اذا أردت فهم أسباب الحراك… ابحث عن نفط لبنان

 

من ثورة الواتسأب الى حلقات الدبكة و الرقص وصولاً الى قطاع الطرق و الأرزاق فإن كل ما جرى خلال ٣٦ يوماً من الاحتجاجات لا يرقى الى مستوى ثورة وحتى حراك ،ما يجري هو مجرد اضطرابات و فوضى منظمة قطّعت أوصال الوطن واستغلتها قوى سياسية معروفة داخلية و خارجية ،لحق بها أخيراً جمهور الرئيس المستقيل سعد الحريري في محاولة للصغط في الشارع للعودة من موقع القوة.

في نفس الوقت ، يجب الإشارة الى الحراك الحقيقي الذي لم يضيع البوصلة ،وهو الذي تقوم به الأحزاب اليسارية الوطنية وان كان الاعلام المأجور مجحفاً بحق هذا الحراك الذي صوب تحركاته نحو مكامن الفساد الحقيقي اي مصرف لبنان و الأملاك البحرية دون قطع الطرقات و إزعاج المواطنين.

صحيح ان السبب المباشر للنزول الى الشارع كان القرار الأرعن لوزير الواتسأب وصحيح ان معظم الذين نزلوا في الأيام الأولى بسبب الأوضاع الإقتصادية الصعبة و المتدهورة ، فكانت شبه انتفاضة على الجوع و الفساد، الا انه وبعد يومين بدأ ركوب الحراك من هب و دب من قوى خارجية وداخلية فانسحب الجزء الأكبر من الشارع ليبقى قطاع الطرق الذين تديرهم و تأمرهم جهات معروفة، دون أن ننسى بعض الوطنيين الذين أجحفهم الاعلام في تغطية حراكهم الصادق .

هذا عرض سريع لما جرى خلال هذه الفترة العصيبة ، وبعض الاسباب السطحية ،لكن اذا أردنا الغوص في الأسباب الكامنة و المخفية فما يجري في لبنان ليس منفصلاً عما يحصل في العراق و ايران و بوليڤيا و فنزويلا وحتى سوريا.ما يجمع هذه الدول أمران الأول أنها ممانعة للغطرسة الامريكية و السبب الأهم هو الاحتياطي الضخم من الموارد النفطية المتوقع اكتشافها في هذه البلدان .

بالعودة الى لبنان فإن احتياطي الغاز الطبيعي المتوقع اكتشافه في لبنان و سوريا سيصل الى ٩٪؜ من الاحتياطي العالمي.هذا الرقم يفسر مطامع ألولايات المتحدة الامريكية في لبنان و سوريا.

الخطوة الاولى كانت توقيع مراسيم التنفيب عن النفط عام ٢٠١٣ فان استقالة حكومة نجيب ميقاتي وقتها كان سببها الظاهر الخلاف على التمديد للواء أشرف ريفي الا ان التعمق بما حصل وقتها و قبلها وخصوصاً ان الاستقالة تزامنت مع زيارة باراك أوباما الى القدس والضفية الغربية وما واكبها من معطيات ، فاننا نستطيع القول أن وزارة الطاقة من الاسباب الرئيسية التي اراد ميقاتي ان يفرط الحكومة لاجلها، ولكن لاعادة تشكيلها برئاسته، والحديث عن طلبات بريطانية وعن اهتمام اميركي غير مسبوق بالثروة الواعدة، وكلاهما، لا يريدان ما يصفانها بحكومة ا ل ح ز ب  ولا يريدان جبران باسيل على رأس هذه الوزارة الواعدة، من يريد الاستثمار في نفط لبنان البري وغازه البحري، يريد لهذه الوزارة ان تكون بعيدة جداً عن فريق 8 آذار، بل ان وزيراً مقرباً من الرئيس ميقاتي، بات يتحدث عن تهيئة الظروف الاستثمارية للحكومة المقبلة، وأن البلد يحتاج الى ظروف تساعد على النهوض باقتصاده..

الخطوة الثانية كانت تلزيم التنقيب عن النفط و استخراجه وهنا واجه لبنان منذ حوالي السنتين ضغطاً من نوع آخر تمثل في احتجاز الرئيس سعد الحريري الشهير في السعودية وفي هذا الوقت كان إيمانويل ماكرون يبذل كل جهده لتحريره ونقله إلى باريس لا إلى بيروت. ما يحيل إلى سؤالٍ آخر: هل كان كل ما طُلِبَ من الحريري هو الأموال السعودية، وهل كان بن سلمان عاجزاً عن تحصيلها منه؟ فلماذا إذن أًرسِلَ إلى بن زايد؟ وما الذي طلبه منه هذا الأخير؟ وبماذا تعهّد؟ وبما أن الدول لا تعمل كجمعياتٍ خيرية، وبما أنه من المعروف أن الرئيس ماكرون هو ممثل اللوبي المالي والشركات، فما الذي جعل ماكرون يتوسّط للحريري وما هي التعهّدات التي أخذها منه؟ وهل لها ارتباط بالدعم الذي يحظى به الآن؟ وهل بين ماكرون وبن زايد توزيع فروض أميركية– فرنسية؟ الجواب على هذه الاسئلة هو نفط لبنان

الخطوة الثالثة هي بدأ التنقيب عن النفط الذي كان من المفترض ان يبدأ في ١٥ من شهر كانون الاول المقبل …فهل من الصدفة ايضاً تزامن الحراك و استمراره مع هذه الخطوة التاريخية التي أجلت الى بداية العام الجديد بسبب الأوضاه الراهنة

هنا لا بد من الاشادة بما قامت و تقوم به وزيرة الطاقة ندى البستناني من متابعتها واصرارها و عملها الحثيث لتجاوز محاولات عرقلة بدأ التنفيب في البلوك رقم ٤ ومن ثم رقم ٩ على الحدود الجنوبية

اذاً، فإن كل ما جرى منذ استقالة ميقاتي عام ٢٠١٣حتى الثورة الزعومة الحالية هدفه الاساسي هو عرقلة التنفيب عن النفط اللبناني واستخراجه وخاصة ان شركة نوفاتيك الروسية هي من ضمن الشركات التي لزمت التنقيب عن النفط وهذا ما لم تكن تريده الولايات المتحدة . فبعد سوريا وطأت أقدام الدب الروسي شواطىء المتوسط من بوابة لبنان وهذا ما ظهر في كلام فيلتمان بالامس عن ان تقاعص اميركا عن دعم لبنان سيجعل الصين وروسيا يدخلان الى لبنان من بوابته العريضة!!

المصدر : خاص موقع نبض الجنوب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى