى من السرقات الشهرية، التي وصلت إلى 190 حالة، على الرغم من أن الوضع الاقتصادي لم يكن صعباً كما هو حالياً. ما يدل على أن أسباب ارتفاع أو تدني عدد الجرائم يرتبط بعوامل متعددة”.

وعلى الرغم من أن تعامل القوى الأمنية مع الاحتجاجات يستهلك جهدها الأكبر، إلا أن التنسيق والتعاون بين هذه الأجهزة يؤدي إلى نتائج مهمة، منها السرعة في كشف ملابسات الجرائم والقبض على المجرمين.

حالة البقاع

في محافظة البقاع تبدو الحالة أكثر سوءاً. إذ يقول مصدر أمني إن “موقع البقاع الجغرافي وقربها من الحدود السورية تجعلها أكثر عرضة للحوادث الأمنية، مقارنة ببقية المناطق اللبنانية. كما أن هذه الظاهرة بدأت بالتطور فيها منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، أي مع بدء اندلاع التظاهرات. ذلك أن قطع الطرقات كان يعيق عمل القوى الأمنية”.

ويضيف أن “بعض حالات الخطف، أدت إلى القتل، كما في حادثة حسين المذبوح حيث اقتحم منزله أفراد من عائلة المصري في بلدة علي النهري في البقاع الأوسط بقصد خطفه، وعند مقاومته لهم أردوه قتيلاً، وأطلقوا النار على والده ثائر المذبوح، ما أدى إلى إصابته إصابة خطيرة”.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، “هجم أشخاص من عائلة المصري، عبر قذائف وأسلحة رشاشة، على مستشفى رياق وكان الوضع أشبه بمعركة”.

حديث المصدر الأمني يتفق مع ما جاء في المؤتمر الصحافي الذي عقده حينها رئيس مجلس إدارة المستشفى الدكتور محمد حمد العبدالله. إذ كشف أن الهجوم كان بقصد اغتياله بعد محاولة فرض خوات على المستشفى، قائلاً “لا يأبهون لرادع قانوني أو ديني أو أخلاقي أو عرف اجتماعي”، مشيراً إلى أنهم حاولوا “إرهاب المرضى والجسم الطبي، بغية ابتزازنا وفرض الخوات”.

يتابع المصدر الأمني أنه “على الرغم من معرفة الأجهزة الأمنية أسماء وأماكن وجود المعتدين أي طليا وبريتال (بلدتين في البقاع الشمالي)، لكن لم تحصل أي عملية مداهمة من قبل الجيش أو الجهات الأمنية المختصة”.

ويشير المصدر الأمني إلى “سرقة 40 سيارة في ليلة واحدة من ديسمبر من مدينة زحلة وبرالياس ومجدل عنجر وسعدنايل، وهي بلدات في البقاع الأوسط”.

لكن ما حدث في اليومين الماضيين، في 22 و23 يناير (كانون الثاني)، هو الأخطر. إذ تبادل أفراد من بلدة جلالا (غالبية شيعية) وأفراد من سعدنايل (غالبية سنية) الاعتداءات على باصات النقل والسيارات. كما تم الاعتداء على فريق عمل تلفزيون MTV اللبناني. ما استدعى مخابرات الجيش لإقامة حواجز ظرفية على ​طريق زحلة-​ ​سعدنايل، وفتح الطرقات بالقوة.

نبيل التن رجل أعمال من مدينة زحلة، أقدم أفراد من عائلات جعفر وطالب ودندش على خطف ابنه (29 سنة)، وفق روايته. ويقول لـ “اندبندنت عربية” إن المعتدين ضربوا ابنه بقصد سرقة سيارته.

وإذ يشير التن إلى أن “مخابرات الجيش تقوم بعملها على أكمل وجه”، فإنه يؤكد أن مواجهة “هذه العصابات تحتاج إلى تضافر الجهود كي تُوقف أعمالها الإجرامية”.

سوسن مهنا – اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى